بعد حرب دبلوماسية استمرت لأشهر داخل أروقة البرلمان الأوربي، بين المغرب من جهة، وجبهة البوليساريو وحلفائها من جهة ثانية، حول تمديد التفضيلات التجارية إلى المنتوجات الفلاحية والصيد البحري المنحدرة من الصحراء، كسبت المملكة الرهان، إذ صوت 444 برلمانيا بالموافقة، فيما صوت 167 بالرفض، وامتنع 68 نائبا عن التصويت.
وعبر المغرب عن ارتياحه لنتيجة التصويت، حيث جاء في بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي أن هذه الخطوة تؤكد أن " أي اتفاق يغطي الصحراء المغربية لا يمكن التفاوض بشأنه وتوقيعه إلا من طرف المملكة في إطار ممارستها لسيادتها التامة والكاملة على هذا الجزء من ترابها".
بالمقابل أدانت جبهة البوليساريو قرار البرلمان الأوروبي ووصفته في بيان لها بأنه "غير قانوني وقصير النظر"، وأضافت أن نتائج التصويت تمتل "ضربة مباشرة ليس فقط للمدافعين عن حقوق الإنسان و للقانون الدولي و لكن أيضاً لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة و التي يقول الاتحاد الأوروبي إنه يدعمها". وحثت الجبهة الانفصالية الاتحاد الأوروبي على "إعادة النظر في تصويت اليوم غير الملزم وتغيير المسار على الفور".
تهديد لعملية التسوية
وقالت الجبهة في بيان لها إن قرار البرلمان الأوروبي "يقوض" جهود المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي، و"يحكم على نتيجة المفاوضات السياسية" بالفشل.
واعتبرت أنه من السخيف أن يطلب الاتحاد الأوروبي منا "بانتظام أن نتجنب الخطوات التي من شأنها أن تقوض عملية السلام" ثم "يتخذ عن طيب خاطر مثل هذه الخطوة المزعزعة للاستقرار بشكل واضح ضد قرارات محكمة خاصة به".
وبحسب المصدر ذاته فإنه ينبغي للاتحاد الأوروبي "أن يؤجل صراحة تنفيذ هذه الاتفاقية التجارية وأن يضع بدلاً من ذلك خطة لاستخدام التجارة كحافز لاتفاق سلام متفاوض عليه".
وأضافت الجبهة في بيانها أنه يجب على الاتحاد الأوروبي "الآن التفكير في موقف يتطلب السلام من الجميع ولعب دور بناء تمارس فيه الأمم المتحدة مسؤوليتها".
من جانبه قال محمد سيداتي الذي يشغل منصب "الوزير المنتدب المكلف بأوروبا" في جبهة البوليساريو، إن هذه "الخطوة تمت بطريقة بعيدة كل البعد عن المصداقية والشفافية وتعصف ليس فقط بالمدافعين عن حقوق الإنسان والقانون الدولي بل وتقوض مسار السلام الأممي الذي يدعي الاتحاد الأوروبي دعمه".
التهديد باللجوء إلى القضاء
وأكدت الجبهة في بيانها أنها ستطلق "تحدياً قانونياً فورياً لهذه الاتفاقية لدينا درجة عالية من الثقة مدعومة بالمشورة القانونية بأن القرار الأوروبي لن ينجو من التدقيق القانوني وبينما نأسف لأننا يجب أن نذهب إلى هذا الحد لأننا نعتقد اعتقادا راسخاً بأن طاقاتنا تستثمر بشكل أفضل في العملية التي تقودها الأمم المتحدة فإننا لن نتردد في التمسك بالقانون الدولي و حقوق الشعب الصحراوي".
وسار أمحمد خداد الذي يتولى مهمة التنسيق مع بعثة المينورسو في نفس الاتجاه وقال في تصريح نقلته "وكالة أنباء" البوليساريو، إن "أوربا كانت تضع قدم في انتهاك الشرعية وأصبحت اليوم تضع قدمين"، وأكد عزم الجبهة الانفصالية "تقديم الأطراف الأوروبية المتورطة في توقيع اتفاق الصيد مع المغرب الذي يضم الصحراء الغربية لمحكمة العدل الأوروبية"، مضيفا "أن عليها تقديم توضيحات للمحكمة".
وأدان القيادي الانفصالي ما وصفه بـ"تجاهل الاتحاد الأوروبي لأحكام محكمة العدل الأوروبية التي نصت على أنه لا يمكن إبرام أي اتفاق يشمل أراضي أو مياه أو أجواء الصحراء الغربية دون الأخذ بعين الاعتبار موافقة الشعب الصحراوي".
الجزائر غير راضية
وعلى غرار جبهة البوليساريو، عبرت الجزائر عن عدم رضاها على قرار البرلمان الأوروبي، ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن مصدر دبلوماسي جزائري ببروكسل، قوله إن هذا التصويت هو بمثابة "يوم فظيع للمؤسسات الأوروبية وللقانون الدولي والأوروبي".
وأضاف "هذا التعسف الحقيقي الذي جرى اليوم بالبرلمان الأوروبي ينتهك بشكل مفرط ويسيء لقرارات محكمة العدل الأوروبية التي أقرت بالطابع "المتميز" و"المنفصل" لإقليم الصحراء الغربية".
وقالت الوكالة ذاتها بأن التصويت جرى "بدون اي نقاش عام على مستوى الجلسة العلنية للبرلمان" وذلك بعد رفض الطلب الذي قدمته "كتلة الخضر والتحالف الحر الاوروبي بالبرلمان الاوروبي من اجل اجراء نقاش مسبق للتصويت في جدول اعمال الجلسة العلنية بالبرلمان الاوروبي في 14 يناير 2019".