نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة بالجزائر: كنا نريد أن نضع نهاية لقضية الصحراء ولا يحق للنظام الجزائري أن يرفع شعار الدفاع عن القضايا العادلة

كيف تقيمون تجربة الاسلاميين في الحكم بالمغرب؟

لاشك أن الاسلاميين يجتهدون حسب زمانهم ومكانهم والظروف التي تحيط بهم، شريطة أن تكون النوايا خالصة لوجه الله عز وجل وأن تكون موافقة للشرع غير مخالفة له، وهذين قيدين أساسيين في أي عمل سياسي إسلامي، أما مسألة تقييم تجربة حكم الاسلاميين في المغرب فأهل مكة أدرى بشعابها.

هل لديكم اتصالات أو علاقات مع أحزاب أو جماعات إسلامية في المغرب؟

ليس لدينا اتصالات مباشرة، ولكن في الحقيقة بيننا وبين الاسلاميين في المغرب رحم الاسلام، فالدين هو الذي يجمع بيننا، والقاسم المشترك هو خدمة الاسلام حيث ما وجدنا وإن تفرقت أوطاننا وحكامنا وأمراءنا وملوكنا.

كيف تنظرون إلى الجمود الذي يعاني منه اتحاد المغرب العربي؟

هذا الجمود لا يرجع إلى الشعوب وإنما يرجع إلى الحكام، فالذين يحكمون هذه البلاد هم المتسببون في قطع الأواصر بين أبناء الأمة الواحدة التي تجمع بينها كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، والإسلام، والقرآن، والمصير والمشترك. لو عادت الكلمة إلى الشعوب لرأيتنا نتبادل الزيارات أنتم عندنا اليوم ونحن عندكم غدا.

نحن دعاة وحدة ونطمح أن تكون الأمة الإسلامية أمة واحدة وأن لا تفصل بينها حدود ولا سدود ولا قيود. فدار الاسلام دار واحدة، والتفرقة بيننا هي لخدمة السلطان وليست لخدمة الشعوب.

ما موقف الجبهة الإسلامية للإنقاذ من قضية الصحراء؟

نظن أنه على ملك المغرب ورئيس الجزائر أن يتفقا على حلول سياسية تنهي مجمل القضايا التي أفسدت علاقة البلدين على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي، وتسببت في قطع الأواصر حتى بين العائلات المتجاورة على الحدود.

ونظن أن حل هذه القضية يرجع إلى الحكام وليس إلى الشعوب. فالشعوب مغلوبة على أمرها فحتى عندما تختار حكامها ينقلبون عليهم ولا يعطونهم حقهم في العمل السياسي، وهو ما يؤدي إلى هذه الكوارث التي لا زلنا نعاني منها منذ آماد بعيدة.

فالمسألة كما أسلفت ترجع إلى الحكام إما أن يتفقوا على حلول سياسية ويعالجوا هذه الأزمات وجذورها القديمة، والتطورات الحديثة لها، وإما أن يذهب النظام الملكي ويذهب النظام الجزائري ويخلفهما من هو خير منهما وأرشد وأبعد نظرا فتتم الوحدة بين هذه الشعوب.

والجبهة لإسلامية للإنقاذ كانت لها رؤية لحل هذه القضية، وكانت تريد أن تضع نهاية لها، لكن هناك حوائل حالت دون ذلك بالطبع.

أنا أظن أن العقلاء من الجهتين باستطاعتهم حل هذه القضية بعيدا عن الأمم المتحدة، وبعيدا عن تدخلات الدول الغربية. ولكن المسألة كما قلت لا ترجع إلى الشعوب ولا ترجع إلى الحركات الإسلامية عندنا وعندكم.

النظام الجزائري يدعم البوليساريو ويعلل موقفه بكون قضية الصحراء قضية عادلة وبأنها قضية تصفية استعمار...

النظام الجزائري الذي يرفع شعار كونه مع القضايا العادلة هو ليس كذلك، هو في الحقيقة دمر شعبه. وحتى لو أننا أجرينا مقارنة بسيطة، فضحايا الشعب الجزائري على يد النظام الجزائري أكثر من ضحايا المغرب في قضية الصحراء الغربية. وبالتالي لا يجوز له أن يرفع شعار القضايا العادلة وهو الذي دمر شعبه...أكثر من ربع مليون جزائري قتلوا فضلا عن عدد من المفقودين واليتامى...فهل يحق للذي فعل في شعبه كل هذا أن يرفع شعار القضايا العادلة؟

وأين هو من القضايا العادلة..فهو لا يناصر القضية الفلسطينية العادلة مناصرة حقيقة، وأين هو من قضية ما يحدث في سوريا ومن نظام الأسد الذي يقتل شعبه؟ طبعا ذهب إليه ووضع يده في يده ونصحه بالحلول السياسية التي لا يلتزم بها داخليا.

الخلاف بين المغرب والجزائر بدأ في الآونة الأخيرة يأخذ أبعادا أخرى، حيث بدأت الجزائر تتقرب من النظام الإيراني والسوري، فيما اتجه المغرب نحو دول الخليج العربي...

نعود بالله من هذه الأحلاف التي تمزق الشعوب وتمزق المنطقة وتمزق الأقاليم سواء عندنا في الجزائر أو عندكم في المغرب، لاشك في أن هذه الأحلاف لا تريد مصلحة الشعوب ولا تريد استقرارها. الأموال التي تدفع لشراء الذمم من هذا الطرف أو من ذاك لو صرفت على الشعوب وعلى المناطق الفقيرة عندنا وعندكم لكان أفضل وأجدى.

دول الخليج تؤازر المغرب، والدول التي تمارس الديكتاتورية في أبشع صورها تساند النظام الجزائري وهو يساندها، نحن نعود بالله من هذه الأحلاف التي تغذي الصراع وتزكيه.

ملك السعودية سلمان قال بأن تحالف دول الخليج مع المغرب تحالف استراتيجي وعسكري كأنه يريد أن يخوض حربا، ونحن أيضا في الجزائر نرتمي في أحضان روسيا التي تدمر الشعب السوري، وفي أحضان إيران التي خرجت من الطور الدعوي الفكري إلى الطور العسكري بالاعتداء على الشعوب.

الحكام في السعودية والجزائر والمغرب مهما طال الأمد سيرحلون وسيورثون للأجيال القادمة محنا وفتنا، والأفضل أن نسارع إلى إيجاد حلول عاقلة ومفيدة تعود بالمياه إلى مجاريها.

أخيرا، هل ما زال للجبهة الاسلامية للإنقاذ تواجد في الشارع الجزائري؟

الجبهة الاسلامية للإنقاذ منعت قانونيا ولكنها لم تمنع اجتماعيا ومازال عندها امتداد اجتماعي، وأي حزب عنده امتداد اجتماعي لا يمكن أن تقضي عليه ورقة إدارية أو حكم جائر أو عدالة زائفة، لذلك نحن نجتهد بقدر ما نستطيع رغم المحاصرات والمنع ولكن المسألة مسألة وقت ومسألة ثبات، وما ضاع حق وراءه طالب.