بعد مرور ثلاث سنوات على تعيينه مبعوثا للأمين العام الأممي للصحراء خلفا للألماني هورست كوهلر، اقترح الدبلوماسي الإيطالي المخضرم ستافان دي ميستورا، تقسيم الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو، كحل للنزاع المستمر منذ ما يقرب من خمسة عقود، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.
وأوضحت الوكالة أنه في إحاطة لمجلس الأمن خلف الأبواب المغلقة، الأربعاء، قال دي ميستورا، إن التقسيم "يمكن أن يسمح بإنشاء دولة مستقلة في الجزء الجنوبي من ناحية، ومن ناحية أخرى دمج بقية الإقليم كجزء من المغرب، مع الاعتراف الدولي بسيادته عليه".
وأضاف أنه يتعين على الأمين العام للأمم المتحدة إعادة النظر في جدوى دوره كمبعوث إذا لم يتم إحراز تقدم خلال ستة أشهر.
ويؤكد المغرب أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو أقصى ما يمكن أن يقدمه كحل سياسي للنزاع، في حين تصر جبهة البوليساريو على إجراء استفتاء لتقرير المصير. وحث دي ميستورا، المغرب على "شرح وتوسيع" اقتراحه للحكم الذاتي.
وكان المغرب قد وضع لاءات ثلاث أمام المبعوث الأممي، حيث قال وزير الخارجية ناصر بوريطة بعد لقائه دي ميستورا في أبريل الماضي، "لا عملية سياسية خارج إطار الموائد المستديرة التي حددتها الأمم المتحدة، بمشاركة كاملة من الجزائر، ولا حلا خارج إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي، ولا عملية سياسية جدية في وقت ينتهك وقف إطلاق النار يوميا من قبل مليشيات البوليساريو".
فيما تتمسك البوليساريو بإجراء الاستفتاء، رغم أنه سبق للأمم المتحدة أن أكدت في نهاية التسعينات أن تنفيذ خطة التسوية في الصحراء الغربية، والتي تقوم على تنظيم استفتاء يقود إلى خيارين: إما الانضمام إلى المغرب أو الاستقلال عنه، وصلت إلى الطريق المسدود، بسبب الخلافات العميقة بين جبهة البوليساريو والجزائر من جهة، والمغرب من جهة ثانية، حول من يحق لهم التصويت. وفي يناير من سنة 2000 أنهى الأمين العام الأسبق كوفي عنان، تفويض لجنة تحديد هوية الصحراويين، الذين يحق لهم المشاركة في استفتاء تقرير المصير.
التقسيم مقترح قديم
ولا يعد تقسيم الإقليم مقترحا جديدا، فقد سبق للجزائر أن قدمته سنة 2001، وذلك عن طريق إعطاء المغرب إقليم الساقية الحمراء (ثلثا الصحراء) وإعطاء البوليساريو إقليم وادي الذهب (الثلث الباقي) حيث تقيم دولتها المستقلة.
لكن المغرب سارع إلى التعبير عن موقفه الرافض لخيار التقسيم، الذي اقترحته الجزائر بحسب ما يشير تقرير الأمين العام عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء 22 ماي 2003.
وفي شهر أبريل من سنة 2002 قدمت الولايات المتحدة الأمريكية، مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يتبنى الاتفاق الاطار الذي قدمه المبعوث الأممي للنزاع آنذاك جيمس بيكر، مع ادخال تعديلات عليه، وهو ما جعل الجزائر تحتج على المشروع، وسارع مندوبها الدائم في الامم المتحدة آنذاك السفير عبد الله باعلي إلى مراسلة رئيس مجلس الأمن، ودعاه "الى اسقاط مشروع القرار الاميركي اذا لم يؤخذ بعين الاعتبار الخيار الثالث المتمثل بتقسيم الصحراء الغربية بين جبهة البوليساريو والمغرب".
وحث الدبلوماسي الجزائري مجلس الأمن على النظر الى حل سياسي لمشكلة الصحراء الغربية، وأعرب عن "استعداد الجزائر الى استعراض اقتراح تقسيم اراضي الاقليم بين المغرب وسكان الصحراء الغربية". وقال "ان الجزائر تعتقد ان هذا الحل سيكون حلا منصفا وانه يحظى بدعم بعض الدول".
وتفاعلت الحكومة المغربية مع المقترح الجزائري، واعتبرت أن الجزائر من خلال هذا الاقتراح، "تضع نهاية للقصة التي خلقتها حول وجود ما يسمى بالشعب الصحراوي".
وعبرت الحكومة المغربية في بيان لها في حينه عن رفضها "للتقسيم" وقالت "إن المقترحات الجزائرية تبذر بذور قلاقل في المنطقة وتمثل مصدرا لصراعات جديدة وسابقة خطيرة بالنسبة لقارة افريقيا التي تمزقها الحروب".
وكررت الحكومة رفضها "القوي لأي حل لا يتضمن احترام وحدة اراضيه وسيادته على اقاليم الصحراء" مضيفة "ان مقترحات التقسيم مؤامرة جديدة على وحدة اراضي المغرب".