الشاب الكاميروني "آلان آموكو"، أحد هؤلاء، حيث كاد أن يفقد حياته، وهو ابن الثالثة والعشرين، بعد مرور أقل من أسبوع على وصوله إلى المدينة المطلة على مضيق جبل طارق.
"آموكو" قال في حديث للأناضول، "جئت إلى طنجة لأجرب حظي في العبور إلى إسبانيا بحرا، لكني كدت أن أفقد حياتي، بعد أن طعنني مغاربة، لا أعرف من هم، بسكاكين في رأسي، وأنا لم أفعل أي شيئ يستحق الاعتداء علي".
الشاب الكاميروني، رفض في البداية الحديث أمام الكاميرا، وسط الحي الذي حل به، خشية الانتقام منه، ولم يتخلص من خوفه إلا بعد أن صحبه فريق الأناضول بعيدا.
ومضى قائلا بصوت خافت يغلفه الذعر والخوف، "لا زلت خائفا، وأخشى أن يعودوا إلى الاعتداء علي من جديد".
"آموكو" حين تعرض للاعتداء، تم نقله إلى المستشفى وهو مغشيا عليه، كما يحكي، وفي اليوم التالي، عاد إلى حي العرفان، ليجد النار أتت على جميع الخيام التي كان ينصبها أصدقاؤه بالقرب من عمارات سكنية بين بضعة أشجار، ظلت صامدة أمام الزحف الإسمنتي.
وأضاف، "وجدت متاع أصدقائي محروقا بالكامل، فكما أخبروني، بمجرد وصول الشرطة إلى المكان، طلبت منهم الابتعاد مؤقتا عن الحي، لتجنب اعتداءات المغاربة الذين كانوا يرشقونهم بالحجارة، لكن حين عادوا بعد ساعات وجدوا النار قد التهمت كل شيئ" .
وبعد وصوله إلى طنجة، كان الحلم الأوروبي يزداد وهجا، بحكم تواجده بمدينة تطل على الجنوب الإسباني، لكن أمنيته الآن، كما يؤكد بنفسه "حياة آمنة".
وتساءل الشاب الكاميروني، لماذا تم الاعتداء عليه، وما سبب المواجهات التي اندلعت ليلة الجمعة الماضية بين مجموعة من مثيري الشغب المغاربة، والمهاجرين الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء، هل يرتبط الأمر بعملية انتقام، تطورت إلى مواجهات مفتوحة؟.
ثم يتابع "آموكو" حديثه تعقيبا على هذه الأسئلة، "لا أعرف أي شيئ...كنت جالسا لوحدي بالشارع، وفجأة وجدت نفسي محاطا بأشخاص انهالوا علي بالضرب وبطعنات على مستوى الرأس".
وارتباطا بهذه الأحداث، أوقفت السلطات المغربية، يوم أمس الثلاثاء، 3 مشتبه بهم في الضلوع في مقتل مهاجر سنغالي، خلال مواجهات اندلعت مساء الجمعة الماضية بين مهاجرين منحدرين من دول جنوب الصحراء بحي العرفان بمدينة طنجة.
وقال بيان صادر عن محكمة الاستئناف بالمدينة، إن بحث الشرطة القضائية أفضى إلى "اعتقال 3 أشخاص يشتبه في علاقتهم بوفاة شخص من جنسية سنغالية".
وتواصل السلطات، وفقا للبيان، تحقيقاتها لضبط باقي المتورطين في الجريمة، في الوقت الذي تمت إيداع المشتبه فيهم الثلاث السجن على ذمة التحقيق، دون تحديد هوياتهم.
من جانبه، اتهم البرلماني المهدي بنسعيد، رئيس لجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب المغربي، حكومة بلاده، بـ"التباطؤ في مواجهة التمييز والعنصرية ضد المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء".
جاء ذلك في سؤال كتابي وجهه لوزير الداخلية، محمد حصاد، بخصوص هذه المواجهات.
وقال بنسعيد في تصريحات سابقة لوكالة "الأناضول" إن الحكومة "لم تأخذ بعين الاعتبار كل التحذيرات والرسائل التنبيهية التي كانت توجه إليها من قبل أحزاب المعارضة البرلمانية ومنظمات المجتمع المدني بشأن تفاقم التمييز والعنف ضد المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء، قبل أن تتحول هذه التصرفات إلى مواجهات عنيفة بين هؤلاء المهاجرين وساكنة أحد أحياء مدينة طنجة".
وأضاف النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة أن "العنصرية التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة المقيمون بالمغرب، وصلت إلى درجات خطيرة، بعد أن تحولت من القول الشفهي إلى أعمال قتل وعنف جسدي ضد المهاجرين".
ولفت إلى "أهمية مسارعة الحكومة المغربية إلى نهج سياسة موازية للتدابير التي اتخذتها في مجال الهجرة وإدماج المهاجرين، تقوم على أساس نشر قيم التسامح والتضامن في صفوف المواطنين المغاربة وحثهم على قبول هؤلاء المهاجرين المقيمين بالمغرب، باعتبارهم يشكلون إضافة لمستقبل البلاد لا مصدر خطر وتهديد لها".
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من السلطات المغربية حول تصريحات بنسعيد، غير أنه من المفترض أن يرد وزير الداخلية على بنسعيد إما كتابة أو شفاهة، خلال الفترة المقبلة، حسب لائحة البرلمان المغربي.
وبدأت السلطات المغربية في 2 يناير الماضي، تنفيذ إجراءات تتعلق بتسوية وضع اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين بالبلاد، حيث قرر المغرب تسوية وضعية 850 طالبا للجوء معترف بهم، من قبل المفوضية العليا للاجئين ومنحهم الإقامة في البلاد، إلى جانب "وضع شروط استثنائية" لمنح الإقامة للمهاجرين غير الشرعيين، والذين تتراوح أعدادهم حسب السلطات ما بين 25 و45 ألف مهاجر من جنسيات مختلفة.