أصبح ماريانو راخوي الذي يحكم إسبانيا منذ ما يزيد عن ست سنوات، أول رئيس حكومة في المملكة الإيبيرية يسقط بسبب مذكرة لحجب الثقة منذ التخلص من النظام الديكتاتوري في البلاد.
وقدم الحزب الاشتراكي المعارض مذكرة حجب الثقة بعد إدانة الحزب الشعبي في قضية فساد معروفة باسم "غورتل" لاستفادته من اموال تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، حيث توصل المحققون إلى وجود نظام فساد مؤسساتي متأصل بين الحزب الشعبي ومجموعة خاصة عبر التلاعب بالصفقات ووجود اموال سرية مصدرها غير واضح داخل الحزب.
وتبنى البرلمان المذكرة بغالبية 180 صوتا من أصل 350 كما كان متوقعا، وذلك بعدما تمكن زعيم الحزب الاشتراكي بيدرو سانشيز من تأمين دعم ستة أحزاب، هي تحالف أونيدوس ـ بوديموس والحزب الوطني الباسكي وحزب اليسار الجمهوري الكتالاني، والحزب الديموقراطي الكتالاني، وحزب كومروميس اليساري المتطرف، وحزب نويبا كناريا القومي الكناري.
وفي المقابل، صوت الحزب الشعبي الذي يتزعمه ماريانو راخوي، وثيودادانوس الليبرالي ضد مذكرة حجب الثقة، فيما امتنعت النائبة الوحيدة للتحالف الكناري عن التصويت. ومباشرة بعد انتهاء عملية التصويت هنأ راخوي خصمه السياسي سانشيز، معلنا قبوله بنتبجة التصويت.
ومن المنتظر أن يؤدي بيدرو سانشيز البالغ من العمر 46 سنة اليمين الدستورية خلال اليومين المقبلين ثم يشكل الحكومة الأسبوع المقبل، ليصبح بذلك سابع رئيس لحكومة إسبانيا والثالث باسم الحزب الاشتراكي منذ عودة الديمقراطية إلى البلاد سنة 1977.
الحكومة الجديدة والمغرب
من المحتمل أن تؤثر هذه الحكومة الجديدة التي يغلب عليها طابع عدم التجانس على العلاقات المغربية الإسبانية، خصوصا وأن العديد من الأحزاب التي أيدت مذكرة حجب الثقة معروفة بمواقفها العدائية ضد المغرب.
لكن الحزب الرئيسي في الأغلبية الحكومية الجديدة ممثلا في الحزب الاشتراكي، اعتاد على أخذ مواقف تساير المصالح المغربية، خصوصا في مسألة تجديد اتفاق الصيد البحري، واتفاق التبادل الفلاحي وذلك بعد حكمي محكمة العدل الأوروبية.
فعلى عكس حلفائه، فإن الحزب الاشتراكي الذي سبق له أن ترأس الحكومة الاسبانية في مناسبتين تحت قيادة فيليبي غونزاليس وخوسيه لويس زاباتيرو، ينهج سياسة براغماتية، تبقيه بعيدا عن المس بالمصالح المغربية.
فهل سيتمكن رئيس الوزراء الجديد من إقناع حلفائه في الحكومة المقبلة بالتخلي عن عدائهم التقليدي اتجاه المغرب؟ خصوصا وأن إسبانيا لا يمكنها الاستغناء عن مساعدة المغرب في قضايا هامة مثل مكافحة الإرهاب والهجرة والصيد البحري.
يذكر أن سانشيز ترأس الحزب الاشتراكي سنة 2014، لكنه قرر التخلي عن قيادة الحزب وعن مقعده في البرلمان بعد سنتين من ذلك، احتجاجا على تسهيل برلمانيي حزبه مأمورية تنصيب راخوي رئيسا للحكومة.