القائمة

أرشيف

اتحاد المغرب العربي.. من تكتل استراتيجي إلى حلم ضائع

في السابع عشر من شهر فبراير من سنة 1989، أعلن قادة كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، بمدينة مراكش عن تأسيس اتحاد المغرب العربي، الذي كان الهدف من ورائه هو تطوير التعاون الإقليمي ومواجهة أوروبا الشريك الرئيسي لبلدان المغرب العربي، ومواكبة عصر التكتلات الإقليمية في العالم، إلا أنه لم يكتب للحلم أن يتحقق وبقيت معاهدة الاتحاد حبرا على ورق، وجمدت مؤسسات الاتحاد، كما لم تعقد أي قمة على مستوى رؤساء الدول منذ قمة تونس عام 1994.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

في مثل هذا اليوم من سنة 1989 اتفق قادة كل من الجزائر وتونس وليسبيا والجزائر والمغرب على تأسيس اتحاد المغرب العربي.

بداية الفكرة           

ظهرت فكرة اتحاد المغرب العربي قبل نيل دوله الخمس لاستقلالها، غير أنها تبلورت على أرض الواقع خلال مؤتمر للأحزاب المغاربية انعقد في مدينة طنجة في شهر أبريل من سنة 1958، وضم آنذاك ممثلين عن حزب الاستقلال المغربي والحزب الدستوري التونسي وجبهة التحرير الوطني الجزائرية.

وبعد ذلك توالت محاولات تحويل الفكرة إلى أمر واقع، وتم إنشاء اللجنة الاستشارية للمغرب العربي عام 1964 لتنشيط الروابط الاقتصادية بين دول المغرب العربي...

انشاء اتحاد المغرب العربي

نصت معاهدة اتحاد المغرب العربي، التي وقع عليها قادة الدول المغاربية الخمس في مدينة مراكش سنة 1989، على توثيق أواصر الأخوة التي تربط الأعضاء وشعوبهم بعضهم ببعض، وتحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتهم والدفاع عن حقوقها، والمساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف، وانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين، والعمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها.

ويتألف اتحاد المغرب العربي من هيكل تنظيمي يقع على قمته مجلس الرئاسة الذي يضم رؤساء الدول الأعضاء وهو أعلي جهاز في الاتحاد، وتكون رئاسة هذا المجلس لمدة سنة بالتناوب بين رؤساء دول الاتحاد ويعقد الاتحاد دوراته كل سنة ويجوز عقد دورات استثنائية إذا ما دعت الحاجة لذلك ولابد أن تصدر قراراته بعد إجماع أعضائه على الموافقة.

أما باقي أجهزة الهيكل التنظيمي للاتحاد فهي مجلس رؤساء الحكومات ومجلس وزراء الخارجية ولجنة المتابعة واللجان الوزارية المتخصصة والأمانة العامة ومجلس الشوري والهيئة القضائية والأكاديمية المغاربية للعلوم، والمصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية.

أما اللجان الوزارية المتخصصة فتقع في أربع لجان متخصصة وهي لجنة الأمن الغذائي ولجنة الاقتصاد والمالية ولجنة البنية الأساسية ولجنة الموارد البشرية، وللاتحاد نشيد كتب كلماته محمد الخضر السايحي من الجزائر ووضع لحنه سمير العقربي من تونس.

أهمية الاتحاد

تعد اقتصاديات الدول الخمس المشكلة للاتحاد مكملة لبعضها البعض، حيث أن الاتحاد في حال تفعيله سيحقق الاكتفاء الذاتي لكل هذه الدول في معظم حاجياتها. وتبلغ مساحة دول هذا الاتحاد مجتمعة حوالي 5.782.140 كلم²، وهي مساحة تفوق مساحة الاتحاد الأوروبي. يبلغ عدد سكان اتحاد المغرب العربي حوالي 100 مليون نسمة 80٪ منهم يعيش في المغرب و الجزائر كما أن البلدان يملكان أقوى إقتصادين في هذا الاتحاد، حيث أن مجموع اقتصاد البلدين يساوي ٪75 من الإقتصاد الإجمالي لدول الاتحاد.

أسباب الفشل

ولد اتحاد المغرب العربي وأسباب الفشل كامنة في داخله، فقبل المصادقة على معاهدة تأسيسه بسنوات، كانت دوله الخمس قد دخلت في سياسة التحالفات الثنائية بدل العمل الجماعي، فتونس وليبيا أعلنتا معا في شهر يناير من سنة 1974، اندماجهما معا، هذا الاندماج الذي سرعان ما سيفشل، ليدخل البلدان في مسلسل من الخلافات بعد ذلك.

وفي شهر مارس من سنة 1983 وقعت كل من تونس والجزائر اتفاقية الأخوة والتعاون والتحقت بهما موريتانيا، وقد نظرت الرباط وطرابلس بعين الشك لهذا التحالف، فردتا بتأسيس الاتحاد العربي الأفريقي في شهر غشت من سنة 1984 في مدينة وجدة، لكن سرعان ما تفكك هذا الاتحاد سنة 1986.

غير أن العامل الأبرز الذي يقف وراء فشل اتحاد المغرب العربي، يتمثل في الخلاف المغربي الجزائري، حيث كانت الجزائر تشير بأصابع الاتهام إلى المغرب في دعم الجماعات المسلحة الجزائرية، فيما اتهمت الرباط الجزائر بالوقوف وراء تفجير مراكش سنة 1994، وفرض المغرب التأشيرة على الجزائرين وردت الجزائر بأن أغلقت حدودها مع المغرب، وهو ما زال متواصلا لحد الآن.

كما يعتبر نزاع الصحراء من الأسباب الرئيسية لفشل هذا الاتحاد، حيث تحتضن الجزائر جبهة البوليساريو وتدعمها دبلوماسيا وعسكريا...

كلفة اللامغرب

تشير العديد من الدراسات الاقتصادية إلى أن "اللامغرب" يكلف البلدان الخمس خسارة بالنسبة للمبادلات التجارية بملايير الدولارات، فيما يتسبب عدم تفعيل مؤسسات الاتحاد في تضييع ما يقارب 2 إلى 3 نقطة نمو سنويا.

على أرض الواقع لا تمثل المبادلات التجارية بين البلدان المشكلة للاتحاد سوى 2 في المائة من قيمة معاملاتها الخارجية، وهو الرقم الأضعف في العالم إذا نظرنا إلى حجم المبادلات التجارية بين بلدان المنطقة الواحدة كبلدان الاتحاد الأوروبي أو بلدان جنوب شرق آسيا أو بلدان أمريكا اللاتينية...

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال