أصدر مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية كتابا جديدا يوم أمس الخميس يضم مداخلات ألقيت في ندوة حول "التطرف العنيف في المغرب: حصيلة تجربة وتحديات مرحلة"، نظمها المركز بتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في شهر نونبر من سنة 2019.
ويتحدث الكتاب الذي يضم 115 صفحة، عن تحديات ظاهرة التطرف العنيف، وعن مقاربة الإدارة العامة للأمن الوطني، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إضافة إلى شهادة للمعتقل السلفي السابق محمد عبد الوهاب رفيقي.
ويناقش الكتاب تنامي موجات التطرف العنيف بأشكالها المختلفة، حيث أكد المشاركون فيه أن التصدي للتطرف العنيف في سياق تدابير مكافحة الإرهاب بعد 11 شتنبر لم يعد كافيا كمقاربة أمام ظهور جيل جديد من الجماعات، واستعمال وسائل وأشكال جديدة استدعت تطوير خطط العمل والمقاربات.
وأشاروا إلى أن هذا العمل يستوجب وضع خطط وطنية لمكافحة التطرف العنيف قائمة على المعرفة والبحوث بخصوص مختلف مكونات الظاهرة ومرتكزات انتعاشها، واعتماد الاستراتيجيات ذات البعد الاستباقي لمكافحتها.
كما تمت الإشارة إلى أن المقاربة الأمنية على الرغم من أهميتها ومن النتائج التي تحققها فقد أبانت التجربة، دوليا ووطنيا أنها غير كافية لوحدها وأنه لابد من مقاربة شمولية مبتغاها محاربة الأفكار والأفعال الإرهابية والتي تدخل في باب التطرف العنيف في ظل احترام حقوق الانسان.
وفي مداخلتها قالت سيا شتوريس الممثلة المقيمة لمؤسسة فريريس إيربرت بالرباط، إن المغرب نحج في بلورة مقاربة تشاركية مكنته من رصد وتفكيك معظم المؤامرات الإرهابية، وبحسبها فإن "هذه المراقبة تعتمد بشكل أساسي على الجانب الأمني"، مشيرة إلى أنه تم اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد، حيث تم "وضع برامج لمكافحة الفقر والهشاشة والحرمان بهدف الحفاظ على كرامة المواطنين ومنع استغلال الفقر وهشاشة البعض لاستقطابهم".
من جانبه أكد أستاذ التعليم العالي المحجوب الهيبة في مداخلته أن "التطرف العنيف ظاهرة مركبة تستوجب حلولا مركبة"، ودعا إلى تعزيز دور الأمم المتحدة في "الوقاية من التطرف العنيف".
وتضمن الكتاب مداخلة لرشيد السميري وهو عميد شرطة، حيث أكد أن أحداث 16 أي 2003 حتمت على المغرب وضع "استراتيجية متعددة الأبعاد لمواجهة الظاهرة الإرهابية، تشمل إضافة إلى المقاربة الأمنية والقضائية، تلك التي ترمي إلى النهوض بالجانب الاجتماعي والتنموي. دون إغفال المقاربة التربوية والدينية التي تنشر ثقافة التسامح والوسطية تحصينا للمواطنين من الفكر الديني المتطرف العنيف".
أما محمد مزاوي، رئيس قسم المراقبة والشؤون العامة للمندوبية العامة لإدارة السجون، فاختار الحديث عن برنامج مصالحة الذي يستفيد منه نزلاء المؤسسات السجنية المدانين في إطار قضايا التطرف والإرهاب، وأكد أن تأهيل وإدماج السجناء المعتقلين بموجب قانون مكافحة الإرهاب يعتمد على عدة مرجعيات منها النصوص التشريعية والتنظيمية الوطنية، والمواثيق الدولية، والمقتضيات الدستورية، ومقتضيات الظهير الشريف رقم 49-08-01 . كما تحدث عن استفادة عدد كبير من السجناء من البرنامج الذي تم إطلاقه للمرة الأولى سنة 2017.
بدوره قال المعتقل السلفي السابق محمد عبد الوهاب رفيقي في "قراءة لتجربة المراجعة" إن المغرب يشكل حالة خاصة فيما يخص المراجعات الفكرية "لأن المراجعة في بلادنا قام بها بعض الأفراد، إذ لم نكن نشكل جماعة منظمة كالجماعة الإسلامية في مصر أو جماعة الجهاد أو الجماعات المقاتلة في ليبيا".
وانتقد "عدم وجود قانون يجرم التكفير"، وقال إن "هناك مواقع إلكترونية لها رخص اشتغال رسمية مازالت تبث الكراهية والحقد والتحريض على كل شخص يحمل أو يدعو إلى فكر غير فكرها، مما قد يعرض سلامته وأمنه للخطر، فمراجعة المعتقلين لأفكار التطرف تتطلب مراجعة على هذا المستوى أيضا".
وفي تصريح لموقع يابلادي قال الحبيب بلكوش رئيس مركز دراسات حقوق الانسان والديمقراطية "تطرقنا لموضوع التطرف العنيف من زاويا مختلفة، فيما يقارب 30 ندوة"، وأضاف أن "الهدف كان هو مشاركة المسؤوليين الأمنيين، إلى جانب نشطاء، ومتدخلين آخرين"، وأوضح أن "التحضير للندوات استغرق أكثر من سنة".