القائمة

أرشيف

قصة آخر حكم إعدام نفذ في المغرب..الحاج ثابت الذي وثق اغتصابه لمئات النساء

يحتفل العالم في اليوم العاشر من شهر أكتوبر من كل سنة، باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، التي كانت ولا تزال تتأرجح بين مؤيد ومعارض. وفي المغرب لازالت المحاكم تصدر أحكاما بالإعدام غير أنها لا تنفذ، وتعود آخر حالة إعدام تم تنفيذها إلى سنة 1993.

نشر
الحاج ثابت
مدة القراءة: 5'

يخلد العالم في العاشر من أكتوبر من كل سنة اليوم العالمي ضد عقوبة الإعدام، وتجدد العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، دعوتها إلى إلغاء هذه العقوبة التي تعتبرها قاسية ولا إنسانة، وتدعو الدول التي لا زالت لم تصادق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الهادف إلى الغاء عقوبة الإعدام، إلى المصادقة عليه.

ويقل عدد الدول التي لازالت تنص في تشريعاتها على عقوبة الإعدام بشكل سنوي، حيث قامت العديد من دول العالم بإلغاء هذه القوانين من قوانينها؛ فيما اختارت العديد من الدول أن توقف تنفيذ العقوبة رغم وجودها في القانون، كما هو الشأن بالنسبة للمغرب.

ولا زال القانون الجنائي المغربي ينص في بعض فصوله على عقوبة الإعدام، رغم التوصية الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة ومن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا الشأن، وكانت آخر مرة نفذت عقوبة الإعدام في المغرب في سنة 1993، في حق الكوميسر ثابت محمد مصطفى الشهير باسم الحاج ثابت.

 الحاج ثابت..آخر إعدام بالمملكة

في اليوم ما قبل الأخير من شهر رمضان سنة 1991، بدأت معالم جرائم سيهتز له المجتمع المغربي تظهر للوجود، وذلك بعدما قررت سيدة التوجه إلى رئيس الشرطة القضائية لأمن "الحي المحمدي"  بالدار البيضاء، للتبليغ عن تعرضها هي وصديقتها للاختطاف والاغتصاب بمنزل شخص يدعى حميد.

وفي حوار مع مجلة "زمان"، تحدث الكوميسير مصطفى بنمغنية، أحد العمداء الأربعة الذين تمت إدانتهم في  قضية الحاج ثابت ، عن تفاصيل انكشاف أمر هذا الأخير، باعتباره (بنمغنية) كان أول من استقبل السيدة التي تسببت شكايتها في انفجار القضية . وقال بنمغنية:

"في نهاية شهر رمضان سنة 1991، قدمت إلى مكتبي سيدة تدعى ح.ل. وقد جرت العادة أن يتوجه الناس لتسجيل شكاياتهم إلى كوميسارية الحي أو الكوميسارية التي وقع حادث الاعتداء عليهم في محل نفوذها، لكن هذه السيدة توجهت مباشرة إلى الشرطة القضائية، وطلبت لقائي بالاسم. أخبرتني أنها تعرضت للاغتصاب من قبل رجل قدم نفسه على أنه الحاج "حميد" يشتغل في إيطاليا (وهي الصفة التي كان الكوميسير ثابت يقدم بها نفسه لضحاياه)، ثم ادعى أنه شرطي، وقادها رفقة صديقتها إلى شقته حيث اغتصبها، وصور لها شريطا. بعد بضعة أسئلة، تبين لي أن الأمر لا يتعلق باغتصاب، وأن السيدة تريد أن تغير مجرى الأحداث، وأنها مارست الجنس مع الرجل بمحض إرادتها، وأن شيئا ما وقع دفعها لتغيير روايتها. في الواقع، ما حدث هو أنها بعد ممارسة الجنس، غادرت الغرفة إلى الحمام، وعادت لتجد "الحاج حميد"، كما سمته، يعيد مشاهدة شريط العملية الجنسية. فاستفسرت عن سبب عن تصويره لها، فأجابها: أعجبتني. إذا جئت إلي في يوم العيد سأسلمك الشريط، إذا لم تأت سأبيعه. فوقع في يدها. هنا قررت وضع شكاية ضده، فقدمت إلى مفوضية الشرطية القضائية. بعد الحديث الذي جرى بيننا، واجهتها بالأمر وأكدت لها أن ما حدث تم عن طيب خاطر منها. وهو ما سيظهر فيما بعد".

وبحسب ما يحكي الكوميسير مصطفى بنمغنية، فبعدما أبدى استعداده للبحث في الموضوع، تم تنقيله من رئاسة الشرطة القضائية بالحي المحمدي عين السبع إلى فرقة الشرطة القضائية بأنفا.

إلا أن ذات السيدة عادت مرة أخرى ورفعت شكاية ثانية، وهذه المرة عن طريق محاميها، فتفجرت القضية سنة سنة 1992.

500 امرأة وفتاة قاصر..ضحايا الحاج ثابت

نشرت جريدة "أخبار اليوم" في عددها 54 ليوم 2 ماي من سنة 2009، بعد التفاصيل التي وردت في  الحكم في حق الحاج ثابت الذي أصدرته غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تحت رئاسة القاضي لحسن الطلفي، بتاريخ 15 مارس 1993. وجاء في حيثيات الحكم أن المتهم

"اعترف خلال البحث التمهيدي بأنه كان في كل يوم يتوجه إلى أبواب المدارس والكليات أو الشوارع على متن سيارته ويعرض على المارات مرافقته، وكلما ركبت معه إحداهن يتحايل عليها وغن رفضت يهددها ويذهب بها إلى شقته الموجودة بشارع عبد الله بن ياسين، فإن رضيت مارس معها الجنس وإن رفضت أرغمها على الاستسلام له، وأن ممارسة الجنس تكون إما من الفرج أو الدبر عن طريق الفم حيث يشبع رغبته الجنسية، وإن كانت إحداهن بكرا يقوم بافتضاض بكرتها، وان مارس الجنس مع حوالي 500 امرأة وفتاة قاصرا، وانه يقوم بتصوير، بآلة التصوير "كاميرا" جميع أفعاله الجنسية التي كان يقوم بها مع النساء والفتيات اللواتي يأتي بهن إلى شقته وأنه كان يمارس الجنس رفقة صديقه في بعض الأحيان مع امرأة واحدة، وفي آن واحد ينهج الطريق نفسها، كما هو مبين بأشرطة الفيديو المحجوزة والمسجلة بها تلك الأفعال".

وحيث أن الضابطة القضائية قامت بحجز 118 شريط فيديو من شقة المتهم وأكد هذا الأخير للمحكمة أن 102 من الأشرطة المحجوزة تتضمن تصوير العمليات الجنسية التي كان يمارسها مع من يأتي بهن إلى شقته".

الحكم بالإعدام

وبتاريخ  15 مارس 1993، أصدرت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، حضوريا ونهائيا، حكما بالإعدام على المتهم ثابت محمد في القضية التي أثارت اهتمام الرأي العام الوطني، وتصدرت صدر لصفحات الأولى في الجرائد آنذاك. وجاء في منطوق الحكم:

"وحيث أن المحكمة تداولت بشأن تمتيع المتهم بظروف التخفيف، فقررت عدم تمتيعه بها نظراً لخطورة الأفعال المرتكبة.إن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء وهي تقضي علنياً وحضورياً وانتهائياً في القضايا الجنائية والجنح المرتبطة بها.- في الدعوى العمومية: تصرح بمؤاخذة المتهمين ثابت محمد مصطفى ومن معه من أجل ما نسب إلى كل واحد منهم.والحكم على المتهم ثابت محمد مصطفى بالإعدام وتحمل المتهمين الصائر والإجبار في الأدنى وبإتلاف الأشرطة الفيديو المحجوزة وبمصادرة المحجوزات: الكاميرا والتلفزة والفيديو والسيارة لفائدة الدولة، وبإغلاق الشقة الكائنة بشارع عبد الله بن ياسين بالبيضاء".

وتم تنفيذ تنفيذ عملية الإعدام في حق الحاج ثابت فجر الأحد 5 شتنبر 1993 بسجن القنيطرة. وظلت تداعيات الفضائح الجنسية للحاج ثابت عالقة في الذاكرة الشعبية المغربية، منذ ذلك الوقت.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال