كان مصطلح الإسلاموفوبيا محط جدل في الجمعية الوطنية. فقد رفض العديد من النواب من اليمين واليمين المتطرف استخدام مصطلح "الإسلاموفوبيا"، معتبرين أنه مصطلح غامض ومؤدلج. وبحسب رأيهم، لا ينبغي الخلط بين النقد المشروع لدين ما والتمييز ضد أتباعه. حتى أن البعض اتهم بمحاولة "رقابة" على النقاشات حول الإسلام في فرنسا، بهدف إنكار حجم الأعمال المعادية للمسلمين في البلاد.
على مقاعد اليسار ومن بين النواب البيئيين، تم التأكيد على تزايد الأعمال التمييزية والعنف الموجه ضد المسلمين في فرنسا. وتم الاستشهاد بأرقام من جمعيات مكافحة العنصرية وبيانات وزارة الداخلية لتوضيح تصاعد الهجمات، والتدنيس في المساجد، والتمييز في التوظيف.
تطرقت المناقشات أيضًا إلى موضوع العلمانية، التي تعد ركيزة من ركائز الجمهورية الفرنسية. بالنسبة للمدافعين عن تفسير صارم للعلمانية، فإن المطالب المتعلقة بالإسلاموفوبيا تعتبر جزءًا من إرادة التفكك الاجتماعي الذي يهدد حياد الدولة والمبادئ الجمهورية. وذكّروا بالقوانين التي تحظر ارتداء الحجاب في المدارس والحجاب الكامل في الأماكن العامة، التي يعتبرونها تدابير ضرورية لضمان المساواة بين المواطنين.
وعلى العكس، أشار عدة نواب إلى "علمانية متغيرة" تُطبق بشكل أكثر تقييدًا على الإسلام مقارنةً بالأديان الأخرى. ونددوا بالرقابة المفرطة على الجمعيات الإسلامية وبيئة الشك العام، لا سيما بعد اعتماد قانون مكافحة الانفصالية.
التمييز وعدم المساواة: هل المسلمون مُستهدفون؟
أصر العديد من المتحدثين على التمييز الهيكلي الذي يتعرض له الفرنسيون من أتباع الديانة الإسلامية، خاصة في مجالات العمل والإسكان. وأشاروا إلى دراسات تُظهر أن الأشخاص الذين يحملون أسماء ذات نبرة مغاربية يتعرضون لمعدلات رفض أعلى خلال عمليات التوظيف.
كما ندد بعض النواب بدور وسائل الإعلام وبعض المسؤولين السياسيين في بناء "خيال مهدد" حول الإسلام، مما يساهم في زيادة العداء تجاه المسلمين.
في مواجهة الحقائق المتباينة، كانت المقترحات لحلول هذا الموضوع أيضًا مشوبة باختلافات إيديولوجية. فقد دعا بعض النواب إلى حماية أفضل للمواطنين المسلمين من خلال تدابير معززة ضد التمييز وخطاب الكراهية. وتم اقتراح فكرة بعثة برلمانية حول الإسلاموفوبيا، بالإضافة إلى طلب تعزيز الوسائل المخصصة لمكافحة الجرائم العنصرية.
من جهة أخرى، أصر آخرون على ضرورة التأكيد بشكل قاطع على مبدأ العلمانية ومكافحة أي محاولة للاعتراف المؤسسي بـ "خصوصية إسلامية" في القانون الفرنسي.
جدل يكشف الانقسامات الفرنسية
مرة أخرى، كشف هذا الجدل البرلماني عن الانقسامات الإيديولوجية العميقة التي تعصف بالمجتمع الفرنسي عند مناقشة مكانة الإسلام. بين مكافحة العنصرية، والدفاع عن العلمانية، والتوترات الهوياتية، تظل قضية الإسلاموفوبيا ساحة صراع سياسي تتداخل فيها الاعتبارات القانونية والتاريخية والاجتماعية.
بينما دعت بعض الأصوات إلى تجاوز المواقف الحزبية من أجل إيجاد حلول ملموسة ضد التمييز، لا تزال الانقسامات قائمة، مما يترك مساحة ضئيلة لتحقيق توافق.