وجدت جبهة البوليساريو نفسها أمام الأمر الواقع، فبعد معارضتها بشدة لطلب المغرب الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي، بدأت تقتنع أن المملكة تحظى بدعم عدد كبير من الدول الإفريقية، وأن عودتها إلى المنظمة القارية بات وشيكا.
فبمجرد تقديم المغرب طلبا رسميا للانضمام إلى الاتحاد الإفريقي سارعت جبهة البوليساريو وحلفاءها إلى اتهام المملكة بأنها تسعى للانضمام إلى المنظمة القارية، بغية القيام بتفكيكها من الداخل، في إشارة إلى إمكانية إقدام المملكة على التقدم بطلب لتعديل القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، ما سيخولها تقديم التماس لطرد جبهة البوليساريو من الاتحاد.
وكانت الجبهة الانفصالية التي تعتبر عضوا كامل العضوية في الاتحاد الإفريقي قد خرجت من قمة كيغالي، التي عقدت نهاية شهر يوليوز الماضي، متأكدة من أن الطلب المغربي سيكون مصيره الرفض التام، وذلك وفقا لتصريحات أدلى بها قادة في البوليساريو حينها.
لكن، ومباشرة بعد نهاية مباحثات أجراها أول أمس الإثنين مع الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال، بدا زعيم جبهة البوليساريو ابراهيم غالي أقل حدة بشأن انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وقال في حوار نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أنه أخذ علما بالمراحل التي قطعها الطلب المغربي بعد "تصديق النظام المغربي على النصوص التأسيسية للاتحاد"، داعيا "الدول الأعضاء إلى حل خلافاتها عبر الطرق السلمية".
وأضاف زعيم الجبهة الانفصالية أن قمة الاتحاد الإفريقي "ستدرس الطلب المغربي بالانضمام إلى الاتحاد، وفي حال التأكد فعلا من صدق النظام المغربي في طلبه بالانضمام من دون شرط ولا قيد، مع احترام القانون التأسيسي بكل بنوده، عندها ستتخذ القمة القرار بالقبول أو التأني أو الرفض".
وأضاف أن الطلب الذي تقدم به المغرب يمثل "مكسبا كبيرا للقضية الصحراوية"، مضيفا أنه يشكل انتصارا لما أسماه "الشعب الصحراوي والقضية الصحراوية والاتحاد الإفريقي".
وتابع غالي في محاولة لتبريرعجز البوليساريو وحلفائها عن الوقوف عائقا أمام انضمام المغرب للمنظمة القارية وقال إن الانضمام المرتقب للمغرب يؤكد انتصار "القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي الذي يلزم الدول الأعضاء باحترام الحدود الموروثة عند الاستقلال واحترام كل الدول المكونة للاتحاد وسيادتها".
واتهم غالي في حديثه المغرب بالقيام بحملة كبيرة لإيهام الرأي العام المحلي بأن الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي يشكّل نصرا له، بينما الأمر بحسبه يتعلق بانتصار للبوليساريو، وطالب بضرورة التشبث بميثاق الاتحاد الإفريقي والدفاع عن قدسيته خلال القمة المقبلة للاتحاد الإفريقي، وقال:
"نأمل في أن تكون هذه الخطوة متبوعة بخطوات شجاعة من طرف النظام المغربي، تشمل الاعتراف النهائي بسيادة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على كامل حدودها، المعترف بها دوليا، وذلك خدمة لاستقرار وأمن وسلم القارة الإفريقية".
وسلم غالي بانضمام المغرب للمنظمة القارية قائلا نأمل في أن "يساهم المغرب في الحفاظ على وحدة القارة من خلال احترام الميثاق التأسيسي واحترام حدود الدول وسيادتها، بما فيها الجمهورية الصحراوية، وأن يكون له دور إيجابي في المنظمة القارية".
وسبق لوزير الخارجية المغربية صلاح الدين مزوار أن قال أمام مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي، إن المملكة حصلت على دعم أربعين دولة من أصل 53 دولة عضو في الاتحاد الإفريقي، وهو ما أكده مصدر إفريقي مشارك في الاجتماعات التحضيرية للقمة لوكالة الأناضول التركية، حيث قال إن طلب المغرب حصل بالفعل على موافقة تسع وثلاثين دولة، وأن الرئيس الدوري للاتحاد الرئيس التشادي إدريس ديبي سيقدمه إلى القادة ضمن جدول أعمال القمة التي ستعقد يومي 30 - 31 يناير الجاري.
وينص القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي على أن قبول عضوية أي بلد إفريقي في الاتحاد يتطلب حصوله على نحو ثمانية وعشرين من أصوات الدول الأعضاء.
وسبق لرئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران أن قال إن الملك محمد لسادس سيتوجه شخصيا إلى العاصمة الإثيوبية إدس أبابا، من أجل الدفاع عن انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي.