على غرار السنوات الماضية، ستوفد مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، بعثةً مكونة من 274 جامعيًا وواعظًا وقارئًا للقرآن الكريم، من أجل إلقاء المحاضرات وممارسة الأنشطة الدينية طوال شهر رمضان المبارك، في الفترة من 9 مارس إلى 12 أبريل 2024.
وقالت المؤسسة إن ذلك يأتي تجاوبا مع انتظارات مغاربة العالم بفرنسا، وألمانيا، وهولندا، وإسبانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، وكندا، والولايات المتحدة الأمريكية، والسويد، والدنمارك، وبريطانيا، والمجر، والنرويج، وأيسلندا.
تتكون البعثة من 41 أستاذاً جامعياً، و38 واعظاً حاصلاً على الدكتوراه، و 45 خطيباً حاصلاً على شهادة الماجستير، و 60 خطيباً حاصلاً على شهادة الإجازة، كما سيتكلف 60 واعظاً بأداء الخطبة وتقديم حصصٍ لحفظ القرآن الكريم، بالإضافة إلى 30 إماماً مكلفاً بصلاة التراويح.
وأشار مدير قطب التربية والتعدد الثقافي بمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، ابراهيم عبار، إلى أن برنامج "رمضان 2024" يهدف إلى الحفاظ على الروابط مع مواطنينا، مع فتح نقاشات معهم حول القضايا الدينية والمجتمعية، بناء على احتياجاتهم المعلنة. وأضاف أن الأمر يتعلق أيضا، من الناحية التربوية والثقافية، بتكريس وظيفة المسجد كمكان مفتوح للتفاعل المجتمعي.
وصرّح المدير الإداري بمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، عبد الله الجراري، لموقع يابلادي، أن أعضاء وفد هذه السنة، رجالا ونساء، "سيتم إيفادهم إلى بلدان مختلفة في أوروبا وأمريكا الجنوبية. الشمال، لا سيما السويد، الدنمارك والمجر وأيسلندا وكندا والولايات المتحدة".
وقالت الأستاذة والباحثة بالرابطة المحمدية للعلماء، عضو الوفد، أسماء المصمودي، لموقع يابلادي، إنه من خلال هذه العملية، "الهدف قبل كل شيء هو تنوير مواطنينا فيما يتعلق بالمعرفة الدينية والتنمية الشخصية، في انسجام مع القيم الروحية". وأضافت أن "الأمر يتعلق بالأساس بالتفاعل حول مفهوم فقه الواقع، الذي يضع المعرفة الدنيوية في خدمة العلم، على أساس مبادئنا في المذهب المالكي الأشعري وإمارة المؤمنين، وتعزيز الوسطية لتحقيق انسجام أفضل مع الذات ومع المجتمع المضيف".
"بناء على تجربتي، أقوم بتوجيه تدخلاتي وفقا لعناصر الحياة اليومية لإخواني المواطنين في بلدان إقامتهم، وخاصة في السياق العائلي. والهدف هو تكييف الخطاب الديني مع أسئلتهم واحتياجاتهم وتوقعاتهم وتفاعلاتهم العائلية، بلغة مبسطة ومكيفة أيضًا مع فهمهم، سواء كان لغويًا أو علميًا. ويستمر الدعم بعد هذه الفترة حيث نتواصل خارج شهر رمضان".
دعم الدعوة لقيم الانفتاح
كما قال عضو الوفد لسنة 2024، محمد الأخضر الدرفوفي أستاذ التواصل بجامعة محمد الأول بوجدة، لموقع يابلادي، إن هذه المهمة "فرصة لتجديد وتعزيز العلاقات بين المواطنين هنا وفي كل مكان، خلال الفترة المميزة لهذا الشهر المبارك"، وتابع "في هذه الفترة التي تتميز بالمشاركة والتضامن، في ظل الأجواء العائلية التي نعرفها بالمغرب، نذهب إلى مواطنينا في بلدان إقامتهم، لنذكرهم بأننا لا ننساهم وأن البعيدين عن عائلاتهم ليسوا وحدهم".
وتحقيقا لهذه الغاية، فإن "المرافقة لها طابع ديني، ولكنها أيضا عملية نقل ومشاركة للشعائر الإسلامية في البلاد، من حيث العادات والشعائر والقراءات القرآنية على الطريقة المغربية أثناء صلاة التراويح...". وبحسبه "فهي وسيلة للحفاظ على الارتباط بالوطن والحفاظ عليه، مع اقتراح مقاربة الروحانية من الجانب المستنير، بخطاب ديني معتدل، منعاً لأي تطرف"، وأوضح "يتعلق الأمر أيضًا بتقديم الدعم للشباب من الجيلين الثالث والرابع المولودين في الخارج".
من جانبه قال الدكتور في العلوم الإسلامية والأستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بالسمارة إبراهيم آيت أوغوري، عضو بعثة هذه السنة، إن هذا الدعم والتفاعلات الناجمة عنه يأخذ "طابع اللقاءات العائلية مع أفراد الجالية، والذين غالباً ما يستقبلون أعضاء الوفد، كأقاربهم، أو الذين يأتون إليهم في المراكز الثقافية والدينية".
"هذا العمل الروحي لنقل المعارف يسمح لنا أن نتذكر نقاطنا المرجعية المشتركة كمغاربة. وهذا أيضًا هو أساس تدخلاتنا. إنها مسألة الاعتماد على الثوابت التي هي إمارة المؤمنين، والمذهب المالكي، والطريقة الأشعرية، والتصوف المبني على مذهب الجنيد الذي يدعو إلى التصوف الأخلاقي الذوقي".
وبالنسبة لإبراهيم آيت أوغوري، فإن "الهدف هو أيضًا سد بعض الثغرات، التي يمكن أن تفتح الطريق أمام التطرف في غياب الدعم والتوجيه".
وأكد ابراهيم آيت اوغوري، أن "تشجيع تعليم مغاربة العالم الشباب المهتمين بالدين على الاستمرار في القيام بذلك أمر جيد. ولكن الشيء الأكثر أهمية هو ضمان الدعم لهم بالطريقة الصحيحة. وهذا يعني جعل ذلك يتماشى مع فكرة أن الإسلام لا يقوم على العنف والرفض والعزلة والدمار لمحاربة الآخرين، ولكن على عملية الاستفادة من القيم الدينية لأسلافنا".
وبحسب محمد الأخضر الدرفوفي، فإن "الهدف هو إدامة هذا الدعم وتعزيز جانب الوقاية من التطرف الديني، على المدى المتوسط، من خلال الترويج للإسلام المستنير. ولا يمكننا منع أو مكافحة ظاهرة التهديد إلا من خلال اقتراح الحجج المضادة، استنادا إلى النموذج الروحاني المغربي، الذي يهدف إلى تسهيل الحياة اليومية للناس وليس تعقيدها" وتابع "وهذه أيضًا خصوصيتنا في المغرب".