القائمة

أخبار

واقع حقوق الإنسان في المغرب بعد مرور 70 سنة على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

بعد مرور 70 سنة على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، كيف تنظر المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية لواقع حقوق الإنسان في المغرب؟

نشر
DR
مدة القراءة: 7'

يحتفل العالم في 10 دجنبر من كل سنة، باليوم العالمي لحقوق الإنسان. ويرمز هذا اليوم لليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ويضع الإعلان، الذي صاغه ممثلون من خلفيات قانونية وثقافية متنوعة من جميع مناطق العالم، القيم العالمية، معيارا للهدف المشترك لجميع الشعوب وجميع الأمم.

وتتزامن احتفالات هذه السنة، بالذكرى السبعين، للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي وثيقة تاريخية أعلنت حقوقا غير قابلة للتصرف حيث يحق لكل شخص أن يتمتع بها كإنسان - بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر. وهي الوثيقة الأكثر ترجمة في العالم، وهي متاحة بأكثر من 500 لغة.

وحين اعتماد الوثيقة كان المغرب لا يزال تحت نير الاستعمار، وبعد ثمان سنوات من ذلك نال استقلاله، فكيف تنظر المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية للمسار الحقوقي للمغرب منذ سنة 1948 إلى الآن.

محمد السكتاوي: شجاعة الناس ومثابرتهم وإبداعهم في مواجهة التحديات طبعت السنوات السبعين الماضية

وفي تصريح لموقع يابلادي قال محمد السكتاوي، الكاتب العام لمنظمة العفو الدولية بالمغرب، خلال سنة 1948 وبعد اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "استندت الحركة الوطنية في تلك الفترة إلى هذا الإعلان لترافع في الأمم المتحدة من أجل استقلال المغرب،

وعندما حصلنا على الاستقلال وفي هذه الدينامية العالمية، المطبوعة بإعطاء الأولوية لقضايا التحرر وحقوق الانسان، انبثق عندنا في المغرب ظهير الحريات العامة، الذي احتفلنا في هذه الأيام بذكراه الستين، وكان في الحقيقة تأسيسا أوليا لمغرب يقوم على التعدد واحترام الحريات، بغض النظر عن الكثير من الثغرات التي حملها ذلك الظهير في وقته".

أما المرحلة الثانية التي شهدها المغرب في المجال المتعلق بحقوق الإنسان، فهي التي تسمى سنوات الجمر والرصاص، والتي تمتد من 1956 إلى 1999،  وعرف المغرب خلال هذه المرحلة بحسب نفس المتحدث "حالة الاستثناء وتعليق الحريات، وحملة قمع شرسة، واعتقالات واختفاء قسري وغير ذلك، بمعنى آخر تم التراجع عن تلك القيم التي بشر بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأيضا عن الإطار الذي أسسه المغرب للحريات العامة".

وبخصوص المحطة الثالثة بحسب السكتاوي فهي التي تبدأ بعد سنة 1999، وهي التي تتمثل في "المصالحة والعدالة الانتقالية، وتعني كشف الحقيقة عما حصل في مرحلة سنوات الرصاص، وجبر ضرر الضحايا وإعادة الاعتبار لهم وأيضا تحقيق العدالة".

آنذاك يضيف الكاتب العام لمنظمة العفو الدولية بالمغرب "بدأنا مرحلة جديدة عرف فيها المغرب انفتاح أكثر على مستوى حقوق الانسان، واعتمد العديد من المواثيق ذات الصلة، كما تأسست العديد من الهيئات الحقوقية، وفتح المغرب أبوابه أمام المقررين الدوليين لحقوق الإنسان".

 لكن هاته المرحلة بحسب السكتاوي "لم تدم طويلا رغم ما أفرزته من مكتسبات لا جدال فيها، من قبيل قانون الأسرة وصعود دور المرأة في دوائر صنع القرار، والاهتمام بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية".

ومع هبوب رياح الربيع العربي بدأنا نعيش محطة رابعة، وتعامل المغرب بحسب محدثنا بطريقة "أنقدتنا من السقوط في الانهيار بصدور دستور 2012، الذي جاء يمنح فضاء أوسع لممارسة الحقوق والحريات".

وأشار السكتاوي إلى أنه في المرحلة الحالية "يمكن القول إن حكومتنا في الفترات الأخيرة أخفقت في تجديد وتطوير تلك الرؤيا التي أتى بها دستور 2011، بين ما ينبغي القيام  به، وبين ما هو موجود، فبين التصريحات المنمقة وواقع الحال نجد الكثير من التراجع، وفي بعض الأحيان هناك ما يبعث على الإحباط والسخط الشعبي، ويمكن أن نشير إلى حراك الريف وحراك جرادة، ومظاهرات العطش بزاكورة".

وخلص إلى القول بأن المغرب "يعيش مدا وجزرا بالنسبة لحقوق الإنسان، مرة يقترب من إعطاء الروح الحقيقية لهذه القيم كما حصل في دستور 2011، ومرة يبتعد عن الإعلان العالمي لحقوق الانسان بالتضييق على مساحات الحريات والحقوق، ولكن ما يطبع وضعنا خلال السنوات السبعين، هي قصة شجاعة الناس ومثابرتهم وإبداعهم في مواجهة التحديات والتهديدات الهائلة".

محمد النشناش: في المغرب، نقوم بخطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء

من جانبه قال محمد النشناش العضو المؤسس في المنظمة المغربية لحقوق الانسان، في تصريح ليابلادي "في المغرب، نقوم بخطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء". وتابع "الوضعية الحالية لحقوق الإنسان لم تعد مرتبطة بالمحاكمات السياسية، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، كما كان الحال في سنوات السبعينات".

وتابع "على المستوى الدولي أحرزنا تقدما من خلال التصديق على عدة اتفاقيات دولية لحقوق الإنسان، وتجريم التعذيب المذكورة في دستور سنة 2011".

غير أنه عاد ليؤكد أنه "لا يمكننا أن ننكر بعض الممارسات، كسلوك بعض أفراد الشرطة ضد الاحتجاجات السلمية، وحظر بعض اجتماعات المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان ومحاكمة أعضائها".

وأوضح أن هناك حقوقا أساسية لا يتم احترامها، مثل الحق في الصحة والحصول على الرعاية، والحق في التعليم والمساواة. هناك تراجع في الخدمات الصحية والتعليم العام في المغرب".

وتابع "هناك أيضا الفساد الذي لا يزال واسع الانتشار في بلدنا على الرغم من كل ما يقال. هناك اليأس الكبير الذي يشعر به الشباب المغربي الذي يحلم بالهجرة إلى الفردوس الأوروبي، ويخاطرون بحياتهم بعبور البحر الأبيض المتوسط".

وواصل حديثه قائلا في هذا الخصوص "لا يمكن القول إن هناك تطورات كبيرة في مجال حقوق الإنسان".

كما تطرق محمد النشناش إلى قضية المساواة بين الجنسين، وقال إنه يجب "تكريسها في القوانين، من الناحية العملية سبقتنا تونس في هذا الأمر، وما زلنا نخلط بين القوانين والنصوص الدينية".

خديجة الرياضي: ضغط الشارع فقط هو الذي يمكننا من التقدم في مجال الحريات والحقوق

بدورها قالت خديجة الرياضي العضو في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح ليابلادي إنه بعد مرحلة "ما بعد الاستعمار التي كان يتوق فيها المغاربة للديمقراطية، غير أنهم وجدو أنفسهم تحت حكم نظام سياسي جائر مستبد وديكتاتوري".

وواصلت أن نظام الحسن الثاني "ارتكب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والاختطافات، ولا زال الإفلات من العقاب مستمرا".

وتابعت "في نهاية التسعينيات، عرفنا انفراجا سياسيا وتم إطلاق المعتقلين السياسين، وبدأت الصحافة المستقلة تظهر في المغرب، وجاءت هيئة الإنصاف والمصالحة التي خرجت بتوصيات مهمة، ولكن مباشرة بعد الضربات الإرهابية عاد المغرب إلى المحاكمات السياسية والاختطافات والتعذيب والقتل تحت التعذيب، ومنذ ذلك ونحن نتراجع".

وخلال سنة 2011 تضيف الرياضي "كانت موازين القوى تميل لصالح الشارع، فوقع بعض الانفراج وتم تسجيل مكتسبات قليلة وجزئية، في دستور 2011، ولكن بعد ذلك عادت الدولة إلى استبدادها وطغيانها، وعدنا إلى ما يشبه سنوات الرصاص، وإن اختلفت الطريقة، ونحن نعاين اليوم صدور أحكام قضائية بـ 20 سنة سجنا على النشطاء، ونعيش التعذيب".

وأكملت قائلة "يضاف إلى كل هذا، التدهور الخطير في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. التعليم في أزمة كبيرة، والصحة كذلك والسكن أيضا، والانتهاكات على مستوى الحريات، نحن نرى جمعيات ممنوعة بشكل ممنهج من طرف السلطة".

وخلصت إلى القول اليوم "لا وجود لإرادة سياسية عند الدولة لكي تحترم مضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكي تحترم التزاماتها التي صادقت عليها أمام الأمم المتحدة...ضغط الشارع فقط هو الذي يمكننا من التقدم في مجال الحريات والحقوق".

 بنشمسي: صحافيون ونشطاء خلف القضبان

وفي تصريح لموقع يابلادي قال أحمد رضا بنشمسي مدير التواصل والمرافعة بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، الحقوقية الدولية "الوضع الحالي سيء إلى حد ما، هناك قضايا كبيرة، أول شيء سأذكره هو محاكمة نشطاء الحراك".

وتابع أن هذه المحاكمات شابتها الكثير من الاختلالات "وأصدرت هيومن رايتس ووتش مؤخراً تقريراً حول ذلك".

وأضاف "الصحافيون في السجن وتحضرني قضية المهداوي. والجمعية المغربية لحقوق الإنسان على سبيل المثال، لا تزال تتعرض للمضايقات من قبل السلطات".

وزاد قائلا إن قانون محاربة العنف ضد المرأة "لا يحدد بوضوح دور الشرطة والنيابة العامة...القانون جيد ولكن هناك علامات استفهام حول تطبيقه، خاصة في حالة العنف بدون شهود".

رغم اعتماد الحكومة المغربية استراتيجية جديدة للبلاد في مجال الهجرة واللجوء، يؤكد بنشمسي أنه "في الأشهر الأخيرة، تم ترحيل عدد من المهاجرين في طنجة وتطوان قسراً إلى مدن أخرى. هذه ليست الطريقة الأمثل التي يعامل بها الناس".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال