في منتصف القرن التاسع عشر كان النقاش، محتدما حول العبودية في الولايات المتحدة الأمريكية، ووصلت الخلافات حول الرق إلى حدود اندلاع حرب بين الشمال الذي يريد إلغاء العبودية والجنوب الذي يريد الإبقاء عليها.
وفي سنة 1861، نشبت حرب أهلية بين الحكومة الفدرالية التي عرفت "بالاتحاديون" مقابل أحدا عشر ولاية جنوبية متمسكة بالعبودية. أسست هذه الولايات ما سمي الولايات الكونفدرالية الأمريكية وأعلنت انفصالها عن باقي الولايات الشمالية. تسلم قيادة الولايات الجنوبية الرئيس جيفرسون ديڤيس، أما قوات الاتحاد فكانت تحت قيادة الرئيس ابراهام لنكولن والحزب الجمهوري الذي كان يعارض توسيع العبودية ويرفض أي إعلان بالانفصال للولايات الجنوبية.
وبالموازاة مع ذلك كانت تجارة الرقيق سائدة خلال القرن 19 في شمال إفريقيا، وكانت مرتبطة أساسا بالقرصنة، حيث كانت ممارسة شائعة على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، وخصوصا في المقاطعات العثمانية في الجزائر وتونس وليبيا والسلطنة المستقلة في المغرب.
وبغية تقديم حجج لوضح حد لممارسة العبودية في الولايات المتحدة الامريكية قارن سيناتور في مجلس الشيوخ الأمريكي، يدعى شارلز سَمْنَرفي الرابع من شهر يونيو عام 1860، أي قبل أشهر من نشوب الحرب الأهلية الأمريكية، تجارة الرق في المغرب والجزائر وتونس وليبيا بتلك التي كانت متواجدة في الولايات الكونفدرالية الأمريكية التي رفضت أنداك إلغاء هذه الممارسة.
وكان شارلز سَمْنَر الذي انتخب عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 1851 عن حزب الأراضي الحرة الذي ساعد في تأسيسه لمعارضة انتشار العبودية في الأراضي الأمريكية، (كان) خطيباً مؤثراً نادى بلا كلل بالقضاء على العبودية. وفي سنة 1860 ألقى شارلز سَمْنَر، الذي كان أنداك أيضا قائد قوات مكافحة العبودية في ماساتشوستس خطابا حول "مشروع قانون لقبول ولاية كانساس كدولة حرة"، واختار حينها المغرب كمثال على حججه ضد العبودية.
وقارن في خطابه جغرافيا مملكة شمال إفريقيا والأقاليم المجاورة لها بالمنطقة الجنوبية من الولايات المتحدة التي كانت تعتبر فيها تجار الرق شائعة، كما تحدث عن العبودية في "الدول البربرية".
وقال السناتور الأمريكي، إن "الجزائر، تعتبر مند فترة طويلة أكثر الأماكن البغيضة في الدول البربرية في إفريقيا، والتي سبق أن وصفها ذات مرة مؤرخ ساخط بأنها جدار العالم البربري"، موضحًا أن المنطقة "تقع بالقرب من خط العرض 33 ° 30 شمالًا ، وهي خط تسوية ميسوري، التي كانت ذات يوم تشير إلى"جدار العبودية" في بلده.
وبخصوص المغرب، فقال سومنر إن المملكة هي "المكان الرئيسي الحالي للعبودية في الهمجية الإفريقية"، مشبها إياها بتشارلستون، وهي أكبر مدينة في ولاية كارولاينا الجنوبية، مصرا بذلك على إعطاء شمال إفريقيا صورة، طبق الأصل للولايات الأمريكية الجنوبية التي خاضت حربا طاحنة ضد الشمال.
وقال إنه "لا توجد في الكون مناطق متشابهة على سطح الكرة الأرضية، والتي تقتسم الكثير من السمات المتشابهة سواء فيما يخص مساحاتها، أو طبيعة حدودها، أو إنتاجاتها المشتركة، أو مناخها المشترك، أو البربرية كما يوجد في هاتين المنطقتين (يقصد شمال إفريقيا والولايات الأمريكية الجنوبية)".
ولم تقف تعليقات السيناتور الأمريكي عند هذا الحد، فقد رأى أن كلا من "فرجينيا، وكارولينا، وميسيسيبي، وميسوري يجب أن تكون المكمل الأمريكي للمغرب والجزائر وطرابلس وتونس"، مؤكدا أنه على الرغم من أن "إمبراطور المغرب وعد في معاهدة بإلغاء العبودية، إلا أن هذه الممارسة لا تزال سارية في المنطقة".
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها السناتور المغرب وشمال إفريقيا، ففي سنة 1853، ألف كتابا عنونه بـ "العبودية البيضاء في الدول البربرية"، تطرق فيه إلى العبودية في المغرب بشكل عميق.
وانتقد سومنر في كتابه، استمرار العبودية في المغرب، قائلا "إننا نستنكر العبودية في الدول البربرية باعتبارها اعتداء على الإنسانية والعدالة"، وأورد قصص بعض المواطنين الأوروبيين الذين استعبدوا في المغرب.
وقال السيناتور الأمريكي، إن "من بين جاريات سلطان المغرب، كانت هناك أمتين في الخمسينيات من عمرهن، من جنسية إنجليزية وفرنسية"، مشيرا إلى أن واحدة أخرى من أصل إيرلندي، "وجدت نفسها في حريم مولاي إسماعيل الذي أجبرها على [اعتناق الإسلام] قبل تسليمها إلى جندي".
وكان سومنر، يشبه الولايات الكونفدرالية الأمريكية بدول شمال إفريقيا التي كان يسميها "الدول البربرية"، وأطلق على الولايات الجنوبية الأمريكية اسم "الولايات البربرية الأمريكية".