القائمة

أخبار

وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: عندما حول دهاء الحسن الثاني انتصارات البوليساريو إلى هزائم

أشارت وثائق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية تعود لسنوات الثمانينات، إلى أن الحنكة الدبلوماسية للملك الراحل الحسن الثاني، مكنته من تحويل انتصارات البوليساريو في حرب الصحراء، إلى هزائم لها وللجزائر.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

تحدثت وثائق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية رفعت عنها السرية، عن تمكن الملك الراحل الحسن الثاني من تحويل انتصارات جبهة البوليساريو، إلى هزائم لها وللجزائر. ففي وثيقة منشورة يوم 1 أبريل 1983، رفعت عنها السرية يوم 22 دجنبر 2016، قالت الوكالة إن جبهة البوليساريو عانت "من انتكاسات كبيرة مع تكتيكاتها المتاحة التي تهدف إلى إجبار المغرب على التفاوض".

وأوضحت الوثيقة أن هجوم البوليساريو على القوات المغربية في كلتة زمور في أكتوبر 1981 عزز بشكل كبير الدعم الأمريكي للمغاربة، وأضافت "لقد كلف قبول "دولة" المتمردين في منظمة الوحدة الأفريقية، وهي خطوة اعتبرتها البوليساريو في البداية انتصارًا دبلوماسيًا، تكلفة كبيرة للجبهة من حيث الدعم الدولي بسبب التأثير المضطرب للغاية للتكتيك على المنظمة".

وأضافت "لقد خسرت جبهة البوليساريو زمام المبادرة في ساحة المعركة وربما لن تكون قادرة على ابتكار حملة ناجحة من شأنها أن تقوض إرادة المغرب للدفاع عن مطالبته بالصحراء".

وتابعت الوثيقة أن هجوم كلتة زمور والانضمام إلى منظمة الوحدة الإفريقية كانا بمثابة "انتصارات باهظة الثمن"، حيث "استخدم المغرب القوة الكاملة لعلاقاته الدولية ومكانته الإقليمية لتقليص زخم البوليساريو". ومكن الددعم العسكري الأمريكي، المغرب من التغلب "على نقاط الضعف في استراتيجيته الدفاعية ضد المتمردين".

"وأوضحت الوثيقة بأن الجبهة دفعت "ثمناً باهظاً للمبالغة في تقدير قدراتها وإساءة تقدير كل من تصميم المغرب على التفوق في الصحراء الغربية والمواهب الدبلوماسية الهائلة للملك الحسن. في أعقاب انتصارهم في كلتة زمور، راقب المتمردون الملك الحسن وهو يحول الهزيمة إلى محاولة ناجحة للحصول على دعم عسكري أكبر من الولايات المتحدة ودعم دبلوماسي أكبر من الدول العربية والأفريقية".

" الملك الحسن صور ببراعة إدخال صواريخ SA-6s في الحرب على أنه تهديد جديد خطير للمغرب، وصف مسؤول في البوليساريو لاحقًا نتائج معركة كلتة زمور بأنها انتصار عسكري لا جدال فيه، لكنها فشل سياسي واستراتيجي. وأشار إلى أن العاهل المغربي قد استخدم ببراعة استعانة البوليساريو بمعدات متطورة تتطلب مستشارين عسكريين أجانب ومشاركة نشطة من الجزائر وموريتانيا، مما يعزز موقف الملك الحسن من أجل زيادة المساعدة العسكرية الأمريكية الى المغرب".

وثيقة لوكالة المخابرات المركزية

حرب جزائرية بالوكالة

وبحسب الوثيقة ذاتها فإن "الدعم الخارجي للجزائر مهم لبقاء البوليساريو، والتغييرات في موقف الجزائر من الصراع كان لها تأثير مباشر على استراتيجيات وخيارات البوليساريو".

وبحسب الوكالة فإن  الجزائر "ملتزمة بجبهة البوليساريو من حيث المبدأ والمصلحة الذاتية". وعلى الرغم من أن الجزائر تتحدث عن دعمها لحق الشعوب في تقرير مصيرها، إلى أن "الدعامة الأكثر إقناعًا وربما الأكثر ديمومة للالتزام الجزائري تجاه البوليساريو هي التنافس العميق الجذور بين الجزائر والمغرب على الهيمنة في شمال إفريقيا وبالتالي العمل على منع الصحراء من الاندماج في يد منافسها، وبالفعل، فإن عملية منع حدوث ذلك - دعم البوليساريو في نزاع مُنهِك ومكلف - بدت وكأنها غاية في حد ذاتها في ظل نظام بومدين".

وأضافت الوثيقة "تبدو الجزائر أكثر استعدادًا لمتابعة حل دبلوماسي للنزاع حول الصحراء وقد نصحت البوليساريو بشكل عام في هذا الاتجاه. ومع ذلك، لا يوجد دليل على أن الجزائريين على استعداد للتنازل عن أي شيء آخر غير الأمور التكتيكية. إنهم يريدون تنفيذ خطة منظمة الوحدة الأفريقية لإجراء استفتاء في الصحراء، والتي يتوقعون بشكل كامل أن ينتج عنها تصويت من أجل دولة مستقلة".

وتوقعت الوثيقة أن يستمر الجزائريون، "في توفير الملاذ الآمن والأسلحة والمعدات الأخرى لحركة حرب العصابات، ولن يمنعوا تجدد الصراع طالما أنه يعتبر شكلاً مفيدًا من أشكال الضغط من أجل المفاوضات".

وتابعت "يبدو أن الوحدات العسكرية الجزائرية قد شاركت مباشرة في مواجهة واحدة فقط في الصحراء الغربية في أوائل عام 1976. أثارت معركة أمغالا في أوائل عام 1976 شبح تصاعد التمرد إلى مواجهة أوسع بين القوات العسكرية المغربية والجزائرية، وهو الأمر الذي رغب كل من الرئيس الجزائري آنذاك بومدين والملك الحسن في تجنبه".

"شاركت الجزائر بعد ذلك في الحرب بالوكالة فقط، مع زيادة تعزيز قواتها على طول حدودها الغربية بحيث يتم ردع المغرب عن المطاردة الساخنة أو الغارات الوقائية على الأراضي الجزائرية".

وثيقة لوكالة المخابرات المركزية

سور المغرب العظيم

وقالت الوثيقة إن الجدار الرملي المغربي الذي تم بناؤه منذ 1980 والتحسينات الأخرى في الدفاعات المغربية "ستجعل هجمات الوحدات الصغيرة أقل فعالية مما كانت عليه في السابق".

ووصفت وثيقة أخرى للوكالة صادرة في 16 غشت 1985، رفعت عنها السرية في 13 يناير 2012، الجدار الرملي المغربي بأنه "سور المغرب العظيم"، وقالت إنه "مثل بقعة بنية رقيقة عبر الفراغ الرمادي الشاسع للصحراء، يتلاشى في السراب الذي يلمع في الأفق، ويمتد لأكثر من 1500 ميل، من الحدود الجزائرية في الشمال الشرقي، متعرجًا جنوبا، ثم غربًا على طول الحدود الموريتانية باتجاه المحيط الأطلسي عبر صحراء مقفرة وساخنة لدرجة أن الكاميرات لن تعمل ، والغربان لن تطير والحجارة سوداء اللون".

وتابعت "يقول خبراء عسكريون غربيون، وللمرة الأولى، إن الجدار يقلب مجرى الحرب ضد جبهة البوليساريو لصالح المغرب". ونقلت عن الجنرال عبد العزيز بناني "المهندس الرئيسي لاستراتيجية الجدار" قوله إن  "المرة الأخيرة التي حاولت فيها البوليساريو اختراق الجدار بقوة كانت في أكتوبر الماضي"، ومنيت بخسارة كبيرة.

"جذب الجدار انتباه كل من الخبراء العسكريين الأمريكيين والسوفييت باعتباره أحد التطبيقات القليلة الناجحة للتكنولوجيا ضد حركات حرب العصابات".

وثيقة لوكالة المخابرات المركزية

ومن "الفوائد الرئيسية للجدار -بحسب الوثيقة- هي الحد من التوتر وعدم اليقين الاقتصادي في جنوب المغرب. خصوصا في مدينة العيون الساحلية، التي كانت هدفًا متكررًا لهجمات البوليساريو ".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال