اليوم الثلاثاء 1 يونيو، تمر ثلاث سنوات على وصول الاشتراكي بيدرو سانشيز إلى الحكم في إسبانيا. ففي 1 يونيو نجح في وضع نهاية لست سنوات من حكم الحزب الشعبي اليميني.
وتمكن سانشيز بصعوبة في جمع أغلبيته التي لا تخفي بعض أطرافها معاداتها للمغرب، حيث تشترك أحزاب بوديموس، واليسار الكتالوني الجمهوري، والحزب الديمقراطي الأوروبي الكتالوني، وحزب الباسك القومي ، ائتلاف الهيئات القومية الفالنسية، وهيريا بيلدو الباسكي، ونيو كناريا، في معاداة المصالح المغربية.
هذا التغيير في هرم السلطة بإسبانيا، كانت الرباط تنظر إليه بعدم ارتياح. ورغم ذلك وبعد تنصيبه، أعرب سانشيز لمقربين منه أنه يريد أن يكون المغرب محطته الخارجية الأولى، لكن ذلك لم يكن كافيا لطمأنة المغرب الذي أصر على توضيح المواقف السياسية للحكومة الجديدة وخصوصا فيما يتعلق بنزاع الصحراء.
وأمام هذا الوضع، استنجد رئيس الحكومة الاسبانية الجديد برفاقه الاشتراكيين الذين تربطهم علاقات جيدة مع المغرب، وفي 30 يوليوز 2018، وبمناسبة عيد العرش، دافع رئيس الوزراء السابق، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، ووزير الخارجية السابق، ميغيل موراتينوس، عن سانشيز خلال لقاء مع الملك محمد السادس.
وهكذا، وفي 19 نونبر 2018، استقبل الملك رئيس الحكومة الإسبانية. وهو ما مهد الطريق لزيارة الملك فيليب السادس للمغرب في فبراير 2019.
بوديموس يقلب الأوراق
بعد هذه الأزمة الأولى، مرت سنة 2019 هادئة إلى حد ما، حيث حافظ بيدرو سانشيز على الحياد الإيجابي بشأن قضية الصحراء الغربية. وفي شتنبر من العام نفسه، أكد من منصة الأمم المتحدة أن حكومته ترغب في "المساهمة في جهود الأمين العام للأمم المتحدة بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل دائم ومقبول من الطرفين". آنذاك عززت المملكة مراقبة السواحل ما ممكن من تراجع نسبة وصول المهاجرين بـ50٪.
لكن مع دخول تحالف أونيداس بوديموس إلى الحكومة الائتلافية في يناير 2021، انقلبت الأمور رأسا على عقب، وفي 21 فبراير استقبل وزير الدولة المكلف بالحقوق الاجتماعية، ناتشو الفاريز، بمقر وزارته، وفدا من البوليساريو برئاسة "وزيرة الشؤون الاجتماعية والنهوض بالمرأة" سويلمة بيروك.
وتدخلت وزيرة الخارجية الاسبانية أرانشا كونزاليس لايا من أجل تجنب غضب المسولين المغاربة.
ولم تكن هذه الحادثة معزولة، فقد استغل زعيم حزب بوديموس بابلو إغليسياس الذي أصبح وزيرا، العملية العسكرية المغربية في الكركرات يوم 13 نونبر 2020، لإعادة ربط الاتصال بأصدقائه في مخيمات تندوف.
وكتب في تغريدة على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر أن مجلس الأمن في قراره المعتمد في 13 يناير 1995 "أكد من جديد التزامه بتنظيم، دون مزيد من التأخير، استفتاء حرا ونزيها وحياديا لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية ".
مدريد واعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء
دفاع زعيم بوديموس عن أطروحة البوليساريو، عجل آنذاك بتأجيل الاجتماع رفيع المستوى الذي كان مقررا عقده في الدار البيضاء.
بعد ذلك شكل الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء نقطة تحول بارزة في العلاقات بيت البلدين، وبعد أربعة أيام من إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن القرار (10 دجنبر 2021)، قالت وزيرة الخارجية الاسبانية، إن حكومة بلادها بدأت "سلسلة من الاتصالات" مع فريق بايدن من أجل "عودة الولايات المتحدة إلى التعددية" ، موضحة أنه "لا مجال للأحادية في إدارة العلاقات الدولية". وأكدت أن "الأمر متروك للإدارة القادمة لجو بايدن لتقييم الوضع ومعرفة كيف ستضع نفسها وتعمل نحو حل عادل ودائم"، في دعوة مباشرة منها للتراجع عن اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء.
لذلك، لا يمكن فهم الأزمة الدبلوماسية الحالية بين الرباط ومدريد عقب استقبال زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي في مستشفى بلوغرونيو، دون العودة إلى السنوات الثلاث من وجود بيدرو سانشيز في الحكم.
وبينما يربط المغرب دائمًا التعاون الأمني بمصالحه خصوصا وحدته الترابية، تحاول إسبانيا الفصل بين التعاون في مجال الأمن ونزاع الصحراء، وتعتقد أن مناشدتها للاتحاد الأوروبي لمنح المغرب مساعدات مالية مقابل مراقبة أفضل للحدود ستكون كافية لإرضاء الرباط.
ويصر بيدرو سانشيز على أن "إسبانيا هي أفضل حليف للمغرب في بروكسل"، فيما يتهمه المغرب بأنه أصبح العقبة الرئيسية أمام الديناميكية التي أطلقها اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء.