قال الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، في بلاغ تلاه خلال لقاء صحفي عقده يوم أمس الثلاثاء عقب اجتماع المجلس الحكومي، إن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قال إن "الحكومة ستحرص قريبا على مراجعة النموذج التنموي طبقا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتشكيل لجنة بمشاركة عدد من القطاعات الحكومية لإبداء الآراء وصياغة الأفكار حول مراجعة النموذج التنموي المغربي".
وأكد العثماني بحسب ما جاء في قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء أن حكومته ستتدارس التوجيهات الواردة في الخطاب الملكي باهتمام وتفصيل في اجتماعها الأسبوعي ليوم الخميس المقبل، مذكرا بخمسة محاور أساسية للخطاب الملكي وهي الحكامة الجيدة والجهوية، والشباب وقضاياهم، والنموذج التنموي، والعدالة المجالية والعدالة بين الفئات.
ودعا، في هذا الإطار، إلى اعتماد هذه المحاور في بلورة الاقتراحات المناسبة لتجاوز الاختلالات التي يعاني منها المغرب في تدبير الشأن العام لأسباب متعددة منها تقادم النموذج التنموي الذي اعتمده المغرب في المرحلة الماضية.
فيما لم يشر رئيس الحكومة إلى إشراك الفاعلين السياسيين في مراجعة النموذج التنموي المغربي، فكيف تنظر الأحزاب السياسية الغير ممثلة في الحكومة إلى ذلك؟
النموذج التنموي يهم كل المغاربة وعلى الحكومة اعتماد مقاربة تشاركية
وفي تصريحه لموقع يابلادي قال محمد شرورو، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب إن "الفريقين البرلمانين لحزب الأصالة والمعاصرة في مجلسي المستشارين والنواب، سبق لهما أن نظما يوما دراسيا عن النموذج التنموي المغربي، والحاجة إلى نموذج تنموي جديد، خلال الولاية السابقة".
وأكد شرورو أنه "سبق لنا أن تكلمنا على النموذج التنموي الحالي الذي لا يستجيب لمتطلبات التنمية في بلادنا" وأَضاف "الحكومة كان من المفروض أن تنكب على هذا الموضوع منذ البداية، ولم يكن عليها انتظار الخطاب الملكي، للأسف هم يعملون "بالنغيز" كما نقول بالدارجة". ورأى أنه:
"كان يجب أن تكون هناك عملية استباقية، خصوصا أننا نعلم أن المغرب فيه مشاكل تتراكم، وفيه احتجاجات واحتقان وعدد من الأمور التي كان من المفروض أن تدفعنا لطرح العديد من الأسئلة، مثلا حول مشكل الفقر والفوارق التي لازالت تتفاقم".
وأكد أن "النموذج التنموي الجديد يجب أن تظهر ملامحه في مشروع قانون المالية الجديد، لكن المشروع أعد قبل الخطاب الملكي، فهل سيعدلون المشروع هناك نوع من الارتباك في عمل الحكومة وهو ما نتأسف له كثيرا".
أما نورالدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب فقال في تصريحه للموقع "في أول اجتماع للجنة التنفيذية الجديدة لحزب الاستقلال يوم أمس، اتخذنا قرارا لإعداد مشروع نموذج تنموي جديد، بالتنسيق مع مجموعة من الخبراء، ونعلم أن الحكومة هي المعنية بالدرجة الأولى بهذا الموضوع". وتابع قائلا:
"نحن كحزب تجاوبنا مع الخطاب الملكي بسرعة، وقمنا بتكوين لجنة لإعداد وصياغة مشروع جديد. أعتقد أن الحكومة من واجبها أن تنفتح على جميع الفاعلين السياسيين وخاصة الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني من أجل إشراكهم في هذا الموضوع، لأنه يهم الشعب المغربي برمته".
بدوره قال عبد السلام العزيز المنسق الوطني لفدرالية اليسار الديمقراطي وأمين عام حزب المؤتمر الوطني الاتحادي في تصريح خص به موقع يابلادي: "العثماني قال في تصريحه بعد تنصيبه من قبل الملك إنه سيعتمد مقاربة تشاركية مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، لكن هذا كله يظهر أنه مجرد كلام مع كامل الأسف". وتابع أن:
"إعادة النظر في النموذج التنموي للبلاد يقتضي مشاركة كل الفاعلين في المغرب، لأن الدولة كان لها نموذج تنموي عملت به لسنوات وثبت الآن فشله، ونحن قلنا منذ مدة أن هذا النموذج لن يؤدي إلى نتائج. نحن في المغرب بنياتنا الاقتصادية والاجتماعية لا تسمح باستيراد نموذج تنموي ليبرالي".
وبحسبه فإن "من المفروض أن يكون هناك تشاور واسع حول النموذج الجديد، كي يكون عليه إجماع وطني، وكي يعمل جميع المغاربة على تحقيقه".
واستدرك قائلا "لكن ربما النموذج الذي يريدونه موجود في درج ما، وساهمت في صياغته مكاتب دراسات، رغم أن هذا موضوع أساسي يهم المغرب والمغاربة جميعا، ونحن نؤكد على ضرورة إشراك الجميع والاستماع للجميع، ولا أعتقد أن هذه الحكومة لديها الرغبة للاستماع لباقي الفاعلين".
وأكد أن فيدرالية اليسار الديمقراطي التي تتكون من أحزاب الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي نظمت ندوة في السابق "قدمنا فيها عناصر مشروعنا الاقتصادي وتحدثنا فيها عن أي نموذج يصلح للمغرب، وعندنا برامج ولكن السؤال المطروح هو مع من وكيف؟".
وتابع أن "المغرب ذهب في مسار يتبنى سياسة اقتصادية لا تعتمد على الانتاج، وتعتمد أساسا على بعض القطاعات الريعية"، وتساءل "هل نحن مستعدون في المغرب من أجل إعادة النظر في كل هذا، والتأسيس لاقتصاد يقوم على الإنتاج أساسا؟".
وختم حديثه قائلا "إذا طلب منا تقديم وجهة نظرنا فسنفعل ذلك وسندافع عنها، ولكن للأسف يظهر أن هذا ليس هو توجه الحكومة".