القائمة

أخبار

ما الذي دفع عبد الإله بنكيران إلى تقديم استقالته من مجلس النواب؟

قدم عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المنتهية ولايته، يوم أمس الأربعاء استقالته من الغرفة الأولى للبرلمان، التي كان قد انتخب عضوا فيها خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من أكتوبر الماضي، ورغم أن حزب العدالة والتنمية حاول تبرير هذه الاستقالة بوجود حالة التنافي، إلا أن العديد من المراقبين أرجعوا أسبابها إلى عدم رضاه عن حكومة العثماني.

نشر
عبد الإله بنكيران/ كل الحقوق محفوظة
مدة القراءة: 5'

استقال عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية من مجلس النواب يوم أمس الأربعاء، وقال حزب المصباح في موقعه الإلكتروني إن هذه الاستقالة تعتبر "تصحيحا لوضعية ترتبت بعد تعيينه رئيسا للحكومة مكلفا بتشكيلها عقب الانتخابات التشريعية الأخيرة، مما جعله في وضعية التنافي مع الصفة البرلمانية، وكان الأمر يقتضي حينها تفعيل مسطرة رفع التنافي وهو ما لم يتم إلى اليوم".

لكن التبرير الذي قدمه الموقع الإلكتروني للحزب لم يقنع الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين طرحوا العديد من الفرضيات التي يمكن أن تقف وراء هذه الاستقالة المفاجئة، من بينها عدم رضاه عن تشكيلة حكومة العثماني.

كما أن التبرير الذي تم تقديمه لم يقنع حتى بعض أعضاء حزب البيجيدي، فقد كتب حسن حمورو عضو المجلس الوطني للحزب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك "استقالة بنكيران خلفياتها سياسية وليست دستورية.. وفي ذلك رسالة... لا لحكومة الإهانة".

موجة الجدل هاته، دفعت القيادي في حزب العدالة والتنمية محمد يتيم، الذي يشغل منصب ووزير الشغل والادماج المهني في حكومة سعد الدين العثماني، إلى الخروج عن صمته وتقديم تبرير آخر، حيث نشر تدوينة على صفحته في الفايسبوك قال فيها إن "استقالة بن كيران من مجلس النواب كانت قرارا سابقا على تشكيل الحكومة فمنذ ترشيحه اليوم الاول كان هناك توجه انه سيقدم استقالته اذا لم يحصل الحزب على المرتبة الاولى، أي إذا لم يكلف برئاسة الحكومة، أي انه لم يكن يرى موجبا للرجوع لمجلس النواب بعد ان كان رئيس حكومة، إما إذا اصبح رئيساً للحكومة فان ذلك من باب السماء فوقنا نظرا لوجود حالة التنافي.

وختم يتيم تدوينته قائلا "لا علاقة لاستقالته بتشكيلة الحكومة الحالية، ولا حاجة الى تحميلها اكثر مما تحتمل".

استقالة بنكيران من وجهة نظر محللين سياسيين

في تعليقه على الاستقالة المفاجئة لعبد الإله بنكيران من مجلس النواب قال محمد البوز أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح لموقع يابلادي "إن السياق الذي تمت فيه الاستقالة هو الذي يطرح المشكل، فبنكيران لم يكن راضيا عن الطريقة التي تم بها تدبير المشاورات الحكومية".

وتابع البوز أن "هذه الاستقالة جاءت قبل أيام قليلة من طرح البرنامج الحكومي أمام البرلمان، وهذا ما يطرح العديد من الأسئلة".

وأوضح في حديثه للموقع أنه لو "قدم استقالته قبل تكليف العثماني برئاسة الحكومة، كان سيكون لها بعد دستوري فقط، ولكنه عندما قدمها في هذه الظرفية أصبحت تحمل بعدا سياسيا، وبات التبرير الذي قدمه الحزب غير مقنع. فلا يمكن أن نرجع الاستقالة إلى الخلفيات القانونية دون استحضار المعطى السياسي".

وبحسب البوز فإن الاستقالة "تنطلق من مبرر دستوري، ولكنها تبطن أهداف سياسية متعددة، ربما جاءت للتعبير عن عدم الرضا، وربما لتجنب الإحراج، فرئيس الحكومة كان يصول ويجول في البرلمان فيصبح بعد ذلك مجرد عضو في البرلمان، والعضوية في البرلمان ستطرح عليه التزامات الحضور والمشاركة، قد لا يكون مهيئا لها من الناحية النفسية".

وأكد أنه من الصعب الاقتناع بما ساقه حزب العدالة والتنمية من مبررات، مضيفا "أعتقد أن الرسائل السياسية حاضرة أيضا".

بدوره نشر عمر الشرقاوي أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط تدوينة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك قال فيها إن قرار الاستقالة لا علاقة له بحالة التنافي "المنصوص عليها في القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب كما يريد ان يسوق ذلك الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، فبنكيران لا يتوفر على صفتين يمنع القانون الجمع بينهما، بل هو برلماني سقطت عنه الصفة الحكومية منذ تعيين العثماني رئيسا للحكومة".

واستحضر الشرقاوي في تدوينته قرار المحكمة الدستورية رقم 825/12 الذي اصدرته سنة 2012 والذي جاء فيه "أن اجل شهر لإنهاء التنافي التي تطبق على الوزراء لا يشرع في احتسابها لدى رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها الا بعد تعيينها من طرف الملك، ومادام بنكيران لم يشكل الحكومة فإن الحديث عن التنافي غير ذي موضوع".

ورأى الشرقاوي أن استقالة بنكيران جاءت مفاجئة ومتناقضة مع خطابه الأخير امام اللجنة المركزية لشباب حزبه والذي أكد فيه أنه كان يستعد للانسحاب من السياسة بيد ان الثقة التي وضعتها على عاتقه الكتلة التي صوتت عليه تفرض عليه الاستمرار والنضال.

وأكد أن قرار الاستقالة هو  "قرار سياسي لتجنب احراج مباركة البرنامج الحكومي لحكومة العثماني خلال جلسة التصويت الاسبوع المقبل".

وبحسب الشرقاوي فإن "استقالة بنكيران هي صيغة مهذبة من صيغ سحب الشرعية عن حكومة زميله في الحزب، وربما قد يكون هذا القرار بمثابة ضوء أخضر لباقي النواب في حزبه لاتخاذ قرارات سلبية اتجاه الحكومة التي يتصدرها حزبهم".

كما يمكن قراءة استقالة بنكيران –يضيف الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط- على أنها "نوع من التمرد و الاحتجاج السياسيين على ما آلت إليه الأوضاع السياسية بعد اعفاءه من طرف الملك. فاستقالة بنكيران تقول ضمنيا ما الفائدة من الانتخابات وتمثيلية البرلمانية اذا كانت النتائج الحكومية غير تلك التي كان يتوخاها جزء من الرأي العام".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال