في 29 نونبر من السنة الماضية، استقبل الملك محمد السادس، بالعاصمة الاقتصادية للكوت ديفوار أبيدجان، رئيس جمهورية جنوب إفريقيا السابق جاكوب زوما، وذلك على هامش أشغال القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي -الاتحاد الأوروبي.
وخلال هذا اللقاء قرر قائدي البلدين الرقي بإطار التمثيلية الدبلوماسية من خلال تعيين سفيرين من مستوى عال، بكل من الرباط وبريتوريا.
كما أنهما اتفقا على العمل سويا، يدا في يد، من أجل التوجه نحو مستقبل واعد، والحفاظ على اتصال مباشر والانطلاق ضمن شراكة اقتصادية وسياسية خصبة، من أجل بناء علاقات قوية ودائمة ومستقرة، وبالتالي تجاوز الوضعية التي ميزت العلاقات الثنائية لعدة عقود.
لكن وبعد مرور سنة كاملة على اللقاء، لم يتم اعتماد سفيرين جديدين في عاصمتي البلدين، وذلك بعد الإطاحة بجاكوب زوما نتيجة تورطه في قضايا فساد، وخلافته من قبل سيريل رامافوسا.
ويبدو أن القيادة الجديدة في بريتوريا غير متحمسة لعودة العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، فقد سبق لموكسولوسي نكوسي الذي يشغل منصب المدير العام لوزارة الشؤون الخارجية الجنوب إفريقية، أن قال في تصريح إعلامي قبل أيام "إن نقطة البداية لأي تطبيع للعلاقات بين الرباط وبريتوريا يجب أن تكون مغربية بالرد على طلب جنوب إفريقيا المقدم منذ 14 عاما".
ورغم أن الحزب الحاكم لا زال يتوجس من عودة العلاقات الدبلوماسية مع المملكة والتي دخلت في مرحلة جمود منذ سنة 2004 بعد اعتراف جنوب إفريقيا بـ"جمهورية" البوليساريو، إلا أنه خلال السنة الماضية زاد حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين بشكل كبير.
وسبق للاتحاد العام لمقاولات المغرب أن شارك بوفد يقوده رئيسه صلاح الدين مزوار في فعاليات منتدي افريقيا للاستثمار، الذي نظم تحت رعاية البنك الافريقي للتنمية بمدينة جوهانسبورغ الجنوب إفريقية من 7 إلى 9 نونبر الماضي.
وعلى هامش هذا اللقاء شارك صلاح الدين مزوار في حفل أقامته غرفة التجارة والصناعة بجنوب إفريقيا، وقال في حينه إن البلدين بصدد تدشين مرحلة جديدة من التعاون والشراكة تتماشى مع المستجدات الجديدة التي تعرفها إفريقيا.
وأكد مزوار على وجود "عدة إشارات مهمة وإيجابية'' بين المغرب وجنوب إفريقيا، تعكس التزام الجانبين في المضي قدما نحو شراكة بإمكانها أن تشكل عاملا يعطي زخما لإفريقيا .
وأبرز مزوار أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب وافق على توقيع اتفاقية مع غرفة التجارة والصناعة بجنوب إفريقيا، التي تضم أكثر من 25 ألف عضو ينشطون في جميع القطاعات في كل البلاد وفي إفريقيا الجنوبية. مؤكدا أن وفدا من الغرفة سيقوم بزيارة إلى المغرب في الربع الأول من 2019 بغية إضفاء الطابع الرسمي على الشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
ويعود تاريخ إقامة علاقات تجارية بين المغرب وجنوب إفريقيا، إلى عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي، في شهر ماي من سنة 1998، وذلك على هامش انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة المغربية الجنوب إفريقية في كيب تاون.
لكن هذا التقارب بين البلدين، سرعان ما وصل إلى الطريق المسدود، بعد وصول تابو إيمبيكي إلى السلطة خلفا للزعيم التاريخي للبلاد نيلسون مانديلا.
يذكر أنه خلال حكم نيلسون مانديلا (1994 - 1999)، قاوم ضغوط أغلب أعضاء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذين كانوا شديدي القرب من صناع القرار في الجزائر، ولم يعترف بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" التي أعلنتها جبهة البوليساريو في 27 فبراير 1976.
وفي يونيو من سنة 1999 أصبح تابو مبيكي رئيسا للبلاد خلفا لمنديلا، وفي 15 شتنبر من سنة 2004 أعلنت جنوب إفريقيا اعترافها بـ"جمهورية" البوليساريو، وهو ما جعل المغرب يرد باستدعاء سفيره.