قال كل من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الذي يتخذ من جنيف مقرا له، وإمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان التي يوجد مقرها في لندن، إن مشروع القانون 22.20 يمهد لحالة من تكميم الأفواه في البلاد حال سنه، ويطرح تساؤلات جدية حول رؤية الحكومة المغربية لتقييد حريات الرأي والتعبير عبر الفضاء الإلكتروني.
وأضافت المنظمتان في تقرير مشترك صدر يوم أمس الأربعاء، إنه ورغم إعلان وزارة العدل المغربية تأجيل النظر في مشروع القانون بسبب حالة الجدل الواسعة التي خلفتها تسريبات منه، إلا أن كونه ما يزال قائمًا ولم يتم إلغاؤه بشكلٍ كامل أمر كافٍ لأن يشكل تهديدًا حقيقيًا على حريات الرأي والتعبير في المملكة، ومن الممكن أن يمهد لحالة من تكميم الأفواه والترهيب المستمرين.
وقالت غدير عواد مستشارة السياسات في المرصد الأورومتوسطي إنه وفي إطار مراجعة قانونية أولية لمشروع القانون، فقد رُصدت 17 ملاحظة رئيسة تمثل مساسًا بحرية الرأي والتعبير وتعارضًا مع مقتضيات دستورية أساسية تضمنها الدستور المغربي.
وأضافت عواد أن من دلائل الاتجاه السلبي لمشروع القانون، هو حقيقة أن أكثر من نصف مواده تضمنت عقوبات الحبس لمدد تتراوح بين 3 أشهر و5 سنوات، فضلاً عن فرض غرامات مالية باهظة، لأمور متعلقة بالنشر الإلكتروني تحت ذرائع مختلفة.
وبحسب المنظمتين فإن بعض نصوص مشروع القانون تثير مخاوف من وجود علاقة مصالح بين الدولة ورأس المال، من خلال تجريم الدعوات لمقاطعة البضائع أو الحديث في جودتها، رغم أن ذلك ينطوي على التمييز، من خلال منح أصحاب المال الحق في الترويج لبضائعهم دون منح الجمهور الذي يشتري من ماله الخاص حق التعبير عن رأي في هذه البضائع.
وقالت سارة بوراشد، الباحثة في إمباكت الدولية إن "ما يثير القلق حقًا هو تحويل مشروع القانون مزودي خدمات الإنترنت في المملكة إلى جهات رقابية وتنفيذية، بينما لا يعد ذلك من اختصاصهم، من خلال تحميلهم مسؤوليات الرقابة على ما ينشر وإلزامهم بحذف وحظر المحتوى المخالف".
وقالت المنظمتان إنه جرى التصديق على مشروع القانون في "توقيـت مريب متعلق بانشـغال الجمهور بجائحة كورونا، مـا يثيـر علامات مـن الريبة حول دلالة التوقيت، واستغلال ظـروف غير عادية لتمرير قانون يمس بالحقوق الفردية والجماعية ويمس بسـيادة القانون ودولة المؤسسات".
وأوصى التقرير الذي أصدرته المنظمتان بالإعلان رسميًّا عن سحب مشروع القانون في هذا الوقت الحرج؛ حفاظًا على التماسك الوطني وتجنبًا لتصنيف المغرب ضمن الدول التي استغلت جائحة كورونا لتمرير قوانين تمس بالحقوق والحريات الأساسية.
ودعت المنظمتان إلى تضمين القانون حرية التعبير عن الرأي والانتقاد بتعبيرات مشروعة، كي لا يتحول مجرد الانتقاد إلى مسوغ للحبس والعقاب والملاحقة، مؤكدتان على ضرورة إلغاء جميع أشكال الرقابة، لضمان توفير مناخ حقيقي لحرية الرأي والتعبير، بينما يمكن معالجة أي شكاوى متعلقة بالنشر بناء على شكاوى محددة من متضررين.