القائمة

أخبار

دياسبو #321 : مهدي بناني..مغربي يمثل الثقافة المغربية من خلال تصميم ديكورات الأفلام بهوليود

يساعد مهدي بناني في بناء وتصميم ديكورات الأفلام والإعلانات التجارية في هوليوود، حيث يطمح المهاجر المغربي المولود في الدار البيضاء في المساعدة بطريقته، في جعل المغاربة والمسلمين والعرب يشعرون بأنهم ممثلون في الأفلام من خلال تصميم الديكورات.

نشر
DR
مدة القراءة: 6'

عندما وطأت قدم المهدي بناني الولايات المتحدة لأول مرة، أراد أن يصبح مهندسًا معماريًا. وقبل ذلك تخرج من المدرسة الثانوية الفرنسية في الدار البيضاء "ليوطي"، وانضم إلى شقيقه في لوس أنجلوس تلبية لرغبة لوالديهما اللذين يفضلان التعليم الأمريكي.

بمجرد وصوله إلى لوس أنجلوس، في عام 2011، قرر مهدي الالتحاق ببرنامج تأسيسي، حيث ذهب إلى نفس المؤسسة التي يدرس بها شقيقه، بكلية "سانتا مونيكا". وفي كلية المجتمع العامة بكاليفورنيا، التحق ببرنامج تحضيري ليدخل لاحقًا صف الهندسة المعمارية.

وبعد ذلك التحق بجامعة جنوب كاليفورنيا (USC)، وبها بدأ ولعه بصناعة السينما، وتخصص في الهندسة المعمارية، وفاءً بالوعد الذي قطعه قبل مغادرة وطنه المغرب.

"كان لدى جامعة جنوب كاليفورنيا مدرسة هندسة معمارية جيدة جدًا. تمكنت من الانتقال إليها، حيث عملت لمدة عامين في الاستوديو، كنت أرسم وأعمل على برامج الكمبيوتر المتعلقة بالهندسة المعمارية".

مهدي بناني

وعلى عكس توقعاته الخاصة، لم يعجبه التخصص بالقدر الذي كان يتصوره، حيث أراد مهدي أن يكون أكثر إبداعًا، وخلال أول عامين له في مدرسة الهندسة المعمارية، أدرك أن هذا لم يكن المسار الذي يريد اتباعه.

من الهندسة المعمارية إلى تصميم الديكور

عندما كان طالبا، كان مهدي ينجذب إلى السينما وخصوصا تصميم الديكور، هو مزيج بين الفن والهندسة المعمارية والسرد، ويتم التعبير عنه من خلال المساحة والخطوط والأشكال والألوان والأنماط، لإنشاء لغة بصرية قوية لإثراء القصص التي تظهر على الشاشة. وهو أحد ركائز صناعة السينما، بالإضافة إلى التصوير السينمائي وكتابة السيناريو والإخراج.

وقام مهدي بتحويل برنامج الهندسة المعمارية الذي كان مدته خمس سنوات إلى برنامج مدته أربع سنوات، وحصل على الباشلر في الهندسة المعمارية بدلاً من أن يصبح مهندسًا معماريًا كامل الأهلية. وأوضح قائلا "هذه الدرجة تسمح لي بأن أصبح أستاذًا في الهندسة المعمارية ولكن ليس مهندسًا معماريًا. لكي أصبح مهندسًا معماريًا، كان علي إنهاء برنامج مدته خمس سنوات وهو ما لم أرغب في القيام به".

ما أراد مهدي فعله حقًا هو معرفة المزيد عن هذا المجال الجديد، وهو تصميم الديكور. ويتذكر خلال حديثه ليابلادي قائلا "لم أكن أعلم حتى بوجودها، ولم يكن لدي أي فكرة عن أنها مهنة". وأضاف "كان هناك فصل واحد فقط في جامعة جنوب كاليفورنيا يعلم تصميم الديكور. لقد كنت دائمًا شغوفًا بالفيلم، وكان الأمر أشبه بالعثور على شيء يربط بين شغفي بالفيلم والمهارات التي تعلمتها في مدرسة الهندسة المعمارية".

مباشرة بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية، شرع مهدي في البحث عن وظائف في مجال تصميم الديكور. ولمعرفة المزيد عن هذا المجال واكتساب الخبرة، بدأ في القيام بوظائف صغيرة، مثل العمل كمساعد إنتاج في فيديو موسيقي.

وبعد ذلك، تم تكليف مهدي بدور مصمم ديكور لفيلم طلابي. وقال "لم تكن لدي أي خبرة لكنني تمكنت من الحصول على الوظيفة. لكن جعلني ذلك أرغب حقًا في تعلم المزيد وأن أطور من قدراتي. لقد قضيت وقتًا ممتعًا، وكنت سعيدًا جدًا بالقيام بهذا العمل وأدركت تمامًا أن هذا هو الطريق الصحيح بالنسبة لي"

بعد العمل في مجموعات مختلفة من الأفلام القصيرة والأفلام الطلابية، قرر مهدي أن يبدأ دراسته في تصميم الديكور. وتقدم بطلب للالتحاق بمعهد الفيلم الأمريكي في شعبة تصميم الديكور. "تزامنت السنة الأولى مع كوفيد 19، لقد تعلمت المزيد عن تصميم الديكور كمهنة، وما يجب القيام به وكيفية القيام به، والرسم ووضع الخطط". وخلال دراسته، أصبحت المعرفة المعمارية في متناول يديه. وقال "كل الأشياء التي تعلمتها في الهندسة المعمارية عادت لمساعدتي. كل المهارات التي تعلمتها. كان من الجميل أن أتمكن من تجميع كل شيء معًا ومتابعة هذا المسار المهني".

في عام 2022، تخرج مهدي وبدأ العمل في مشاريع مختلفة كمصمم ديكور ومخرج فني، وأوضح بحماس قائلا "مصمم الإنتاج هو رئيس القسم الفني، وهو المسؤول عن كل ما تراه حول الممثلين، وكل ما يلمسونه. على سبيل المثال، إذا كنت تصور في منزل، فإن كل ما تراه داخل هذا المنزل هو من القسم الفني".

يعد فيلم "المصارع"، من الأعمال السنيمائية المفضلة لمهدي، ومثال ممتاز لما يمكن أن يفعله مجال الفنون، تحت إشراف مصمم ديكور. وقال "كان عليهم القيام بالديكور بأكمله من الصفر لإظهار أننا في روما، في زمن الإمبراطورية الرومانية، في الكولوسيوم". وأضاف "الكولوسيوم قديم جدًا ولم يتم ترميمه بالكامل، لذا من الضروري أن نطلب من القسم الفني إعادة إنشاء وبناء ديكور يشبهه".

أما فيما يخص المدير الفني فهو يشرف مرة ثانية على القسم الفني. وقال مهدي "يقدم مصمم الديكور المراجع والصور أو الرسومات، التي يمكن للقسم الفني إعادة إنشائها"، ثم يكون المدير الفني مسؤولاً عن توصيل بقية العملية إلى بقية فريق القسم.

عمل مهدي كمصمم ديكور لفيلم قصير بعنوان "في بلاد العجائب"، وهو الفيلم الذي كان أيضا، مشروع أطروحته، والذي يحكي قصة فتاة مكسيكية تبلغ من العمر ثماني سنوات عبرت الحدود إلى الولايات المتحدة، وبمجرد وصولها إلى بلد العم سام، يموت والدها وتبقى عالقة في إحدى القرى.

عُرض الفيلم في العديد من المهرجانات المحلية وحصل على مجموعة من الجوائز. وقال مهدي "إنها قصة جميلة وصادقة عن الهجرة من خلال عيون فتاة صغيرة. خلال رئاسة ترامب، تم فصل العديد من الأطفال عن آبائهم طالبي اللجوء، وهو الأمر الذي دفعنا لعرض هذه القصة وتسليط الضوء على صعوبة أن يعيش الطفل هذه التجربة”.

بالإضافة إلى الأفلام القصيرة، عمل مهدي في العديد من الإعلانات التجارية، حيث كان مسؤولاً عن الإدارة الفنية وتصميم الديكور، إذ تم تكليفه بتحويل حانة أيرلندية إلى حانة أسترالية، وتم تصويرها كلها في لوس أنجلوس.

تمثيل المغرب بشكل أفضل

ويعمل مهدي حاليًا على فيلم قصير آخر، تدور أحداثه في مسجد في بلدة صغيرة، والذي يجب عليه تصميمه وإعداده بالكامل. وأوضح قائلاً "نحن نتطلع إلى استئجار مركز مجتمعي وتحويله إلى مسجد في بلدة صغيرة، مزود بجميع العناصر التي يمكن للمرء أن يجدها في مكان العبادة هذا".

ومن خلال عمله كمصمم ديكور ومدير فني، يحاول مهدي الآن المساعدة في تمثيل المغرب والمواطنين العرب والمسلمين بشكل أفضل في هوليوود. ويؤمن المصمم المغربي بأن تصميم الديكورات في الأفلام يمكن أن يساعد في كسر الصور النمطية حول هذه المجتمعات.

وأوضح مهدي قائل "إنه شيء أقاتل من أجله في كل مشروع أعمل عليه" وأضاف "من المهم جدًا الآن أن تظهر جميع الثقافات كما هي حقًا، وليس فقط في السينما. يريد الناس أن يروا أنفسهم في السينما ويشعروا بأنهم ممثلون من طرف أشخاص آخرين". وقال مهدي، الذي يأمل في العمل في مشاريع أكبر وإحداث فرق في مجاله "من المهم إظهار الجانب الإنساني للناس في جميع أنحاء العالم".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال