شهدت بداية الثمانينات هجرة كثيفة من القرى نحو المدن، وساهم ذلك في تعميق الأزمة الخانقة التي كان يمر منها الاقتصاد المغربي الذي كان يعاني أساسا من تراجع مداخيل الفوسفاط بعد انخفاض مبيعاته في السوق العالمي.
وبالتزامن مع هذا الوضع عممت وكالة المغرب العربي للأنباء قصاصة إخبارية قالت فيها إن الحكومة المغربية التي كان يترأسها المعطي بوعبيد اتخذت قرار بالزيادة في ثمن عدد من المواد الغذائية الأساسية بنسبة تجاوزت في بعض الأحيان 50 في المائة، فتجندت النقابات وأحزاب المعارضة آنذاك لدفع الحكومة للتراجع عن قرارها.
وفي يوم 18 يونيو 1981 نظم الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل إضرابا عاما في الدار البيضاء، ومرت الأمور بسلام رغم وجود بعض الاعتقالات التي طالت بعض المشاركين في الحركة الاحتجاجية.
وبعد يومين من ذلك دعت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل لتنظيم إضراب آخر، ولاقت الدعوة استجابة لافتة من قبل سكان مدينة البيضاء، إثر ذلك تدخلت قوات الأمن لإفشال الحركة الاحتجاجية بمواجهة وتشتيت التجمعات.
استعمال للرصاص
وما هي إلا ساعات حتى خرجت الأمور عن السيطرة، وتم استدعاء رجال الجيش الذين انتشروا في شوارع المدينة. واستمرت المظاهرات الغاضبة، بل وازدادت قوة مع مرور الوقت، وأمام عجز السلطات عن احتواء الوضع، أعطيت الأوامر لإطلاق الرصاص الحي باتجاه المتظاهرين.
وشرع رجال الأمن في اعتقال كل من يصادفونه في طريقهم، دون تمييز بين المشاركين في الاحتجاجات من غيرهم.
ووجد العشرات من شباب البيضاء أنفسهم في أماكن احتجاز ضيقة، ولقي البعض منهم مصرعه بسبب الاختناق نتيجة الازدحام والتدافع.
فيما تم نقل الناجين إلى مخافر الشرطة، حيث تعرضوا لأنواع شتى من التعذيب، ووقعوا على محاضر دون أن يعلموا ما بداخلها.
واستمرت محاكمة المعتقلين الذين داقوا أنواع شتى من التعذيب في مخافر الشرطة، لأيام فقط، وأصدر القضاء في حقهم أحكام بالسجن النافذ بلغت في بعض الحالات 20 سنة سجنا نافذا.
ولم يكتف القضاء آنذاك بإصدار أحكام بالسجن لسنوات طوال في حق المعتقلين بل، أصدرا أحكاما إضافية في حق البعض بالنفي عن مدينة الدار البيضاء بعد قضاء مدة محكوميتهم.
ورغم مرور سنوات طوال على أحداث 20 يونيو 1981، إلا أن بعض الضحايا لا يزالون يعانون من مخلفات التعذيب والاعتقال والسجن لحد الآن. فمنهم من لا يزال يعاني من أمراض مزمنة نتيجة ظروف الاعتقال السيئة، ومنهم من لا يزال يتردد على الأطباء النفسيين أملا في التخلص من مخلفات تلك المرحلة.
الإنصاف والمصالحة
مع نهاية التسعينيات وبداية الألفية الثالثة، أراد المغرب التصالح مع ماضيه، وفي شهر يناير من سنة 2004، تم إحداث هيئة للإنصاف والمصالحة، من أجل تسوية ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وجاء تأسيس الهيئة في سياق البحث عن تحقيق انفراج سياسي وتحسين صورة المغرب في الخارج، بعد سنوات الاحتقان التي عرفتها عقود ما بعد الاستقلال.
وأنيطت بها مهام إجراء تحريات حول الانتهاكات، والإشراف على جلسات الاستماع إلى شهادات فاعلين عديدين من ضحايا وأهاليهم وموظفين ومسؤولين في أجهزة الدولة، كما اطلعت على الأرشيفات الرسمية، وغير ذلك من المعطيات.
وتم تعويض العديد من الضحايا، لكن البعض منهم يشتكون من الميز في التعويضات التي منحت لهم، ويؤكدون أنها كانت هزيلة مقارنة بضحايا آخرين. وهو ما ينفيه المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
افتتاح المقبرة
وفي سنة 2016 تم الإعلان عن وجود مقبرة جماعية لضحايا 20 يونيو 1981، وفي شهر شتنبر من نفس السنة، تم استخراج الجثث وأعيد دفنها مرة ثانية. وافتتحت المقبرة بحضور مسؤولين حكوميين وشخصيات حقوقية ومدنية وعائلات بعض الضحايا.
لكن الخطوة قوبلت باحتجاج بعض أقارب الضحايا، وأيضا جمعية 20 يونيو التي تتهم السلطات بعدم الترخيص لها رغم استيفائها كافة الشروط القانونية.
بدوره يقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان ببعض النقائص أثناء استخراج الجثث، مرجعا ذلك إلى انعدام التجربة.