في 20 يونيو من سنة 1981، تحول الإضراب العالم الذي دعت إليه مركزيات نقابية احتجاجا على غلاء الأسعار، إلى انتفاضة في مختلف شوارع مدينة الدار البيضاء، وتدخل الجيش وبدأ في إطلاق الرصاص على المحتجين، ولقي العشرات مصرعهم، وبالموازاة مع ذلك تم شن حملة اعتقالات عشوائية، ووجهت للمعتقلين تهم تتعلق بالإخلال بالنظام العام، ووزعت عليهم سنوات طويلة من السجن عليهم.
وكان مصطفى بنحسيوة من بين الذين قادتهم الصدفة وحدها للاعتقال، وهو في سن السابعة عشرة، ووجد نفسه في مواجهة تهم ثقيلة، وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات، قضاها كلها في سجن اغبيلة بالدار البيضاء.
واستغل بنحسيوة فترة تواجده بالسجن في التحصيل والدراسة، وفي سنة 1989 غادر السجن، وأكد في حديث لموقع يابلادي أنه التحق بجامعة الحسن الثاني بابن مسيك من أجل متابعة دراسته، غير أنه وجد نفسه "مضايقا من قبل المخابرات المغربية".
وقرر بعد ذلك "العيش في الخارج وتوجهت إلى إيطاليا ومنها دخلت إلى سويسرا لطلب اللجوء السياسي".
وقال إنه في سنة 1992 تقدم "بطلب اللجوء السياسي في الحدود ، وتم ترحيلي من نقطة الحدود إلى المركز الخاص باللاجئين"، لكن بعد ذلك وقع ما لم يكن بالحسبان بحسب بن حسو، فبعد ملئه استمارة اللجوء السياسي "بـ 48 ساعة تدخلت المخابرات المغربية، وتم ترحيلي قسرا على متن طائلة قادمة من سويسرا إلى المغرب. بتواطؤ بين السلطتين المغربية والسويسرية".
وأثناء رحلة العودة إلى المغرب، سأله أحد أفراد طاقم الطائرة عن سبب ترحيله، ويشير إلى أنه بعد إخباره بأنه كان يريد العيش كلاجئ سياسي في سويسرا، دخل في مناوشات معه، وبمجرد أن حطت الطائرة في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، حتى فوجئ "بضرب طوق أمني على المطار"، وباعتقاله مباشرة من الطائرة والشروع في التحقيق معه، ليجد نفسه متهما "بمحاولة اختطاف طائرة واحتجاز المسافرين الذين كانوا على متنها".
وأدانه القضاء بالسجن النافذ عشرين سنة، قضى منها 16 سنة متنقلا بين عدد من سجون المملكة، وكما كان عليه الأمر في المرة الأولى التي قضاها داخل المعتقل، كان بنحسيوة حريصا على التحصيل العلمي وتمكن من الحصول على عدة شواهد، كما شارك في العديد من الملتقيات الأدبية التي كانت تقام خارج المؤسسات السجنية، ونشرت له العديد من القصائد على صدر صفحات عدد من الجرائد المغربية.
وفي نونبر من سنة 2007، تم تمتيعه بعفو ملكي استثنائي، ليعانق الحرية من جديد، وحاول طرق باب المؤسسات المختصة في النظر في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتعويض أصحابها لكن دون جدوى.
ويؤكد بنحسيوة أنه "لحد الآن أطالب من لجنة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة أن تنظر في الملفين الخاصين بي"، أي الملف المتعلق باعتقاله بعد الأحداث الاجتماعية التي شهدتها مدينة البيضاء سنة 1981، والملف المتعلق بترحيله من سويسرا قسرا وإدانته بالسجن النافذ.
وأوضح أنه تقدم "بعدة طلبات للجهات المعنية خصوصا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ولجنة متابعة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة للنظر في هذين الملفين، ولم يتم تعويضي وجبر الضرر المادي والمعنوي مع الإدماج الاجتماعي".
وأشار إلى أن ملفه صنف خارج الآجال، رغم أن لجنة متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، تؤكد أن الأشخاص الذين لم يقدموا طلباتهم في الوقت المحدد لوجود قوة قاهرة، كوجودهم في السجن، يبقى أجل وضع ملفاتهم مفتوحا.