كثفت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربية، من خرجاتها الإعلامية، بعد انضمام المغرب الى منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، التي تم إطلاقها رسميا يوم الأحد 07 يوليوز في عاصمة النيجر نيامي، من أجل التأكيد على موقف المغرب بخصوص وحدته الترابية.
فقد نشرت وكالة المغرب العربي للأنباء، تصريحات أدلى بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، من عاصمة النيجر يوم الأحد، قال فيها إنه ليس في انضمام المغرب الى منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ما يمكن تفسيره على أنه "اعتراف بوضع أو واقع أو كيان يشكل تهديدا لوحدته الترابية ووحدته الوطنية".
وأضاف بوريطة عقب اختتام القمة الاستثنائية ال12 للاتحاد الافريقي، التي مثل فيها الملك محمد السادس، إن "المغرب انخرط بقوة في مسار إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، لكن توقيعه وتصديقه على هذه الاتفاقية لا يحمل ما يمكن تفسيره على أنه إقرار بوضع أو واقع أو كيان لا يعترف ويهدد وحدته الترابية ووحدته الوطنية".
وتابع أن "المغرب يتصرف وفقا لعقيدة ومبادئ واضحة عندما يتعلق الأمر بالتمييز بين العضوية في منظمة ما والاعتراف بكيانات يمكن أن تكون جزءا من هذه المنظمة لكن المغرب لا يعترف بها".
ويشير وزير الخارجية المغربي من خلال تصريحاته إلى "الجمهورية الصحراوية"، التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد سنة 1976، والتي تعتبر من بين الموقعين على اتفاق إنشاء منطقة التبادل الحر في العاصمة الرواندية كيغالي خلال شهر مارس من سنة 2018.
وتابع الوزير المغربي أنه في هذا الوضع بوجه خاص فإن "حالة الشذوذ صارخة" للغاية، متسائلا حول كيف يمكن لكيان ليس له أرض أن ينتمي إلى منطقة تجارة حرة؟. وتابع أنه "إذا كان هذا الكيان سيمارس التجارة انطلاقا من تندوف، فإنها ستكون تجارة داخلية في بلد آخر من الاتحاد الإفريقي وهو الجزائر"، متسائلا عن العملة التي سيعتمدها هذا الكيان لإدارة هذه التجارة، والتي "إذا ما كان لها أن تتم فلن تكون إلا بالعملة الجزائرية".
وأضاف الوزير أنه "إذا كان للسلع أن تمر عبر الجمارك فسيكون جمارك الجزائر"، لافتا الى أن هذه هي الحالة "الشاذة" التي حرص المغرب على إثارتها. وبحسب بوريطة، فإن هذا الوضع "شاذ" للغاية لأن حجر الزاوية بالنسبة لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية هي المجموعات الاقتصادية الإقليمية.
وخلص بوريطة الى القول إنه يكفي البحث بين أعضاء الاتحاد الإفريقي عن الكيان الذي لا ينتمي إلى أي مجموعة اقتصادية إقليمية، لإدراك وفهم هذه الحالة الشاذة.
وعادت وزارة الخارجية لنشر توضيحات جديدة بعد ظهر أمس الإثنين، وقالت إن انضمام المغرب الى منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، لا يشكل اعترافا بكيان لا تعترف به 4/3 من البلدان الإفريقية، ولا تعترف به الأمم المتحدة.
وتحاول وزارة الخارجية من خلال خرجاتها الأخيرة، التأكيد على ما سبق للحكومة المغربية أن أكدته، بعد توقيع سعد الدين العثماني، يوم 21 مارس من سنة 2018، بالعاصمة الرواندية كيغالي، على اتفاقية إنشاء منطقة للتبادل الحر الإفريقية.
حيث سبق للعثماني أن قال أثناء عرض مشروع قانون منطقة التبادل القارية الذي يحمل الرقم 11.19 على المجلس الحكومي خلال شهر فبراير الماضي، إن المغرب كان حريصا على "مصالحه الحيوية والدفاع عن قضاياه الأساسية، وفي مقدمتها قضية وحدته الترابية وسيادته الوطنية"، خلال جميع مراحل التوقيع على اتفاقية منطقة التبادل الحر الأفريقي.
وأكد أن هذه "الاتفاقية هي في الحقيقة مدعمة لموقف المغرب ولمصالحه في أفريقيا، خصوصا أنها تنص صراحة على أن التجمعات السياسية والاقتصادية الإقليمية الأفريقية الموجودة تشكل البناء الأساس لها".
فيما قال الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، بعد مصادقة المجلس الحكومي على مشروع القانون رقم 11.19، إن توقيع المملكة المغربية على الاتفاق "لا يمكن أن يفهم أو يؤول، بأي حال من الأحوال، كاعتراف من المملكة المغربية بفعل أو واقع أو وضعية أو كيان غير معترف به من قبل المملكة المغربية من شأنه أن يمس بوحدتها الترابية أو الوطنية".
لكن ورغم منطقية الحجج التي ساقها المغرب، إلا أنها لا تجد لها صدى كبيرا داخل الاتحاد الإفريقي، فرغم عدم توفر شروط إقامة الدولة في "جمهورية" البوليساريو، إلا أنها تحظى بعضوية كاملة في المنظمة القارية، ويوم أمس كانت ثالث عضو في الاتحاد الإفريقي يوقع على الانضمام إلى منطقة التبادل القارية بعد روندا والجزائر. وهو ما يشير بوضوح إلى التأثير الكبير لجنوب إفريقيا والجزائر في مراكز صنع القرار داخل المنظمة القارية.
وللتذكير فاتفاقية التجارة الحرة الأفريقية، تتضمن 3 بروتوكولات تشكل هي وملاحقها جزء لا يتجزأ من الاتفاق، وتتمثل في بروتوكول التجارة في السلع الذي يهدف إلى تعزيز التجارة الأفريقية البينية في السلع، وبروتوكول التجارة في الخدمات الذي يهدف إلى التحرير التدريجي لتجارة الخدمات من خلال إزالة العوائق التجارية، وأخيرا برتوكول قواعد وإجراءات تسوية المنازعات ويهدف إلى توضيح القواعد والإجراءات المتعلقة بتسوية المنازعات.
وستكون اتفاقية التجارة الإفريقية الحرة، أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية في عام 1995، حيث سيبلغ عدد مستهلكيها 1.2 مليار شخص، في ظل ناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 3.4 تريليون دولار.