جاء في بلاغ للناطق الرسمي باسم القصر الملكي عبد الحق المريني، أن الملك محمد السادس تناول في بداية أشغال المجلس الوزاري الذي انعقد يوم الإثنين الماضي، موضوع ممارسة المرأة لخطة العدالة (مهنة "عدل")، وأنه وبعد "اطلاعه على رأي المجلس العلمي الأعلى، واعتبارا لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية"، كلف وزير العدل "بفتح خطة العدالة أمام المرأة، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف".
وبذلك سيصير بإمكان المرأة لأول مرة في تاريخ المغرب أن تتولى مهنة "عدل" التي كانت حصرا على الرجال، ليصبح بإمكانها ممارسة عدة مهام كإبرام العقود وتوثيق الزواج والطلاق، لكن القرار لم يحظ بالإجماع حيث رأى فيه البعض خروجا عن أحكام الدين الاسلامي، بينما رأى آخرون أن هذا القرار يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، وأنه يرفع من قيمة المرأة في المجتمع.
القرار مخالف لأحكام الشرع
أبدى الشيخ السلفي حسن الكتاني رفضه لهذا القرار، وكتب في تدوينة نشرها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، أن "الشهود في عقد النكاح إما أن يكونوا ذكوراً فشهادتهم صحيحة بالاتفاق إن توافرت فيهم بقية الشروط، وإما أن يكن نساءً، فإن عقد النكاح بشهادة امرأتين فالعقد غير صحيح في مذهب الإمام أحمد، والشافعي، وظاهر مذهب أبي حنيفة".
وتابع أن هذا الرأي قال به الإمام مالك مؤسس المذهب المالكي الذي يتبعه المغرب "فقد سئل عن شهادة المرأة في القصاص فقال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القصاص ولا في الطلاق ولا في النكاح، ولا تجوز شهادتهن فيه على شهادة غيرهن في شيء من هذه الوجوه".
وزاد قائلا أنه إذا "كان النكاح بشهادة رجل وامرأتين، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة" ورجح الكتاني أن:
"الأصل عدم جواز شهادة النساء في عقد النكاح، فإن شهدن أو احتيج لهن لعدم الرجل فتجوز شهادة المرأتين مع الرجل ويصح العقد، وذلك لعدة أمور:
1 – أن عدم قبول شهادة النساء في النكاح؛ لأنهن لسن ممن يوجب العقد أو يقبله، والشهادة ليس فيها إيجاب ولا قبول.
2 – أن القصد من الشهادة التوثيق والإثبات، وهذا متحقق بشهادة المرأتين مع الرجل، فنسيان المرأة مندفع بانضمام أخرى إليها.
3 – أن عقد النكاح إذا توافرت فيه الأركان وانتفت الموانع فإن شهادة المرأتين مع الرجل لا تكون سبباً لعدم انعقاده؛ لأن أصل الشهادة في النكاح مختلف فيها فضلاً عن شهادة المرأتين مع الرجل، لذلك كان من فقه الإمام أحمد – رحمه الله – أن قال: فإن كان معهن رجل فهو أهون".
المرأة قاضية فكيف لا تكون عدلا !
بالمقابل أثنى الشيح السلفي محمد الفزازي على القرار، واعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح، وقال في تصريح لموقع يابلادي "مهنة العدول غير موجودة أصلا في الاسلام، وهي مهنة مستحدثة، والمسلمون كلهم عدول إلا من جُرِّح".
وأوضح أن "إنسان عدل تعني أن الانسان مبرأ من الفسق كله، وكل المسلمين والمسلمات عدول إلا من ثبت في حقه أنه مُجَرَّح لاعتبار معين إما أنه سرق أو زنا أو شرب الخمر".
وتابع قائلا "أمير المؤمنين الذي هو رئيس الدولة، أعطى الأمر للمجلس العلمي الأعلى لكي يدلي بدلوه في الموضوع، وخرج المجلس العلمي بالإباحة، ونحن في دولة مؤسسات ويجب أن نحترم المجلس العلمي الأعلى".
وتساءل قائلا "كيف نقبل بالمرأة قاضية، وموثقة، ثم لا نقبل بأن تكون عدلا تشهد بالزواج بين فلان وفلانة"، وواصل حديثه للموقع وقال "في الأصل الشهادة في عقد الزواج من باب المصالح المرسلة، لأن توثيق عقد النكاح لا يحرم ولا يحلل، وإنما هو توثيق من أجل حماية مصالح الأطفال والزوجات والأزواج أيضا، الذي يحلل أو يحرم هو استيفاء شروط النكاح من عدمه، كالرضا والقبول والولي وشاهدا عدل والمهر...".
وأكد الشيخ الفزازي أنه "لا يرى مانعا في تولي المرأة مهنة عدل"، وبحسبه "من غير المقبول في مجتمع فيه المرأة قاضية وطبيبة ومحامية ودركية، أن لا تكون عدلا".