بدأ المسلمون يفكرون في فتح بلاد الأندلس في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان، حيث جاء في كتاب "الأندلس من الفتح إلى السقوط" لصاحبه راغب السرجاني، "فكرة فتح الأندلس فكرة قديمة راودت المسلمين منذ عهد سيدنا عثمان بن عفان، لكن المسلمون لم يستطيعوا أن يصلوا إلى هذه المنطقة في المغرب العربي إلا في زمن الدولة الأموية في فترة حكم موسى بن نصير على الشمال الأفريقي".
وبعد وصول الفتح الإسلام إلى بلاد المغرب الأقصى، طلب موسى بن نصير الإذن بفتح بلاد الفرنجة في الأندلس من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، وهو ما حصل عليه، وأرسل في شهر رمضان من سنة 91 للهجرة 710 للميلاد، أحد قادة جنده ويسمى طريف بن مالك فعبر إلى الأندلس على رأس خمسمائة جندي، من أجل معرفة طبيعة البلاد وسكانها، والأماكن التي يمكن للجيش النزول بها.
وبحسب ما يحكي كتاب "قصة الأندلس" لصاحبه راغب السرحاني فقد "قام طريف بدراسة منطقة الأندلس الجنوبية التي سينزل فيها الجيش الإسلامي بعد ذلك، (وقد عرفت هذه الجزيرة فيما بعد باسم هذا القائد فسميت جزيرة طريف)، ثم عاد بعد انتهائه منها إلى موسى بن نصير وشرح له ما رآه".
وفي شهر رمضان من السنة الموالية وبعد مرور سنة كاملة على المهمة الاستطلاعية، أرسل موسى بن نصير، طارق بن زياد رفقة سبعة آلاف من الجنود من أجل فتح الأندلس، فنزل طارق بجيشه على مرتفع جبلي أصبح يحمل اسمه فيما بعد ويعرف اليوم "بجبل طارق"، قبل أن يتوجه لمقاتلة أعدائه.
عندما نزل طارق في بلاد الأندلس ووجه بمقاومة ضعيفة، وأرسل إلى موسى بن نصير من أجل إمداده بمزيد من الجنود، فاستجاب له، فأرسل إليه مالك بن طريف على رأس خمسة آلاف آخرين من الجنود.
والتقى طارق بن زياد مع جيش الروم بقيادة "روزريق" أو "لذريق" الذي كان يحكم الأندلس، في 19 يوليوز سنة 711 الموافق لـ28 رمضان سنة 92 للهجرة، ودارت معركة "من أشرس المعارك في تاريخ لمسلمين" بحسب ما يورد كتاب "قصة الأندلس".
وجاء في كتاب "تاريخ الأندلس" لإيناس محمد البهيجي "يتفق أغلب المؤرخين على أن المعركة الفاصلة التي دارت بين المسلمين والقوط والتي حدت مصير الأندلس حدثت في كورة شذونة جنوب غرب إسبانيا، استمرت المعركة مدة ثمانية أيام من الأحد 28 من رمضان إلى 5 شوال من عام 92 للهجرة ومن 19 إلى 26 يونيو عام 711 للميلاد. ووصفوها بأنها كانت معركة شديدة ضارية، اقتتل فيها الطرفان قتالا شديدا حتى ظنوا أنه الفناء".
ويضيف نفس المصدر أنه "بعد هذا النصر الكبير الذي حققه طارق في معركة شدونة فتحت أبواب الأندلس للمسلمين".
بعد ذلك يضيف كتاب "تاريخ الأندلس" عبر "موسى بن نصير بثمانية عشر ألفا، فأصبح قوام الجيش الإسلامي أربعة وعشرون ألف مقاتل، تم توزيعهم على كل مناطق الأندلس الواسعة وبعض مناطق جنوب فرنسا، كحاميات إسلامية وفاتحين لمناطق أخرى لم تفتح".
ويؤكد المصدر ذاته أن المسلمين نجحوا "في مد دولتهم إلى الأندلس، عندما عبر طارق بن زياد أحد قادة موسى بن نصير والي الأمويين على إفريقية عام 92 ه بجيش قوامه سبعة آلاف مقاتل، واستطاع هذا الجيش بعد أن أمده موسى بن نصير بخمسة آلاف أخرى أن يهزم ملك القوط الغربيين لذريق في معركة وادي لكة والسيطرة في غضون عامين على معظم شبه الجزيرة الإيبيرية، تحولت جيوش لمسلمين شرقا وتوغلت في بلاد الغال حتى وصلت إلى مدينة ليون الحالية".
واستمر الوجود الإسلامي في الأندلس حوالي ثمانية قرون، وقامت في البلاد خلال هذه المدة حظارة عظيمة، مهدت الطريق لعصر النهضة الأوروبية.