قالت منظمة العفو الدولية، في تقرير لها إنها اكتشفت منذ شهر أكتوبر من سنة2017، على الأقل، استهداف مدافعين عن حقوق الإنسان من المغرب ببرنامج بيغاسوس للتجسس الذي تنتجه مجموعة "إن إس أو" الإسرائيلية.
وبحسب المنظمة الحقوقية التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا لها فإن المستهدفين هما "المعطي منجب، وهو أكاديمي وناشط يعمل في قضايا حرية التعبير، وعبد الصادق البوشتاوي، وهو محام حقوقي شارك في الدفاع القانوني عن المحتجين من الحركة التي تعمل من أجل العدالة الاجتماعية والمعروفة باسم حراك الريف خلال عامي 2016 و2017".
ووصفت أمنيستي هذا الاكتشاف بالمهم وقالت إنه يأتي في سياق "تستخدم فيه السلطات المغربية بشكل متزايد الأحكام القمعية من قوانين العقوبات وقوانين الأمن لتجريم وتشويه سمعة المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي".
وفيما يخص المؤرخ والناشط الحقوقي المعطي منجب، فقد قالت إنه يعتقد منذ سنة 2015 أنه يخضع للمراقبة الرقمية من قبل السلطات المغربية، وهو ما أثر على نشاطه وحياته اليومية. وأضافت أن مخاوفه كانت في محلها.
إذ تأكدت أمنيستي بعد فحصها لأجهزته الإلكترونية أنه كان مستهدفًا بشكل متكرر من خلال رسائل نصية قصيرة خبيثة، تحمل روابط إلى مواقع شبكة الإنترنت المتصلة ببرنامج التجسس بيغاسوس التابع لمجموعة "إن إس أو" الإسرائيلية.
وبخصوص المحامي عبد الصادق البوشتاوي الذي تولى الدفاع عن معتقلي حراك الريف، والذي أدانته محكمة بالحسيمة بالسجن 20 شهرا، والمتواجد حاليا في فرنسا بعد قبول طلبه للجوء هناك، فقد سبق له حسب نفس المصدر أن عبر عن يقينه بخضوعه "لمراقبة الدولة منذ أن بدأ عمله في الدفاع عن المحتجين في الحراك".
وأوضحت المنظمة أنه بعد فحص أجهزته بحثًا عن أدلة على عملية الاستهداف، تمكنت "من التأكيد على أن عبد الصادق البوشتاوي قد استهدف بالفعل مرارًا وتكرارًا من خلال رسائل نصية قصيرة خبيثة، تحمل روابط إلى مواقع شبكة الإنترنت المتصلة ببرنامج التجسس بيغاسوس" أيضا.
وأضافت أنه تم إرسال الرسائل، التي تحتوي على روابط خبيثة إليه "خلال الفترة التي يشير إليها بأنها كان ذروة حركة حراك الريف، والقمع الذي تلاه على أيدي قوات الأمن المغربية".
عمليات استهداف أوسع
وبحسب المنظمة فإن هذه الهجمات الرقمية التي استهدفت اثنين من مدافعي حقوق الإنسان المغاربة "هي أعراض لنمط أكبر من اعمال انتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، والأصوات المعارضة، يتم تنفيذها من قبل السلطات المغربية". وهو ما يزيد بحسبها من "صعوبة ممارسة المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء حقوقهم في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي".
وطالبت السلطات المغربية بـ"الإفصاح عن تفاصيل أي صفقات يتم تنفيذها مع مجموعة "إن إس أو"، مشيرة إلى أن هذه الصفقات يجب "أن تضمن حماية المدافعين عن حقوق الإنسان من المراقبة غير القانونية، وذلك من خلال ضمانات قانونية وسياسية ملائمة تتوافق مع المعايير الدولية، بما في ذلك عن طريق توفير سبل انتصاف قانونية فعالة للناس من أجل التصدي لانتهاكات حقوقهم الإنسانية المرتبطة بالمراقبة".
وأشارت أمنيستي إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها استخدام برنامج التجسس الذي تصنعه مجموعة "إن إس أو" ضد المدافعين عن حقوق الإنسان. بالإضافة إلى استخدامها لاستهداف أحد موظفي منظمة العفو الدولية في 2018، فقد تم أيضًا استخدامها لمهاجمة المدافعين عن حقوق الإنسان من السعودية والمكسيك والإمارات العربية المتحدة.
وأكدت أنه عندما يتم استهداف الأشخاص للمراقبة استنادًا إلى ممارسة حقوقهم الإنسانية فقط، فسيكون ذلك بمثابة هجوم "تعسفي أو غير قانوني" على خصوصيتهم، وبالتالي "ينتهك حقهم في حرية التعبير المنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
وفي ردها الذي أرسلته إلى منظمة أمنيستي زعمت مجموعة "إن إس أو" أن "التكنولوجيا لا تستخدم إلا لأغراض مشروعة، كالمتعلقة بالإرهابيين والمجرمين، وأنه إذا أساءت الدول استخدام أدواتها، فإن آلياتها لتوخي الحرص الواجب لمراعاة حقوق الإنسان تكفي للتحقيق وعلاج سوء الاستخدام هذا". ووصفت أمنيستي هذه المزاعم بـ"الوهمية"، وأضافت أنه "أصبح من الواضح بشكل متزايد أن مزاعم مجموعة "إن إس أو"، وسياستها في مجال حقوق الإنسان، هي محاولة للتستر على انتهاكات الحقوق الناتجة عن استخدام منتجاتها".
يذكر أنه سبق لـ"مختبر المواطن" الكندي أن أشار في تقرير نشره السنة الماضية إلى أن مشغلا لبيغاسوس يحمل اسم "Atlas" يعمل انطلاقا من المغرب ليستهدف هواتف أشخاص في المغرب نفسه، وفي دول عربية أخرى هي الجزائر وتونس والإمارات، فضلا عن ساحل العاج وفرنسا، وبدأ تشغيل البرنامج منذ غشت 2017 إلى الآن.
كما سبق للمقرر الأممي المعني بحرية التجمع السلمي، والحق في تأسيس الجمعيات، أن اتهم المغرب بالتجسس على الناشطين في مجال حقوق الإنسان، باستعمال برمجيات إسرائيلية.