مع توسع الحراك الجزائري، ودعوته إلى "تغيير جذري" للنظام الذي يحكم البلاد منذ استقلالها عن فرنسا. وأمام الرفض الشعبي المتزايد لتمديد ولاية الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وجد النظام الجزائري نفسه ملزما على تقديم بعض التنازلات، ففي رسالتيه الموجهتين إلى الشعب الجزائري في 4 و 11 مارس الجاري، وعد الرئيس بـ"إقامة جمهورية ثانية"، وهو ما يعني التضحية بعدد من رموز النظام الحالي الذين ظلوا في مناصب المسؤولية لسنوات طوال.
ومن المنتظر أن يكون أحمد أويحيى، أول كبش فداء، يضحي به النظام الجزائري، فقد بات من الصعب عليه العودة إلى المشهد السياسي كما تعود على ذلك في الماضي. خصوصا بعدما تم عزله هذه المرة بطريقة لم تكن منتظرة، إذ تم إنهاء مهامه كرئيس للوزراء مباشرة بعد عودة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من رحلة علاجية في سويسرا.
ويعتبر أويحيى الذي يترأس حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحد أبرز عرابي السلطة في الجزائر، إذ كان من بين الداعمين لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، قبل أن يترجل من قارب السلطة تحت ضغط الشارع.
وكثر الحديث خلال الأيام الماضية عن نيته ترك البلاد، وهو ما دفعه إلى إصدار بيان ينفي فيه ذلك، وفي رسالة وجهها إلى أعضاء حزبه، غير موقفه السابق وطالب بالاستجابة إلى مطالب الشارع، وهو ما رأى فيه مراقبون بأنه رسالة وداع، خاصة في ظل الحديث عن وجود تمرد داخل الحزب، الأمر الذي قد يدفعه لمحاولة انهاء حياته السياسية بشكل مشرف.
وإلى جانب أويحيى يبرز اسم علي حداد الذي يتزعم منظمة رجال الأعمال في الجزائر، إذ تناقلت وسائل إعلام قبل أيام خبر منع السلطات الجزائرية له من مغادرة البلاد، حيث تتحدث العديد من الأوساط داخل البلاد عن تورطه في العديد من القضايا المتعلقة بالفساد. ويعد حداد من بين أبرز المقربين من محيط الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، وتجمعه علاقة خاصة بشقيقه السعيد بوتفليقة.
وتضم القائمة أيضا عبد المجيد سيدي السعيد، الذي يتولى منصب الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين منذ سنة 1997، حيث يواجه احتجاجات واعتصامات متزايدة لمطالبته بالرحيل، خصوصا بعد تصريحاته المتكررة الداعمة للرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة.
هل يشكل المغرب وجهة لرجال نظام بوتفليقة؟
ويعتبر كل من أويحيى وعلي حداد وسيدي سعيد من أبرز رموز سنوات حكم الرئيس بوتفليقة المستمرة منذ 20 عاما، لكن يبدو أن سنوات الود الطويلة بينهم وبين صناع القرار في قصر المرادية قد وصلت إلى نهايتها.
ومن المحتمل أن يشكل المغرب وجهة للشخصيات التي لم يعد مرغوبا فيها داخل الجزائر، خصوصا وأن للمملكة لها تقليد طويل في استقبال الشخصيات المغضوب عليها في الجارة الشرقية.
فبعد إقالة الرئيس السابق الشاذلي بن جديد من منصبه من قبل جنرالات الجيش سنة 1991، بعد إلغاء الانتخابات التشريعية التي حصلت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ على معظم المقاعد، فضل الاستقرار بمدينة طنجة. كما أن خليفته محمد بوضياف الذي تم اغتياله في 29 يونيو 1992، عاش سنوات طوال في مدينة القنيطرة.
وخلال العشرية السوداء التي تلت إلغاء الانتخابات، اختار عدد من الكتاب الجزائريين من أمثال رشيد ميموني الاستقرار بالمغرب، كما شكل المغرب ملجأ لبعض رجال الإعلام كحميد غرين الذي استقر في الدار البيضاء، قبل أن يعود إلى الجزائر ويتولى منصب وزير الاتصال في ماس من سنة 2014 إلى حدود ماي من سنة 2017.
وبالإضافة إلى عامل القرب الجغرافي، فإن المسؤولين الجزائريين يجدون في المغرب ملاذا مثاليا، لأنهم لن يصبحوا عرضة لملاحقات الجمعيات التي تتعقب أصحاب الممتلكات الغير المشروعة، كما هو الشأن في فرنسا أو بلجيكا.