في نهاية شهر أبريل من سنة 2017، وجدت جبهة البوليساريو نفسها مضطرة لسحب عناصرها المسلحة من منطقة الكركرات، تفاديا لإدانة أممية، وبقيت الأمور على حالها إلى حدود بداية السنة الجديدة حيث أعادت الجبهة الانفصالية إرسال عناصرها إلى المنطقة.
وهدد زعيم جبهة البوليساريو ابراهيم غالي في رسالة بعث بها إلى الأمين العام الأممي بما أسماه "إعادة الانتشار" في منطقة الكركرات. واتهمت الجبهة المغرب بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، مطالبة بإغلاق الطريق التجاري الذي يربط المغرب بموريتانيا عبر معبر الكركرات.
لكن وبعد أيام قليلة سحبت جبهة البوليساريو عناصرها من المنطقة دون أي توضيح، وهو ما طرح العديد من الأسئلة، خصوصا وأنها لم تحقق أية مكاسب على الأرض يمكنها أن تدفعها لاتخاذ مثل هذا القرار، كما أن هذا الانسحاب تزامن مع اختفاء موضوع الكركرات بشكل ملحوظ ومفاجئ من اهتمامات وسائل إعلامها.
ولد سلمى: أوراق ضغط الجبهة باتت محدودة
وفي تعليقه على تطورات الأوضاع في منطقة الكركرات قال القيادي السابق في جبهة البوليساريو مصطفى سلمى ولد سيدي مولود في تصريح لموقع يابلادي "اعتقد ان عودة البوليساريو للكركرات دون مبرر مقنع، كما انسحابها منها، باﻻضافة الى اﻻرتباك في عملية التدخل، يعطي صورة عن الوضع النفسي الذي تعيشه الجبهة".
وتابع ولد سلمى الذي أبعدته جبهة البوليساريو قسرا عن مخيمات تندوف سنة 2010 بعد إعلان دعمه لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، أن "الجبهة التي خرجت من الكركرات المرة اﻻولى دون مكاسب، عكس المغرب الذي كان يرمي من وراء عملية الكركرات إلى خلق ازمة لتجميد ما تبقى من عهدة بان كي مون الذي اظهر ميلا للبوليساريو".
وأوضح أن الجبهة انسحبت آنذاك "مكرهة، و في الحلق غصة بسبب انسحاب المغرب اﻻحادي الذي افشل حسابات قادتها الذين كانوا يراهنون على ان الخروج من وضع اﻻزمة في الكركرات لن يكون دون مفاوضات بين اﻻطراف و كانت الجبهة تتهيأ لفرض تقاسم ادارة المعبر مع المغرب او اشراف الامم المتحدة عليه، او أن يكون نقاش وضع المعبر مدخلا للعودة الى التفاوض المتعثر منذ سنوات حول الحل النهائي".
وأضاف "و لما لم يحصل اي شيء من ذلك، و لم تجني من وراء ازمة الكركرات غير وعد من اﻻمم المتحدة بايفاد بعثة تقنية لتقييم وضعية المعبر، ارادت الجبهة التذكير بهذا الوعد".
وختم حديثه للموقع قائلا "في المجمل، اﻻنسحاب كان ﻻن الهدف من التدخل لم يحصل. و التدخل كان بغرض خلق أزمة تجبر على اﻻمم المتحدة التدخل و اجبار اﻻطراف على التفاوض للتقدم في التسوية. و هذا يوحي بان اوراق ضغط الجبهة باتت محدودة".
المحجوب السالك: قيادة البوليساريو في ورطة
فيما رأى المحجوب السالك زعيم تيار خط الشهيد المعارض لقيادة جبهة البوليساريو، أن قيادة الجبهة الانفصالية "وجدت نفسها في وضعيفة لا تحسد عليها" بعد انكشاف أمرها من "طرف اهل المخيمات بعد كذبة الانسحاب تحت مبرر إعادة الانتشار".
وأَضاف "ورغم مرور شهور طويلة على قرار مجلس الامن، لم يتغير الوضع، ولا وجود للمفاوضات مع المغرب التي تلعب عليها البوليساريو لتخدير اهالينا بالمخيمات، لذلك كان لا بد لها من عملية الهاء امام اهل المخيمات الساخطين على الوضع".
لذلك قامت بحسب المحجوب السالك "بمناورات عسكرية بالذخيرة الحية في منطقة اغوينيت، وبعد ذلك أرسلت سيارتين إلى الكركرات". ووصف خطوة الجبهة الأخيرة بـ"المناورات البائسة" التي تنم "عن الفشل والهزيمة، فليست هناك مفاوضات، والوضع جامد والناس ملت الانتظار في ظروف قاهرة من دون امل او افق للحل".
وواصل حديثه قائلا إن قيادة الجبهة تحاول أيضا إثارة "انتباه المجتمع الدولي قبل اجتماع مجلس الامن، ولكن العالم تفطن لألاعيب القيادة منذ وقف اطلاق النار حتى اليوم، وستبقى الامور كما كانت عليه سنوات اخرى طويلة الى ان تحدث تغيرات في هرم السلطة بالجزائر، وفي انتظار ذلك، ليس هناك إلا المزيد من المعاناة لأهالينا في المخيمات".