كادت أشغال الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية دول المغرب العربي أن تنتهي دون إصدار بيان ختامي، وذلك بسبب الخلافات المغربية الجزائرية بشأن الصراع المسلح بين الفرقاء الليبيين.
وأصر المغرب على إدراج بند في محضر الاجتماع يتضمن ما يشير إلى ربط انتقال المجلس الرئاسي الليبي للعمل انطلاقا من العاصمة طرابلس، ونجاح التوافقات السياسية في ليبيا باتفاق الصخيرات الذي وقعته الأطراف الليبية المتصارعة في شهر دجنبر الماضي تحت رعاية أممية.
ورفض الوفد الجزائري ما ذهب إليه الوفد المغربي، معتبرا أن مضمون هذا البند "سياسي" بالدرجة الأولى، مضيفا أن التحولات الجارية في ليبيا تجاوزت الاتفاق الموقع في الصخيرات، واعتبر أن التوافق الحاصل في ليبيا تتحمل فيه الجزائر "عبئا سياسيا كبيرا، إضافة إلى الأعباء الأمنية".
ودفع الخلاف المغربي الجزائري إلى إلغاء الندوة الصحفية التي كانت مقررة في ختام الاجتماع.
ووصلت وفود البلاد المغاربية الخمسة إلى صيغة توافقية، حيث ثمن البيان الختامي اتفاق الصخيرات، وعبر عن "ترحيبه بانتقال المجلس الرئاسي الليبي لحكومة الوفاق الوطني إلى العاصمة طرابلس، في خطوة هامة في سبيل تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015، في إطار المسار السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة".
كما ثمن البيان "الجهود الحثيثة التي بذلتها تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا"، ودعا المجلس في بيانه الذي تلاه الحبيب بن يحي، الأمين العام السابق لاتحاد المغرب العربي، مجلس النواب الليبي إلى "استكمال الاستحقاقات الواردة في هذا الاتفاق، باعتباره الجسم التشريعي الوحيد، حتى يتسنى للمؤسسات الليبية مباشرة مهامها في إدارة شؤون البلاد واستتباب الأمن والإستقرار".
كما أكد المجلس على "ضرورة الحفاظ على سيادة ووحدة تراب ليبيا وتلاحم نسيجها الإجتماعي، مجددا رفضه لأي تدخل عسكري في ليبيا وداعيا المجموعة الدولية إلى تحمل مسؤولياتها في دعم حكومة الوفاق الوطني، باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للشعب الليبي ومساعدتها على التخفيف من معاناته وتمكينه من مقومات الأمن والاستقرار، اللذين يعتبران جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار دول إتحاد المغرب العربي والمنطقة عموما".
وشارك في الاجتماع إلى جانب امباركة بوعيدة الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الوزير الجزائري المكلف بالشئون المغاربية والإفريقية والجامعة العربية عبد القادر مساهل، ووزير الخارجية التونسي خميس الجيهناوي، ومحمد الطاهر سيالة مفوض المجلس الرئاسي الليبي، وخديجة امبارك فال مساعدة وزير الخارجية الموريتاني مكلفة بالشئون المغاربية والإفريقية.
يذكر أنه ومنذ بداية الانقسام الليبي، دخل كل من المغرب والجزائر في صراع وتنافس دبلوماسي، من أجل تصدر مشهد الحوار الليبي، إذ حاول كل بلد تقديم الحوار الذي يستضيفه على أنه "الحوار الرئيسي" الذي يحظى بالأهمية والشرعية.
غير أن الحوار الذي استضافه المغرب حضي بإشراف أممي وبدعم عدد من القوى الأجنبية كالولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما رأت فيه الجزائر اختراقا لمجال اشتغالها خاصة وأنها ظلت ولمدة صاحبة اليد الطولى في الملف الليبي حيث سبق لها أن قادت المشاورات بين دول الجوار الليبي.