القائمة

أخبار

على متن الدراجة.. خالد العبوبي يساهم في إحياء تاريخ مراكش

يخصص خالد العبوبي، المراكشي الشغوف بالدراجات، وقته لاستكشاف وتوثيق تاريخ شوارع وأحياء مدينته. من خلال مشاركة رؤاه وقصصه على وسائل التواصل الاجتماعي، يسعى للحفاظ على التراث الثقافي لمدينته بالاستناد إلى الأبحاث والدراسات المتعلقة بالتراث الشعبي.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

يعرف خالد العبوبي كل تفاصيل المدينة العتيقة لمراكش، حيث نشأ في الملاح، الحي اليهودي التاريخي. يقوم بمهمة استكشاف وتوثيق شوارع وأحياء هذه المدينة الإمبراطورية القديمة، مُبرزًا جمالها وتاريخها العريق.

على دراجته، التي تُعتبر وسيلة النقل المفضلة للعديد من المراكشيين، يتنقل خالد بين الأزقة الضيقة والأحياء المعروفة، حيث يشارك متابعيه برؤى فريدة حول تاريخ كل شارع ومعلم. يضيف لمسة شخصية لجولاته، مما يجعل المتابعين يشعرون بأنهم جزء من مغامرته الاستكشافية.

كما يحرص على نشر مقاطع فيديو عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، تُساعد الزوار على اكتشاف الممرات المخفية في المدينة، وتمنح المراكشيين في الخارج لمحةً عن الحنين إلى الوطن.

يجمع خالد بين شغفه بالدراجات وحبه للتاريخ. في حديثه مع يابلادي، قال: "في عام 2011، بدأت ركوب الدراجات كهواية. كان الأمر طبيعيًا؛ فأنا نشأت في مراكش، حيث كان لدينا دراجة في المنزل."

انطلقت رحلته لتوثيق شوارع وأحياء المدينة في عام 2012، حين أنشأ صفحة خاصة على "فيسبوك" وبدأ في مشاركة صور ومقاطع فيديو لجولاته في المدينة الحمراء. في البداية، كانت مقاطع الفيديو تفتقر إلى الصوت، مع تعليقات قصيرة تتضمن معلومات عن الأماكن التي يزورها.

لكن مع تزايد حماس متابعيه، عبّروا عن رغبتهم في سماع المزيد من القصص عن كل حي، مما دفعه لتوسيع مشروعه. ويتذكر قائلاً: "في مقاطع الفيديو الأولى، كنت أكتفي بالتجول في الأحياء مع تعليقات مختصرة، لكن مع الوقت، بدأت أسرد القصص."

شغف خالد بالتاريخ والدراجات

في مقاطع الفيديو الخاصة به، يسلط خالد الضوء على تاريخ كل شارع وحي يزوره، مستعرضًا قصص الأسماء والأحداث التاريخية المرتبطة بها. تعكس رؤيته شغفه العميق بتاريخ المدينة وتفانيه في البحث، حيث قال: "المعلومات التي أشاركها حول شوارع وأحياء مراكش تأتي من بحثي المتواضع، ومعظمها مستمد من الكتب التاريخية".

إلى جانب المصادر المكتوبة، يعتمد خالد أيضًا على التاريخ الشفهي، المعروف بذاكرة الشعب. يقول: "أحصل على هذه المعلومات من الأصدقاء وسكان المدينة وأحيانًا حتى من المتابعين". كما يحرص على تسجيل المقابلات مع شخصيات بارزة من مراكش، يستعرضون ذكرياتهم عن الأحياء المختلفة.

يوضح خالد: "تاريخ مراكش غني. فمعظم الأحياء تحمل أسماء أولياء صالحين أو علماء أو حرف، مثل سوق السمارين وسوق النجارين، أو قبائل، مثل درب دوكالة ودرب دمران".

شوارع مليئة بالقصص

عندما سُئل عن أكثر القصص إثارة التي اكتشفها، شارك خالد حكاية ضريح امرأة تُدعى للا ميمونة تاغناوت. قال: "هذا الضريح يقع في وسط الشارع، وكأنه دوار. كان موجودًا قبل إنشاء الطريق، وعندما قرروا تخطيطه، تركوه كما هو".

تروي الأسطورة المحلية أنه عندما حاولت السلطات نقل الضريح، كانت المعدات تتعطل أو يصاب العمال بالمرض. أضاف: "بالطبع، تبقى هذه قصة شعبية". يقع الضريح أمام باب دْبّاغ، وهو بوابة تاريخية لمدينة مراكش العتيقة.

تحتوي الأضرحة غالبًا على قصص مثيرة، وقد شارك خالد قصة أخرى عن امرأة تُدعى فاطمة. قال: "كانت ابنة رجل بارز في عهد الدولة السعدية. يقال إن سلطانًا سعديًا أراد الزواج منها، لكنها رفضت، مما أدى إلى سجن والدها، وماتت في النهاية دون زواج، مكرسة حياتها لتعليم النساء القرآن في مراكش".

بالقرب من مقهى الكتبية، بالقرب من ساحة جامع الفناء، يوجد ضريحان آخران يحملان قصة فريدة. أشار خالد إلى أن "أحد الضريحين موجه نحو القبلة، وفقًا للتقليد الإسلامي، بينما الآخر ليس كذلك". أوضح أن أحد الرجلين دفن في عهد المرابطين، والآخر في عهد الموحدين، حيث قال: "لم يكن للموحدين والمرابطين نفس القبلة".

إلى جانب تقديمه لمعلومات حول تاريخ شوارع المدينة، يساعد خالد أيضًا السياح في إيجاد الطرق الأسرع للوصول إلى المعالم الشهيرة. وأثناء ركوبه الدراجة في مراكش، يرتدي قمصانًا توعوية حول السلامة على الطرق واحترام راكبي الدراجات، بالإضافة إلى التوعية حول الكشف المبكر عن سرطان الثدي.

رغم صراعه الطويل مع المرض، يبقى خالد مصممًا على توثيق تاريخ شوارع مراكش. ويأمل أن يجمع يومًا ما اكتشافاته في كتاب، ليحافظ على القصص والتاريخ الذي جمعه بمحبة لمدينته العزيزة.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال