القائمة

أخبار

دياسبو #364: حسناء شهاب.. من صعوبة الاندماج إلى دعم المهاجرين واللاجئين في إيطاليا

بعدما واجهت صعوبات في الاندماج، في بداية هجرتها إلى إيطاليا، تعمل حسناء شهاب الآن على مساعدة المهاجرين واللاجئين ودعم اندماجهم على النحو الأمثل في المجتمع، من خلال عملها المهني، وكذا من خلال انخراطها في المجتمع المدني.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

ولدت المهاجرة المغربية في الديار الإيطالية حسناء شهاب، سنة 1981 بالدار البيضاء، وفي سنة 2002 حصلت على دبلوم الدراسات الجامعية العامة، وبعد أربع سنوات هاجرت إلى إيطاليا بعقد عمل موسمي، غير أنها قررت الاستقرار بمدينة بوندينو.

وسرعان ما اصطدمت حسناء بالواقع الصعب، حيث وجدت نفسها تعاني من العزلة الثقافية وصعوبة التواصل بسبب حاجز اللغة.  كانت أكبر التحديات التي واجهتها هي تعلم اللغة الإيطالية، وفهم نظام الحياة الجديد، ما جعلها تشعر بالإحباط والحنين إلى الوطن.

وفي حديثها لموقع يابلادي، أرجعت حسناء، مشاكلها  في الاندماج إلى عدم احتكاكها بالإيطاليين، نظرا لطبيعة عملها في مصنع للأسلاك الكهربائية، وأوضحت قائلة "كنت أشتغل ثمان ساعات في اليوم، وكنت أعود منهكة للبيت".

وبعد أربعة أشهر اضطرت حسناء لمغادرة العمل، بحجة أن العقد الذي قدمت به من المغرب لا يتيح لها إمكانية العمل في المصنع، ورغم أنها في البداية رأت في ذلك انتكاسة لها ولمشروع حياتها في بلاد المهجر، إلا أنها مع مرور الأيام، بدأت ترى الأمور بمنظار آخر، خصوصا أن ما وقع شكل منعطفا في حياتها بإيطاليا.

إثر ذلك، بدأت حسناء العمل كمساعدة خاصة في دار للعجزة، وهو ما شكل نقطة تحول مهمة في مسار اندماجها في المجتمع الإيطالي. أتاحت لها هذه الوظيفة فرصة "الاحتكاك اليومي المباشر مع المسنين الإيطاليين، الذين كانوا ينقلون لها تجارب حياتهم وقصصهم بلغة بسيطة"، مما ساعدها على تحسين مستواها في اللغة الإيطالية بشكل كبير.

لم يكن العمل مجرد وظيفة تؤديها حسناء لتأمين مصدر رزق، بل كان تجربة غنية بالمعرفة الإنسانية والثقافية. من خلال تعاملها مع المسنين، اكتسبت نظرة أعمق إلى القيم الاجتماعية الإيطالية، وعاداتهم اليومية، وطرق تفاعلهم مع الآخرين. تقول حسناء "كنت أتعلم اللغة ليس فقط من خلال الكلمات، بل من خلال فهم روح الثقافة نفسها، وهو ما مكنني من الشعور بأنني جزء من هذا المجتمع تدريجياً".

الانخراط في دعم المهاجرين

ولأنها كانت تحلم منذ صغرها بالحصول على شهادة الإجازة، عادت سنة 2014 إلى المغرب، وتسجلت في الجامعة مجددا من أجل إتمام دراستها وحصلت على الإجازة في الاقتصاد، ثم عادت إلى إيطاليا.

وبعدما  مرت بتجربة صعبة في بداية هجرتها ، كانت حسناء تدرك أهمية دعم المهاجرين الآخرين الذين يمرون من نفس الظروف، وجعلهم يؤمنون أن الصعوبات ليست نهاية الطريق، بل يمكن أن تكون بداية لتحولات إيجابية، لذلك قررت متابعة دراستها في إيطاليا في تخصص له علاقة بالهجرة والمهاجرين.

وفي سنة 2017، تسجلت في جامعة بوندينو لدراسة ماستر تدبير سياسات الخدمات الاجتماعية والوساطة الثقافية، تخصص مساعدة اجتماعية، وقالت "في 2020، بدأت أشتغل كمربية متخصصة في مراكز استقبال القاصرين غير المصحوبين، كنت أساعدهم على تجاوز مشاكل  الاندماج، كما كنت أهتم بكل الجوانب القانونية والتعليمية، ببساطة كنت ألعب دور عائلتهم".

"بالإضافة إلى ذلك كنت أشتغل أيضا مترجمة في مراكز استقبال المهاجرين، وكمتطوعة مع وزارة العدل كمرشدة دينية للمسلمين في السجون الإيطالية بعد حصولى على شهادة في المجال".

حسناء شهاب

وفي سنة 2023 اجتازت امتحان "مساعدة اجتماعية متخصصة"، بنجاح، واشتغلت في مؤسسات حكومية كمساعدة اجتماعية، ثم انضمت سنة 2023 إلى مشروع أطلقته وزارة العدل للمساعدة على الاندمناج في السجون الإيطالية،  وقالت "نساعد المساجين على الاندماج، نقف مع الذين لديهم مشاكل من الناحية القانونية، نحاول أن نكون قناة تربط بين داخل السجن وخارجه، هناك من يحتاجون فقط إلى التحدث مع شخص يعرف لغتهم".

إلى جانب عملها المهني، تعد حسناء عضوًا نشطا في العديد من الجمعيات التي تعنى أساسا بقضايا الاندماج، منها جمعية تضم أخصائيين نفسسين ومربيين، حيث "نقدم دورات متخصصة لمساعدة الأسرة على تربية أبنائهم، وننظم أنشطة ثقافية للأباء والأطفال".

الجمعية ذاتها "نظمت هذه السنة إفطارا رمضانيا، حضره مئات المسلمين وومثلين عن الكنائس، سعيا منا لنشر ثقافة الاندماج وتقبل الآخر، لأن المجتمع المتماسك لا يبنى على التشابه بل على التفاهم والتعاون".

كما أن حسناء شهاب عضو في أكاديمية مغربيات الخارج الدولية، التي تضم مجموعة من الكفاءات المغربية في الخارج، والتي تدافع عن مغاربة الخارج، وتناضل من أجل إشراكهم في العمل السياسي بالمغرب.

وتعمل حسناء حاليا كمديرة لأربعة مراكز للاجئين، حيث تهتم بكل مايتعلق بالاندماج، والمسائل القانونية والصحية، والتعليمية، ومساعدة اللاجئين في البحث عن عمل. وأكدت أن الاندماج ليس فقط مسؤولية المهاجر، بل أيضًا مسؤولية المجتمع المستقبل.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال