القائمة

أخبار

ملفات على مكتب عبد الإله بنكيران

تبدو الملفات التي يقال عنها أنها لن تكلف ميزانية الدولة الكثير مثل إصلاح القضاء ومحاربة اقتصاد الريع والفساد أصعب الملفات على الحكومة الجديدة بقيادة، بالنظر إلى التوازنات الهشة التي يدبرها بنكيران مع أحزاب في الأغلبية ومع القصر، ستجعل هامش المناورة ضعيفا للغاية.

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

مضت فترة التحضير والمشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، وخلف تعيين وزراء الحكومة الجديدة آثارا داخل الأحزاب المشاركة وأحزاب المعارضة، حيث بدت بوادر الصراع والاحتجاج داخل الأحزاب الحكومية تقوده أسماء لم يتم استوزارها، كما هو الحال لدى حزب الاستقلال وانتفاضة البقالي والخليفة.. في المقابل بدأت أحزاب المعارضة في إعادة ترتيب البيت الداخلي وتجديد خطابها للعب دورها الجديد.

وانبرى المراقبون والمعارضون لتعداد الملفات والمشاكل المطروح على حكومة بنكيران معالجتها وحلها. وأمكن التمييز في الملفات المطروحة بين مستويين: قضايا وملفات سياسية يقال إنها لن تكلف حكومة بنكيران أية ميزانية أو نفقات مالية جديدة، وبين ملفات تقتضي معالجتها تخصيص موارد مالية واقتصادية.

ملفات اقتصادية واجتماعية

لها علاقة بتدبير مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في اتجاه إطلاق عجلة النمو والتنمية والحد من الفوارق الاجتماعية. وأولى التحديات هي تلك المرتبطة بنسبة النمو الذي وعد به بنكيران في حملته الانتخابية، أي تحقيق نسبة 7 في المائة. ولا ندري كيف سيمكن تحقيق ذلك في سياق دولي مطبوع بالأزمات الاقتصادية والمالية التي تعانيها الجارة الشمالية أوروبا، والتي من المحتم أن آثارها ستمتد إلى ما بعد 2014 .( مع الإشارة إلى أن برنامج العدالة والتنمية الانتخابية تضمن الإشارة إلى سعي الحزب إلى تحقيق نسبة 7 في المائة في أفق سنة 2016).

وإذا كانت معالجة العديد من المشاكل الاجتماعية بل جلها مرتبط بإطلاق عجلة النمو الاقتصادي وتوفير مناصب الشغل، فلن يبق للحكومة سوى تخصيص ميزانيات عمومية لمواصلة "سياسية التنمية البشرية" التي بدأها الملك قبل سنوات في إطار مبادرة التنمية البشرية، مع المراهنة على ما يتمتع به رئيس الحكومة الحالية من رصيد شعبي يمكن أن يهدئ به من غضب العاطلين والفقراء إلى حين.

ملفات ذات طبيعة سياسية

وهي الملفات التي يقال إنها سهلة التحقيق وأنها لن تكلف ميزانية الدولة شيئا، وأن الإرادة السياسية تكفي لتدبيرها ومعالجتها. وتتعلق هذه الملفات بمحاربة الفساد في مختلف دواليب الدولة وقطاعاتها وفرض حكامة مؤسساتية وتفعيل دور الحكومة والتنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور الجديد ومحاربة اقتصاد الريع.

ومن المفارقة أن هذه الإجراءات التي تبدو غير مكلفة تبقى هي الأصعب، لأن تدبيرها هو تدبير سياسي يخضع لموازين قوى تبدو أنها ليست في صالح رئيس الحكومة الجديد. فهل يستطيع بن كيران مثلا أن يقضي على اقتصاد الريع بجرة قلم، في ظل التوازنات الهشة داخل الحكومة التي يقودها وفي علاقته بالقصر؟هل يمكن لبنكيران مثلا أن يحد من الفساد المستشري في كثير من دواليب الدولة، وضمان ضوابط المحاكمة العادلة وإصلاح القضاء بأغلبية حكومية مشكلة من أحزاب حكومية سابقة؟

في أول امتحانات المواجهة مع القصر ومع الأحزاب الحليفة قدم بنكيران والعدالة والتنمية الكثير من التنازلات، ظهرت بوضوح على التشكيلة الحكومية الحالية، والأمر يتعلق هنا بمقياس مهم لقياس مدى قدرة بنكيران على اتخاذ القرارات السياسية الصعبة.

فهل سيجاري بنكيران وحكومته رياح الربيع العربي في المغرب، بأن يقدم نسخة حكومية مغربية للربيع العربي، يسودها الكثير من خصائص الاعتدال والتعايش مع الوضع القديم؟

مؤشرات ما سبق منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات، وحتى قبل ذلك بكثير من خلال الموقف من 20 فبراير، يؤكد أن الخيار الأوحد لبنكيران لن يبتعد كثيرا عن ذلك، ليقود حكومة لن تختلف كثيرا عن سابقاتها في تدبير التوازنات مع اللوبيات والقصر والشارع.