بعد مرور بضعة أشهر فقط على الجدل الذي أثارته تصريحاته التي دعا فيها إلى مراجعة قوانين الإرث، عاد المعتقل السلفي السابق محمد عبد الوهاب رفيقي المعروف باسم أبي حفص ليثير الجدل مجددا من خلال تشكيكه في صحة حديث نبوي ورد في صحيح الإمام البخاري.
وكان أبو حفص قد تساءل عن مدى صحة الحديث النبوي القائل "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" أثناء تعليقه في تدوينة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك على فوز أنيجلا ميركل بمنصب المستشارة الألمانية للمرة الرابعة على التوالي.
شيوخ السلفية ينتقدون
خصص الشيخ السلفي حماد القباج مقالا كاملا نشره على موقعه الإلكتروني للرد على تدوينة أبو حفص المشككة في حديث نبوي، وقال إن هذا الأخير عاد "ليقذف بشكوكه في وجه النصوص الشرعية؛ بطريقة سمجة لا تخضع لمنهجية علمية ولا لاعتبارات مرعية".
وأكد القباج في مقاله أن الجامع الصحيح للإمام البخاري "معلمة علمية تراثية وضعها صاحبها وفق مناهج علمية ومعرفية مرتفعة جدا عن المستوى العلمي الذي عرفته عن أبي حفص من خلال عدد من المداخلات التي هاجم فيها بعض الأحكام والنصوص الشرعية".
وقال القباج إن أبو حفص تجاهل أثناء تشكيكه في حديث "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" أدوات منهجية "يلزم تفعيلها لاستنباط المعنى من النص الشرعي"، مؤكدا أن "هذا الحديث لفظه عام أريد به الخصوص"، وأن المرأة المقصودة كانت هي بوران بنت الكسرى. وختم القباج مقاله بنصح "الأخ أبي حفص" بأن
"يبتعد عن هذا المجال الذي لم يفلح فيه؛ بل قل علمه وزل فهمه وورط نفسه في التطاول على عمالقة العلم والذكاء وعباقرة الرواية والفقه الذين يستهجن الباحث مشاهدة أمثال هذا الرجل يتكلم عنهم وعن مجهوداتهم بعلم عليل وفهم كليل".
وتابع الفزازي أن أبو حفص "سبق له أن ضرب المحكمات بعرض الحائط عندما شكك في موضوع الإرث، وعندما دعا إلى فتح نقاش حول زواج المسلمة بالكافر، والآن انتقل إلى الطعن في صحيح البخاري". وبحسب الفزازي فإن أبو حفص قد
"أضاع البوصلة، ولا نستبعد قريبا أن يخرج ليدافع عن المثليين والسحاقيات واللواطيين وأكلة رمضان". وأضاف "لست أدري ما الذي دهاه، ومن الذي يدفع له لكي يحارب دينه".
فيما اختار الشيخ السلفي حسن الكتاني أن يرد على أبو حفص من خلال تدوينة قصيرة على حسابه الشخصي في موقع الفايسبوك وكتب "أضحى الكلام في معاني الكتاب والسنة كلأ مباحا لكل شخص و ذوو الشأن صامتون!!".
أبو حفص يرد
في تصريح لموقع يابلادي رد أبو حفص على الانتقادات التي وجهها له شيوخ السلفية وقال "ردود الأفعال بمثل هذا التوتر والتشنج أصبح عندي أمرا طبيعيا، ولا ألتفت إليه ولا آبه له بأي شكل من الأشكال".
وأكد أن ما يقصده "هو خلخلة بعض ما كان يسوق على أنه مسلمات لا يمكن الحديث عنها"، مضيفا أنه يرى أن:
"الجمود الذي نعيشه وخاصة على مستوى الخطاب الديني لابد من زعزعته بمثل هاته الأفكار التي تطرح تساؤلات نقدية على بعض الإشكالات الحقيقة التي يظهر فيها نوع من التعارض بين النصوص وبين الواقع ولابد من البحث عن حلول لهذه الإشكاليات كما في قضية المرأة وتوليها للقيادة والمسؤولية، لأن مثل هذه النصوص توهم بأن الإسلام ينتقص من المرأة وأنه يراها ليست أهلا لتولي المسؤوليات وهو ما يكذبه الواقع، إذن لابد من حل لهذه الإشكاليات".
وحول ما إذا كان يبتعد أكثر عن الدعاة ورجال الدين بمثل هذه المواقف قال "أنا أومن بأن الإصلاح الديني ضرورة ماسة ولابد منها ولا يمكن لهذا الأمر أن يتم إلا بالتضحية وتحمل كل الأفعال المتشنجة ولكنني متأكد من أنه في الأخير الناس سيضطرون إلى البحث عن حلول لهاته الإشكالايات".
وفي رده على تصريح الفزازي لموقع يابلادي قال "إنه يشخصن المواضيع ولا يناقش الأفكار، ويقسم الناس إلى فئات، وهذا كله بالنسبة لي خارج عن النقاش، من يريد أن يناقش فليناقش الفكرة، من يناقش الشخص فاعلم أنه ضعيف الحجة وليست له القوة على مجابهة الفكرة بفكرة أقوى منها".
وأكد أبو حفص أنه توصل بردود أفعال متشجنجة، لكن بالمقابل "هناك ردود أفعال جد داعمة وجد مشجعة سواء في الشارع أو عبر الهاتف أو الرسائل النصية. هناك شباب ملتزمون متدينون يدعمون هذا الأمر لأنههم بدورهم كانوا يبحثون عن حل لمثل هذه الإشكاليات".