طفا الخلاف بين نواب حزب العدالة والتنمية ووزراء حزب التجمع الوطني للأحرار خلال الأسبوع الماضي إلى العلن، وهو ما جعل العديد من المراقبين يتساءلون عن مصير التجربة الحكومية الحالية في ظل عدم الانسجام الحاصل بين مكوناتها.
ما يفرق الحكومة أكثر مما يجمعها
وفي تعليق منه على الخلاف بين نواب البيجيدي ووزراء الأحرار قال عبد الرحيم العلام أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش في تصريح لموقع يابلادي إن ما يقع هو "أمر متوقع لأن الذي يفرق بين أحزاب الحكومة أكثرمن الذي يجمعها"، وتابع أن ما جمع بين أحزاب الأغلبية هو "الرغبة في التواجد داخل لحكومة" فقط. وأضاف العلام:
"توقعنا من البداية أن الحكومة ستكون برأسين، حكومة يرأسها شخص من العدالة والتنمية، وحكومة أخرى يرأسها أخنوش الأولى يدعمها رفاق بنعبد الله ونواب البيجيدي، والثانية مدعومة من باقي الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي".
عدوى الخلاف انتقلت لتصيب بحسب العلام أحزاب المعارضة أيضا فإذا "كان حزب الأصالة والمعاصرة يعارض مشاريع وزراء حزب العدالة والتنمية، فإن حزب الاستقلال يعارض مشاريع وزراء حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري".
وأرجع العلام سبب هذه الخلافات بالأساس إلى "طبيعة التحالف، الذي كان تحالفا هجينا ولم يكن ليحدث لولا رغبة هذه الأطراف في أن تكون في الحكومة، كان من المفروض أن بعض الأحزاب الموجودة في الأغلبية أن تكون في المعارضة، أخذا بعين الاعتبار المشاكل التي كانت موجودة بينهم في الأغلبية السابقة وحتى أثناء الانتخابات وما بعدها من بلوكاج".
وتوقع العلام أن يزداد هذا الوضع "تفاقما فالذي خفف من حدته هو وجود العثماني على رأس الحكومة، ولو كان بنكيران هو من يرأس الحكومة كان سينفرط عقد هؤلاء منذ الشهر لأول، أعتقد أنه في الأشهر القادمة سيتفاقم الوضع".
وأردف أن "هناك تناقضا أساسيا وليس ثانويا بين حزب العدالة والتنمية وحزب الأحرار، حزب العدالة والتنمية لم يستسيغ كيف تم أخد مواقعه من طرف التجمع الوطني للأحرار وإضعاف وزرائه ودحرجتهم من مراكز كبرى إلى مواقع صغرى، في الوقت الذي بقي فيه وزراء التجمع في مناصبهم وأخدو مواقع أخرى. هذا الأمر لن يغفره قياديو حزب العدالة والتنمية لحزب الأحرار، وسيستمر الوضع على ما هو عليه حتى لو أصبح العثماني هو الأمين العام للحزب مستقبلا".
وختم العلام حديثه للموقع قائلا "الصراع داخل العدالة والتنمية سيؤثر على الأغلبية الحكومية، الصراع سيتخد عنوانا غير حقيقي، وسيتحول إلى صراع مع وزراء داخل الحكومة".
حكومة مستحيلة...
أما الأستاذ الجامعي والقيادي الاتحادي السابق عبد الصمد بلكبير فقال في تصريح للموقع "معرف بأن هذه الحكومة تشكلت في شروط فيها درجة عالية من الاصطناع ومشاكلها انطلقت منذ بدايتها لغياب الانسجام داخلها، برلمانيو البيجيدي الذين هم غير راضون عن هذه التشكيلة أكثر من الذين هم راضون. وهناك من يريد أن لا تنجح التجربة، ولكنه يسايرها لأن هناك درجة من الانضباط داخل الحزب وأيضا خوفا من الانقسام".
وتابع بلكبير أن حزب 'التجمع الوطني للأحرار غير مؤهل، لأنه لم يكن في السيناريو المنتظر كقائد لإرادة الدولة في التجربة الحكومية، كانت الدولة ترغب في حزب آخر هو حزب الأصالة والمعاصرة، فحزب الأحرار ألحق بالمسيرة، بما في ذلك ما اقتضاه الأمر من تغييرات هيكلية داخله".
ورأى بلكبير أنه ليس "مفاجئا ما يقع الآن وما قد يقع غدا لأن التشكيلة مصطنعة وعوامل خارجية هي التي تفرض عليها أن تتماسك داخليا أكثر من الشروط الداخلية للحكومة، وطبعا هذا مؤشر للمستقبل". وبحسب المتحدث ذاته فـ:
"نحن نعيش تجربة يمكن القول عنها مستحلية، ما عذا إذا تنازل بنكيران أو أزيل وجوديا، دون ذلك لا يمكن الفصل بين بنكيران والحزب، لأن هذا الأخير مشارك في الحكومة وغير مشارك في نفس الوقت، قواعده في أغلبيتها الساحقة ليس راضية على الانقلاب على بنكيران، وسيبقى هذا الاضطراب مستمرا حتى يمر المؤتمر الوطني لحزب العدالة والتنمية وأرجح أنه إذا نجح بنكيران في المؤتمر وهذا هو الغالب سيتغير موقف الحزب من المشاركة الحكومية".
وأوضح بلكبير أنه في "الدولة المغربية هناك حكومة خفية، وهو ما يفسر صمود البلاد من دون حكومة لخمسة أشهر، إذن وضعية الحكومة الحالية هي وضعية هشة جدا ولكن الجميع مضطرا لها في انتظار الآتي".
وسيظل هذا الآتي مرتبطا بحسبه بالعديد من العوامل "غير المتحكم فيها وبالتالي من الممكن أن تشكل ألغاما في الطريق قد تغير المسار، قبل مؤتمر حزب العدالة والتنمية، إجمالا الأمور غير سليمة والشروط غير عادية وبالتالي احتمالات التعتر وما يتجاوز التعتر موجودة".