طالب بعض مستخدمي الأنترنيت بالرد على الاستفزازات الإعلامية والسياسية الجزائرية الأخيرة، من خلال دعم مطالب سكان منطقة القبائل، وأعادوا نشر مقاطع فيديو تعود لسنتي 2015 و2016، يتحدث فيها مسؤولون مغاربة عن الموضوع.
وسبق للمغرب أن دافع في مناسبتين عن منح الحكم الذاتي لمنطقة القبائل الجزائرية، من منصة الأمم المتحدة. ففي بداية شهر نونبر من سنة 2015 دعا الدبلوماسي المغربي عمر ربيع، عضو اللجنة الدائمة التي تمثل المغرب في الأمم المتحدة، الأسرة الدولية إلى مساعدة منطقة القبائل الجزائرية، والتي يسكنها أمازيغ، للحصول على حق تقرير المصير والحكم الذاتي.
وقال "الشعب القبائلي يجب أن يسمع وأن يحقق مطالبه.. على الأسرة الدولية أن تساعده في ذلك وترافقه في مشروعه السياسي الذي يجب أن يفض إلى الحكم الذاتي والاستقلال". وأضاف "يجب إظهار وإسماع صوت 8 ملايين شخص عاشوا منذ سنوات في الصمت وفي الخفاء".
وعاد المغرب للحديث عن الموضوع ذاته بمناسبة الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر من سنة 2016، وجاء في بيان للبعثة الدائمة للمغرب لدى الأمم المتحدة أنه "لا يزال أحد أقدم الشعوب في إفريقيا محروما من حقه في تقرير المصير"، أشار إلى أنه "من المؤسف أن التطلعات المشروعة للسكان الأصليين بمنطقة القبايل ما زالت تنتهك في القرن ال21"، مضيفا أن "حقوقهم الإنسانية تنتهك يوميا، كما أن ممثليهم الشرعيين يتعرضون للقمع، وقادتهم للاضطهاد، حتى وهم في المنفى".
لكن بعد ذلك اختفى موضوع القبايل من الخطابات الرسمية المغربية، رغم أن المملكة استضافت في 2016 ولعدة أشهر ناشطين أمازيغيين من حركة المزابيين في غرداية، هما صلاح عبونة وخضير سكوتى، المقربان من كمال الدين فخار، الذي توفي في سجن جزائري يوم 28 ماي 2019، بعدما هربا خوفا من الاعتقال، ثم توجها بعد ذلك إلى مليلية ومنحتهم الحكومة الاسبانية حق اللجوء السياسي.
وفي تصريح لموقع يابلادي قال رشيد راخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي "نحن نؤيده بشدة وندعم جميع مطالب الحكم الذاتي في شمال إفريقيا بشرط أن يتم احترام الوحدة الترابية للدول. نحن نرفض كل الدعوات للانفصالية".
"نحن لا نؤيد الخط الانفصالي الذي تنادي به حركة فرحات مهني. جميع الميول الانفصالية في الريف أو في منطقة القبائل تستغلها أجهزة المخابرات في الدول الأجنبية "
بالمقابل عبر الناشط الأمازيغي يوسف لعرج في تصريح ليابلادي، عن أمله في أن ينآى المغرب بنفسه عن أي تدخل فيما يخص موضوع منطقة القبائل، وقال "قضية القبائل هي شأن داخلي في الجزائر" ، وأوضح أن "المغرب لا يزال أمامه تحديات فيما يتعلق بالتفعيل الحقيقي لمطالب الحركة الأمازيغية مع وضع الجهوية المتقدمة ضمن أولوياته"، وتابع "لا تزال هناك جهود تبذل على مستوى الإدارات التي توجد في المناطق التي لا تتحدث اللغة العربية. على سبيل المثال في الريف بات من الضروري ابتكار حلول تستجيب لخصوصيات السكان المحليين ".
لكن بالمقابل يرى رشيد راخا، أن التأخر الحاصل في تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في المغرب، لا يجب أن يقف أمام دعم الحكم الذاتي للقبائل، وقال إن المملكة سبق لها أن تحدثت عن الموضوع لأول مرة سنة 2015، في "سياق جيوستراتيجي معين".
وأكد أن المغرب "تحدث عن الموضوع آنذاك لرغبته في ابراز الحكم الذاتي كحل للنزاعات الإقليمية في المغرب العربي ومنطقة الساحل. يجب ألا ننسى أن الملك محمد السادس استقبل في 31 يناير 2014، بلال أغ الشريف الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد في مالي، الذي جاء للدفاع عن الاستقلال الذاتي للطوارق الماليين، وليس الانفصال".
"وأضاف أن المغرب أراد "تفعيل الحكم الذاتي لأزواد، وهو ما كان يصب في خدمة قضية الصحراء. لكن الأمور اتخذت منحى مختلفًا بالنسبة للرباط وأزواد مع اتفاقات الجزائر لعام 2015".
وبعد سنة 2016، لم يأت المغرب على ذكر مطالب سكان القبائل، وتتجنب المملكة استغلال المطالب السياسية لأحزاب المعارضة في الجزائر، فقبل فترة طويلة من بروز قضية الحكم الذاتي لمنطقة القبايل، رفضت المملكة في عهد الحسن الثاني تقديم المساعدة للحركات الإسلامية المسلحة في أوائل التسعينيات.
كما أن الملك الراحل سلم في يونيو 1993 عبد الحق لعيايدة أمير و مؤسس الجماعة الإسلامية المسلحة، إلى الجيش الجزائري.