وزعت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء يوم أمس عشرات السنوات من السجن النافذ على المعتقلين بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء، المتابعين على خلفية الأحداث التي شهدتها مدينة الحسيمة. وسارعت بعض التنظيمات السياسية المغربية إلى إدانة هذه الأحكام، واعتبرتها مجحفة وقاسية وتعود بالمغرب سنوات إلى الوراء.
فيديرالية اليسار: هذه الأحكام تفتح البلاد على المجهول
عقدت فيديرالية اليسار نهار اليوم الأربعاء ندوة صحافية بالدار البيضاء، حضرها الأمناء العامون للأحزاب الثلاثة المشكلة للفيدرالية، وتم خلالها الإعلان عن توجيه رسالة إلى سعد الدين العثماني حول وضعية المعتقلين ناصر الزفزافي وحميد المهداوي في السجن الانفرادي، وأدان الأمناء العامون للأحزاب الثلاثة هذه الأحكام واعتبروها صبا للزيت على النار.
وفي تصريح لموقع يابلادي قالت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، ومنسقة فيديرالية اليسار إن "هذه الأحكام قاسية وتفتح البلاد على المجهول لأن هؤلاء نشطاء وبشهادة هيئة الدفاع التي تابعت الملف منذ البداية بريؤون".
وتابعت قائلة إن "الملفات تكاد تكون فارغة، والدولة المغربية تتعامل بنفس المقاربة الأمنية الصرفة". وبحسبها فإن ما كان منتظرا خصوصا أمام الأزمة التي تمر منها البلاد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وحتى ثقافيا "هو تعامل الدولة بحكمة والعمل على إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين من أجل خلق نوع من الانفراج السياسي الذي نحن بحاجة إليه في بلادنا".
وأَضافت في تصريحها للموقع أنها فوجئت كباقي المغاربة بالأحكام "ولم نفهم فلسفة هذا التمادي في تطبيق أحكام مثل هذه، وهي أحكام تذكرنا بسنوات الجمر والرصاص، ونحن كفيديرالية اليسار مستعدون لخوض كل الأشكال النضالية وفي قلبها الدفاع عن هؤلاء النشطاء".
وعبرت نبيلة منيب عن أسفها لصمت بعض الأحزاب السياسية التي "ابتلعت لسانها" على حد تعبيرها، وقالت "إننا بحاجة إلى التضامن الكبير والواسع مع أبناء شعبنا، لأنه المدخل الذي سيمكننا من بناء المغرب وتمنيع الوطن ضد كل الانزلاقات".
العدل والإحسان: الشعب تجاوز حالة الخوف
بدوره قال منير جوري عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان في تصريح لموقع يابلادي "نحن نعتقد أن هذه الأحكام قاسية، ونندد بها بشدة، ونعتبر بأنها تجاوزت كل حدود التعامل مع هذا الملف الذي طبعته السلمية ومشروعية المطالب".
وبحسبه فإن "القائمين على هذه الأحكام والذين سعوا فيها مازالوا لم يستوعبوا بأن الشعب المغربي تجاوز حالة الخوف والهلع من الأشكال التخويفية التي تمارس ضده، وبأنه ماض من أجل تحقيق مطالبه والدفاع عن كرامته".
ورأى جوري أن هذه الأحكام ستزيد من "الاحتقان الاجتماعي وفقدان الثقة بين الشعب المغربي وبين السلطة القضائية والدولة بشكل عام، وستراكم المزيد من التموقع ضد كل السياسات التي تمارس على المواطن المغربي".
وأضاف جوري في تصريحه ليابلادي أنه لن يكون لهذه الأحكام "تلك النتائج التي يتوقعها البعض والمتمثلة في الخفوت أو التراجع، بالعكس ما يحدث وما يتراكم في الأذهان والوعي الجمعي لدى المغاربة من هذا الظلم المتكرر الذي فيه نوع من الإصرار على قهر الشعب وعلى ممارسة الاستبداد ضده، يترسخ في الأذهان والأكيد أن الأمور لا تبشر بالخير".
وبخصوص دعوات الاحتجاج التي أطلقها بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي قال جوري "نحن دائما مع الشعب ودائما نساند قضايا الشعب وعلى كل الأحرار أن يكونوا في هذا المصف، الآن اتضح بشكل جلي بأن هذا النظام السياسي ماض في تعنته واستبداده، وعلى جميع الأحرار أن يتكاثفوا من أجل مستقبل المغرب".
النهج الديمقراطي:الأحكام ستعطي نفسا للاحتجاجات
من جانبه قال مصطفى البراهمة الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، إن هذه الأحكام "تجسد وتؤكد المقاربة الأمنية للدولة في التعاطي مع الحراكات الشعبية، وخصوصا حراك الريف ومطالبه الاجتماعية العادية المتعلقة بالصحة والتعليم، والمطالب الهوياتية المرتبطة بالتهميش والحكرة".
وبحسب البراهمة فإن هذه الأحكام "قاسية جدا"، وتعكس "وجه وطبيعة النظام السياسي القائم، ولن تزيد الحراكات الشعبية إلا صمودا وانتشارا".
وبحسبه فإن قرارات المحكمة يوم أمس "ستعطي نفسا جديدا للحراكات الاجتماعية، المبنية على التهميش والحكرة"، وأضاف أن "الدولة لا تبحث عن حل للمطالب الاجتماعية، الملف الاجتماعي يشكل اليوم قنبلة موقوتة في وجه النظام السياسي القائم".
وعن دعوات الاحتجاج على هذه الأحكام قال البراهمة "من الطبيعي أن تكون دعوات للاحتجاج، في الرباط والريف، وهذه المسألة طبيعية لأنها تعبر على تضامن وعلى مؤازرة وإسناد المناضلين الذين دافعوا عن الريف".
وختم حديثه بالقول "نحن كحزب سياسي ساندنا الحراكات وانخرطنا فيها، ونحن ضد الأحكام الجائرة، وسنستمر في هذه الخطوات لأنها من ثوابت خطنا السياسي والمتمثل في الالتحام بالنضالات الجماهيرية والمساهمة فيها.