تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن عدد اليهود في المغرب كان يصل سنة 1940 إلى 250 ألف شخص، إلا أنه في سنوات الخمسينات كثف جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، من نشاطه في المملكة، حيث أشرف على تهجير أكثر من 100 ألف يهودي إلى فلسطين المحتلة بين عام 1948 وعام 1961.
وبعد سنوات من ذلك، وفي شهر يونيو من سنة 1967، تمكنت إسرائيل من هزيمة الجيوش العربية فيما يعرف بحرب الأيام الستة، (5 يونيو-10 يونيو) واحتلت سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية وهضبة الجولان، وتمكنت الدولة العبرية الوليدة من استغلال انتصارها لتصوير نفسها على أنها جنة يهود العالم على الأرض، وتزايدت الهجرة، وبدأت الحركة في شوارع أحياء الملاح بالمدن المغربية تتناقص تدريجيا، إلى أن صار عدد اليهود لا يتعدى بضعة آلاف.
وبعد مرور أكثر من ستة عقود على بداية هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل، كشفت القناة الثانية الإسرائيلية في نهاية الأسبوع الماضي كيفية عمل رجال الموساد في أنحاء دول شمال إفريقيا على مساعدة اليهود المحليين للهجرة إلى الدولة العبرية.
وبحسب ما أورده موقع "المصدر" الإسرائيلي فقد قام جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد بحملة عسكرية سرية لنشر خلايا استخباراتية كثيرة في أنحاء شمال إفريقيا، للمساعدة على تهجير اليهود الذين ظلوا في دول مثل المغرب، وتونس، والجزائر.
وكانت إسرائيل تخشى أن تتم معاملة اليهود الذين يعيشون في دول شمال إفريقيا بشكل قاس، بعد حصول هذه الدول على استقلالها، وهو ما دفع رئيس الموساد حينذاك، إيسر هرئيل، إلى إرسال عميل إسرائيلي يدعى شلومو حفيليو لإجراء جولة في المغرب وتونس والجزائر.
ونجح هذا العميل في تشكيل خلايا استخباراتية صغيرة شكلت حلقات الوصل بين تل أبيب والدار البيضاء وثماني مراكز أخرى في شمال إفريقيا وقد أرسِلت أسلحة وذخيرة لأعضاء هذه الخلايا السرية.
يذكر أن شلومو حفيليو توفي في شهر ماي من هذا العام، عن عمر يناهز 96 عاما.
وبعد استقلال المغرب حظر الملك محمد الخامس الهجرة إلى إسرائيل. ورفضت السلطات المغربية إصدار جوازات سفر وتصاريح تنقل لليهود لهذا بدأت خلايا الموساد التي تنشط في المنطقة بالاستعداد لهجرة اليهود السرية إلى إسرائيل.
وحسب ذات المصدر فقد بحث أفراد الخلية عن اليهود الذين كانوا معنيين بالهجرة إلى إسرائيل في كل أنحاء المغرب. وزوروا جوازات سفر من أجلهم تهريبهم إلى إسرائيل بالسفن وجرى جزء من هذه النشاطات بالتعاون مع السلطات الإسبابية التي صادقت على العبور في أراضيها.
لكن في 10 يناير من سنة 1961 وقع ما لم يكن بالحسبان وتعرضت سفينة كانت تقل سرا يهودا مغاربة للغرق وعلى متنها 44 شخصا، نصفهم من الأطفال، إثر هذا الحادث انطلقت في الخارج حملة إعلامية يهودية ضد المغرب اتهمته بأنه يحتفظ باليهود رهائن. وبعد فترة وجيزة توفي الملك محمد الخامس، وخلفه الحسن الثاني الذي كان أكثر تساهلا مع هجرة اليهود.
وهكذا شرعت السلطات المغربية في رفع القيود تدريجيا عن تسليم الجوازات لليهود ابتداء من شهر غشت سنة 1961، ثم رفعت هذه القيود رسميا ونهائيا في 1962.