ولد البلجيكي من أصل مغربي محمد واشن في مدينة شارلوروا البلجيكية، وسط أسرة تتكون من أخوين وأربع أخوات، بدأ ولعه بالفن وهو في المرحلة الثانوية بعد مشاركته في إحدى العروض الفنية التي نظمتها مدرسته، وقال في تصريح لموقع يابلادي، "شاركت في ورشة مسرحية مع صديق لي وأحببت التجربة، بعدها شرعت في تلقي تكوين في المسرح بأكاديمية بروكسل"، ليدخل بعدها عالم الفن بطريقة احترافية ويعمل مع أكبر المخرجين البلجيكيين.
ويرى واشن أن الفنانين المغاربة في بلجيكا لا يحظون باهتمام كبير من قبل المخرجين البلجيكيين، ويظهرون غالبا في أدوار تقدم "صورا نمطية" عن أصولهم، وأوضح قائلا إن هناك نوعان من السينما التي يظهر فيها هؤلاء الفنانون "واحدة تبرر الاحكام المسبقة والأفكار النمطية حولهم والثانية تدرس وتبحث في القضايا الإنسانية التي تريد معالجتها"، إلا أنه رغم هذه الأحكام والصعوبات، تمكن الفنان المغربي من إثبات ذاته في الساحة الفنية ببلجيكا.
ولم يكتف الكوميدي المغربي بالوقوف على خشبة المسرح أو لعب أدوار سينمائية، ففي سنة 1994 قام بإنتاج أول فيلم قصير له حمل عنوان "سعيد"، وفي حديثه عن هذا العمل قال إن "الفيلم يحكي قصة مغربي جاء إلى بلجيكا في التسعينيات، بدعوة من أبناء عمه، حاولت أن أسلط الضوء على التناقضات بين المغاربة من كلا الجانبين عن طريق كسر الاحكام المسبقة، ضد المغاربة القادمين من البلاد، وعلى غير العادة، كان سعيد مغربيا متعلما ويتقن لغة موليير، فيما كانت عائلته في بلجيكا منغلقة على ثقافتها الأصلية".
قصة الفيلم مستوحاة من التجارب الشخصية لمحمد واشن الذي يتذكر، ذلك قائلا "عندما كنت أذهب في العطلة إلى المغرب، وتحديدا إلى المنطقة التي ينحدر منها والداي، بالقرب من إيمنتانوت، وأيضا في الدار البيضاء، كنت أقابل أشخاصا متعلمين وخريجي الجامعات، ولذلك حاولت تصحيح المفاهيم الخاطئة عن المغاربة الذين يهاجرون إلى بروكسل، والذين يقال عنهم إنهم غير متعلمين".
ولقي هذا العمل نجاحا كبيرا، ليحصل في سنة 1997 على أول جائزة وطنية للأفلام القصيرة كما تم تكريم صاحبه. وبعدها بدأ محمد واشن في الاشتغال مع فرقة بابل البلجيكية كمصور فيديو "أثناء اشتغالي معهم في أحد العروض، اقترح علي المخرج المشاركة في التمثيل، ليكون ذلك أول عمل أتقاضى عنه راتبا بصفتي ممثلا كوميديا، ومنذ ذلك الحين بدأ الفريق البلجيكي يقترح علي أدوار مهمة".
وتمكن الفنان المغربي منذ سنة 1990 من فرض ذاته في المجال الفني وجذب اهتمام الاعلام المحلي، ويتذكر ذلك بالقول "لقد عملت في المسارح الكبيرة في بلجيكا وفرنسا، وتعاونت مع المخرج ديفيد ستروسبرغ، والكوميدي فيلاغ، وفناني الأكاديمية الفرنسية. لكن لم أصادف في هذا المجال أشخاصا من من أصول مغربية".
وتحدث محمد واشن عن الفنانين المهاجرين في بلجيكا، والصعوبات التي تقف في طريقهم، سواء فيما يخص مشاركتهم في عروض ثقافية كبرى أو مشاريع فنية رائدة، وقال "نلاحظ في المنصات الثقافية البلجيكية أو في الفضاء العام، عدم وجود تنوع ثقافي كبير".
"وبما أنني أتيحت لي هذه الفرصة، أردت إنشاء منصة تجمع بين الفنانين في بروكسل وفنانين غير مشهورين من خلفيات مهاجرة، وهو ما ساهم في خلق تنوع على المسرح".
وتم ترشيح محمد واشن في سنة 2011 لنيل جائزة أفضل كوميدي مسرحي منفرد ببروكسيل. وحاول الفنان المغربي توظيف الشهرة التي نالها في إنشاء جمعية تعنى بشؤون الفنانين المغاربة في بلجيكا، وسعى إلى دمجهم أكثر في المجال وكسر الحواجز التي "لاتزال حاضرة لحد الساعة"، حيث يتوصل واشن باتصالات من الفنانين الذين ينحدرون من الاحياء الشعبية، ويجدون صعوبة في المشاركة في مجموعة من المناسبات الثقافية، ويقوم بتقديم أعمالهم للهيآت المعنية، كما يشرف على تأطير ورش عمل ودورات تكوينية لفائدتهم".
ومن بين "تناقضات المؤسسات الثقافية"، يوضح واشن أن هذه الاخيرة تعبر عن إرادتها في إشراك ممثلين من خلفيات ثقافية مختلفة، إلا أنها غالبا ما تحصرهم في الأدوار المتعلقة بالأفكار المسبقة حول بيئتهم، وتصورهم إما كإرهابيين، أو سارقين، أو أزواج يحتقرون نساءهم، و"هذه أدوار لم أقبلها"، لهذا يرى الكوميدي المغربي أنه من الضروري على الكوميديين من أصول مهاجرة أن يتأقلموا مع جميع الأدوار وليس فقط الأدوار المبتذلة عن أصولهم".
ويولي محمد واشن نفس الاهتمام لمسألة التنوع في المغرب أيضا، من خلال تسليطه الضوء على الفنانين المغاربة وتقديمهم إلى الساحة الفنية في بلجيكا، وهو الامر الذي حصل مع الممثل جمال العبابسي الذي شارك في عدة مشاريع فنية في بروكسل، واسترسل قائلا، "بدل الاهتمام بأموال المغاربة المقيمين بالخارج فقط، يجب أن نهتم أكثر بالجسور الثقافية التي يمكن ربطها بينهم وبين بلدهم الأصلي، ليس فقط خلال المناسبات التي تقام من حين لأخر".
وفي هذا السياق، شارك محمد واشن في إنتاج سلسلة تسلط الضوء على مغاربة بلجيكا، بالتعاون مع البلجيكي المغربي إسماعيل السعدي وأوضح قائلا "بالطريقة نفسها، اقترحت مشروعًا على التلفزيونات المغربية لتوسيع إنتاجاتها وتوجيهها إلى المغاربة في جميع أنحاء العالم، وأيضا توفير حصص لمشاركة فنانين مغاربة مقيمين بالخارج في هذه الاعمال الفنية"، وأشار إلى أنه تقدم "بمشروع سلسلة بوليسية بلجيكية مغربية إلى قناة دوزيم، والتي رحبت بالفكرة، إلا أن ذلك لم يتحقق، وهو الامر الذي حصل أيضا مع إدارة مسرح محمد الخامس".
وفي بلجيكا، اقترح الفنان المغربي مشروعا على الجهات المختصة، لإدماج مغاربة بلجيكا في الاعمال الثقافية وقال "تدور الفكرة إعطاء الفنانين والممثلين والباحثين الفرصة للحديث عن أعمالهم وتقديمها، لكي يتم تجسيدها على أرض الواقع".