نشرت مجلة " Science" في 15 مارس الجاري، نتائج دراسة حول الخريطة الجينية لسكان شبه الجزيرة الإيبيرية خلال 8000 سنة، أشرف عليها فريق علمي بقيادة باحثين من جامعة هارفارد ومعهد البيولوجيا التطورية في برشلونة بإسبانيا.
وأكدت الدراسة أن شبه الجزيرة الأيبيرية، التي تضم البرتغال وإسبانيا الحديثة، شهدت في الماضي تحولات سكانية كبيرة، فقبل وصول الحكم الإسلامي إلى الأندلس، تمكن أمازيغ شمال إفريقيا من إيجاد موطئ قدم لهم في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط.
وتم التوصل إلى هذه النتائج بالاعتماد على تحاليل الحمض النووي لهياكل عظمية قديمة تم اكتشافها في وقت سابق.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن عالم الوراثة بكلية الطب بجامعة هارفورد إنييجو أولاند، والذي يعتبر من بين المساهمين في البحث الذي نشرته مجلة " Science" قوله "أردنا سد الفجوة بين السكان القدامى والمعاصرين".
وجود أمازيغي قبل 4400 سنة
وأظهرت نتائج تحليل 419 جينوم تعود لهياكل بشرية قديمة، تغير جينات سكان شبه الجزيرة الإيبيرية بشكل ملحوظ في الماضي، وذلك نتيجة للأحداث الكبرى التي كانت تشهدها المنطقة، مثل الغزو الروماني، كما أن الباحثين اكتشفوا أدلة على حدوث هجرات سكانية لم تكن معروفة من قبل.
وأظهرت نتائج تحليل الحمض النووي لعدد من الهياكل العظمية التي تعود إلى صيادين، أنهم يتوفرون على "مزيج من الجينات". وأظهرت نتائج تحليل الحمض النووي لهيكل عظمي تم استخراجه من مقبرة وسط إسبانيا، يعود تاريخه إلى 4400 سنة، أن أصوله تعود بنسبة 100 في المائة لشمال إفريقيا، كما أن نتائج تحليل الحمض النووي لهيكل عظمي لامرأة يبلغ عمره 3500 سنة، أظهرت أن لديها جدا من شمال إفريقيا.
تواجد أكثر لسكان من شمال إفريقيا بعد الغزو الروماني
وتؤكد الدراسة أن السكان الذين تعود أصولهم إلى شمال إفريقيا، "استقروا في شبه الجزيرة الإيبيرية قبل أكثر من 3000 سنة من ظهور الإمبراطورية الرومانية".
فقد توصل الفريق البحثي إلى "تزايد نسبة الأصول التي تعود إلى شمال إفريقيا، في العصر الحديدي. ويمكن أن نفسر ذلك من خلال التجارة حول البحر الأبيض المتوسط، التي جلبت أناسا من شمال إفريقيا إلى شبه الجزيرة الأيبيرية واستقروا بها".
وزاد سكان شبه الجزيرة الإيبيرية من أصول شمال إفريقية، بعد غزو الرومان لها.
أوضحت الدراسة أن بداية تواجد السكان الذي تعود أصولهم إلى شمال إفريقيا في شبه الجزيرة الإيبيرية يعود إلى حوالي 4500 سنة مضت أي في العصر النحاسي، ولكن هذا التواجد كان محدودا، وبدا أكثر بروزا في العصر البرونزي أي سنة 1932 قبل الميلاد.
وبعد وصول الحكم الإسلامي إلى الأندلس لوحظ تزايد هيمنة السكان المنحدرين من شمال إفريقيا وجنوب الصحراء، بحسب تحاليل الحمض النووي للهياكل العظمية.
ووصلت نسبة السكان الذين تعود أصولهم إلى شمال إفريقيا في المنطقة خلال العصر الوسيط إلى 50في المائة، وهو المعدل الذي تراجع بعد حروب الاسترداد و طرد الموريسكيين، إلى 5 في المائة.
وفي فبراير الماضي نشر كلير بيكروفت من مركز ويلكوم ترست لعلم الوراثة البشرية بجامعة أوكسفورد وزملاؤه دراسة أجريت على 1413 شخصا في إسبانيا، تظهر وجود جينات تعود إلى شمال إفريقيا في جميع أنحاء إسبانيا.