وجاء في الرسالة التي عنونها ب "من يوميات السجن، شهادة تعذيب" قول طارق حماني الطالب البارز في صفوف فصيل "النهج الديمقراطي القاعدي" الذي ينشط داخل الجامعات المغربية،وهو يشرح الأسباب التي أدت به إلى كتابة هذه الرسالة أن الإدلاء بشهادة التعذيب هو شيئ نضالي، وهو مساهمة في كشف الحقائق الغائبة عن المجتمع أو غيبت عنه قصرا، ثم قال أنه تم توزيع الطلبة المعتقلين على" زنازين مختلفة ، إذ لا نلتقي ببعضنا بشكل تام ، أنا الآن أوجد بالزنزانة 1 " بحي الرجاء" و هي غرفة مكتظة بمعتقلي الحق العام ، ننام على "زليجتين" أي حوالي 20 سنتيم ، و هيهات إذ هفوت و تجاوزت حدود "الزليجتين" فقد يتعالى الشتم و السب النابي ، فحينما تستفيق ليلاً و تلاحظ في الغرفة تجد أننا كسمك سردين مستف في صندوق تماماً ، أما الروائح الكريهة خصوصاً بالليل فهي لا تطاق خاصة و أني لا ابعد عن المرحاض إلا بحوالي متر واحد و هو مرحاض مفتوح ، أنت تنام هنا والآخر يقضي حاجته أمامك كما توجد كذلك بعد المرحاض سلة النفايات ، و روائح أخرى تشعر بالاختناق فلا أجد ما أفعله غير لف وجهي في قطعة من الثياب ، فعيني حمراء تسيل بشكل مستمر ، كما أصبت بنوع من الحكة في قدمي و أعلى الفخذ يسيل بالماء و الدم عند الحك و ينتشر في الجسم ، سيما و أني لم اذهب إلى الحمام(دوش) لأزيد من 20 يوماً ، و حتى أن الوقت الذي أعطي لي في المرة الأولى التي دخلت فيها حمام السجن منذ إيداعي به لا تتجاوز 10 دقائق".
طارق حماني أكمل اليوم 37 يوما من الإضراب عن الطعام، يذكر أن 12 طالبا دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام بكل من الراشدية، فاس وتازة، غير أن الطالب عز الدين الروسي كان أول من دخل في خطوة الإضراب عن الطعام فقد وصل يوم الثلاثاء 10 أبريل إلى اليوم 114 من الإضراب عن الطعام، وقد سبق أن نقل إلى مستشفى السويسي بالرباط بعد تدهور حالته الصحية ليلة الأربعاء 28 مارس الماضي.
طارق حماني أو جمال كما يحلو للطلبة أن ينادوه، أكمل رسالته قائلا أن الإنسان في السجن " كالحشرات يقتات على أبسط الأشياء و ينام في أسوأ الظروف، و هنا تلعب بعض العناصر المشبوهة دورها إضافة إلى بعض الموظفين عبر إيصال معطيات مغلوطة عن باقي الرفاق المضربين عن الطعام و كذا عن الجماهير الطلابية و المعركة النضالية من قبيل ( أصحابك فكو الإضراب ، أصحابك باعوك، الطلبة يجتازون الامتحان ، الطلبة كيقراو و حتى واحد ماعقل عليك ، صحتك مشات ، وليتي مشلول شكون غدي يعقل عليك ، الأسرة …)
ثم عاد بالزمن إلى الوراء إلى أيام السبعينات من القرن الماضي حين كانت السجون تعج بالمعتقلين اليساريين، و الدين قضى بعضهم في إضراب مماثل عن الطعام، و قال بكلمات لا تخلو من تحد " غير أن قناعتنا فوق كل هذا و لنا في التاريخ القدوة و المثال ، فقد كان سهلاً على الشهيدة الغالية سعيدة المنبهي أن تمضي 5 سنوات في السجن، غير أنها تحدت في أحلك الظروف، لتوصل صوتها و موقفها و صرخت "أنا هنا كي لا يبقى السجن غداً هنا" و كتبت وصيتها و رحلت قائلة "تذكروني بفرح" لأن قوة الموقف و القناعة الصلبة تنبع من الإيمان بحتمية النصر و الثقة في قوة الجماهير صانعة التاريخ".
الوضعية الصحية لطارق حماني تتدهور بشكل مستمر فقد قال " فقدت الآن أزيد من 10 كيلوغرام من وزني ، من 62.5 إلى 52 كيلوغرام و بدأ يستقر تقريبا في هذا الوزن، تم حملي يوم الثلاثاء 27 مارس 2012 إلى المستشفى و حقني بمجموعة من الحقن و السيروم ، و تم رفض إجراء الخبرة الطبية مرة أخرى عكس ما جاء به الحوار الذي أجري يوم الاثنين 26 مارس 2012 و الذي حضرنا ه نحن المعتقلين السياسيين من جهة و مدير السجن من جهة ثانية و الأمين العام ل"المجلس الوطني لحقوق الإنسان" (الصبار) و عضوين من فرع فاس للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حيث قدمت مجموعة من الوعود قصد تحقيق مطالبنا سواء المتعلقة بإطلاق السراح أو المتعلق بالوضعية من داخل السجن".
يذكر أن عدة هيئات حقوقية مغربية قامت بمراسلة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران من أجل التدخل العاجل لإنقاذ حياة المعتقلين السياسيين المضربين عن الطعام بعدد من السجون المغربية. و بلغ عدد هذه الهيئات 18 هيئة حقوقية منضوية تحت ما سمي بـ "الائتلاف المـغـربـي لـهـيـآت حـقـوق الإنــســان"،هذه الهيئات وجهت رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة تدق فيها ناقوس الخطر بعد أن تجاوز إضراب عزالدين الروسي 110 يوما من الإضراب عن الطعام.
الرسالة الموجهة لإبن كيران دعت إلى "الإسراع في حمل المسؤولين المعنيين على التجاوب مع المطالب المشروعة للمعتقلين المضربين عن الطعام، وتسريع إجراءات محاكمتهم وإنصافهم، والتدخل العاجل لدى المندوب العام للسجون، لوقف التضييق والتعسف ضدهم، واحترام حقوقهم".