كيف تحولت من عنصر فاعل في جبهة البوليساريو، إلى منتقد لها، وماهي أسباب التحول الذي وقع في مسارك الفني؟
حدث ذلك، بعدما تأكدت أن لا امل من وراء اتباع قيادة البوليساريو، وعندما تلاشى الحلم الكبير الذي كنت أحلم به، ووقفت على حقيقة انه لا أمل يلوح في الأفق إذا بقينا نعيش وفق ما تمليه علينا مصالحهم، ومصالح الدولة الجزائرية التي لها اطماع في السيادة على صحرائنا وهو الامر الذي لانقبله، وبعدما تأكدت من ان اطلاق ايادي أتباع القيادة في المخيمات ما هي إلا محاولة للتخلص من المناضلين الذين يرفضون رفضا قاطعا سياسة البوليساريو.
وكذالك بعدما عانينا الامرين لقرابة النصف قرن من التهميش ومن أعمال القيادة الدنيئة والخسيسة، والتي كانت تغيب عنا بفعل واقع التعتيم الاعلامي المتواصل طيلة سنوات.
في الماضي كانت لدينا قناعات عمياء كنا نؤمن أنه باستطاعتنا بناء دولة إن اعتمدنا على القيادة التي كنا نثق فيها الى درجة اننا كنا نتشاجر مع الاخوة والزملاء الذين عرفوا ما لم نعرفه في ذلك الوقت، وكنا اذا ما سجن او قتل احد المعارضين نتلذذ بذلك، لأننا كنا مقتنعين تماما ان قيادتنا إن قالت ان فلان او علان مندس او خائن او عميل فهي صادقة، ولكن وبعد ان اطلعت على الامور عن قرب وصرت رئيسا لقسم في "وزارة الثقافة" وتقربت من مركز القرار اكتشفت اننا كنا في غياب تام عما يحصل داخل كواليس السلطة من تخريب للامكانيات ومن تعذيب وتعسف وجبروت وغطرسة تحت حماية جزائرية ولعلمكم انا لم اغني ابدا للسلطة ولكن غنيت للأطروحة التي كنت مقتنعا بها.
اما موضوع التحول في مساري الفني فلا أضنه حصل، كل ما في الأمر كنت أغني انطلاقا من قناعة كنت مؤمنا بها وصرت اغني لقناعة أصبحت مؤمنا بها.
تحدث البعض عن محاولة اغتيال استهدفتك في وقت سابق من طرف عناصر في جبهة البوليساريو، ما حقيقة الأمر؟
كان ذلك في شتاء 2011 ، كنت حينها متجها الى خيمتي قادما من مكان اعتصامي المتواجد امام مبنى المفوضية السامية لغوث اللاجئين في سيارتي ال"مرسيديس"، ففوجئت بسيارة تحمل نفس مواصفات سيارتي على الطريق الرابط بين مخيم الرابوني ومخيم السمارة وقد صدمتها سيارة عسكرية غير مرقمة تابعة لاحدى الجهات الامنية. قيل لي بعد ذلك من مصدر موثوق بأنني كنت انا هو المقصود وقد اعطيت مواصفات سيارتي لسائق الشاحنة الذي اختلف عليه الامر...
ما حقيقة المضايقات التي يقال إنك تتعرض لها من قبل جبهة البوليساريو؟
أي ثائر يعارض السلطة ويفضح زيفها وتسلطها سيعاني من الحاصر و يتم تضييق الخناق عليه والتشهير به وخاصة عند ما يكون له اسمه وشعبيته، وقد تلجأ السلطة أحيانا إلى بعث بعض البلطجية قصد اخافته أوتشويه سمعته ومحاولة منعه من إقامة أي نشاط مهما كان نوعه. وأنا تعرضت لكل هذه الاساليب فعند عودتي من موريتانيا حوصرت في خيمتي ووضعت رهن الاقامة الجبرية كما تم إحداث "مرسوم وزاري" يمنعني من اقامة اي نشاط مهما كان نوعه فلجأت الى الاعلام عن طريق المواقع الاجتماعية للتعريف بقضيتي وجلب التعاطف معي، وفي الاخير وفقت في جذب انظار بعض المتعاطفين مما شجعني على الخروج بقضيتي الى الشارع وبدأت في استقطاب المتعاطفين شيئا فشيئا...
وفي هذه المرحلة تعرضت للإهانات من طرف القيادة الفاشلة ومناصريها. وعلى مرأى من عناصرها تمت سرقة آلاتي الموسيقية بعدما كنت اقيم حفلا في خيمة الاعتصام وبعد ذلك بأيام تمت سرقة الخيمة بما فيها، وبقيت في العراء مدة شهر اقوم بما انا مقتنع به الى ان اجابتني الامم المتحدة بأنها ليس لها حل لمشكلتي ورجعت الى نواكشوط لتسجيل شريطي الثاني الذي ينادي بالتغيير، وعند عودتي حرمتني السلطة من لقاء أفراد منظمة كندي الحقوقية وعند ذهابي للقاء روس تعرضت للضرب والإهانة والسب والشتم وبأساليب شنيعة كما أن المضايقات طالت ابنائي الذين لا ذنب لهم سوى ان ابوهم جهر بما يقوله الكل سرا، فلقبو بأبناء الخائن وابناء العميل...
هل سبق لك أن التقيت ببعض بالمؤسسات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان؟
كما قلت لك انا اعتبر نفسي "ملفا حساسا" ولنقل فنانا محكوم عليه بالاعدام، فاعدام الفنان يتمثل في قطع لسانه وهذا ما وقع لي، وذلك حتى لا يصل صوتي الى العالم الخارجي يجب ان ابقى محاصرا ومراقبا، فلم يتسن لي الاتصال بمن يعنيهم امر حقوق الانسان...
انتشرت مؤخرا بعض الأشرطة في مواقع التواصل الاجتماعي التي ينتقد أصحابها قيادات البوليساريو، هل هي حالات معزولة، أم أنها تعبر عن واقع الحال داخل المخيمات؟
كل ما ينشر يعبر عن واقع المخيمات فالأشرطة التي تدين القيادة تعبير عن واقع غليان شعبي في طريقه الى الانفجار. وما حرق الخيمة المعدة لاستقبال الاجانب يوم 30 من الشهر الفارط في مخيم الداخلة على هامش مهرجان للسينما إلا دليل واضح على الغليان وهي سابقة لم يعرفها المخيم منذ بداية اقامة هذا المهرجان قبل عدة سنوات. اقيمت في المخيمات عدت مظاهرات واعتصامات واضرابات عن الطعام وعن العمل الى اخره فبدايتها كانت مظاهرات "88" التي تلتها وقفات احتجاجية من قبل المواطنين على الطريقة التعسفية والقمعية المشينة التي قمعت بها المظاهرة وتلتها اضرابات عن العمل من قبل الاطباء ثم المعلمين....
وهناك اعتصام مازال متواصلا الى حد الان امام المفوضية للتعبير عن رفض الممارسات القمعية والخروقات التي تمارسها القيادة ضد حقوق الانسان في المخيمات بمساعدة الدولة الجزائرية التي توفر لها الحماية.
ما حقيقة محاصرة المخيمات من قبل الجزائر؟
تحت غطاء الحماية من الارهاب ومنع تسريب الممنوعات داخل التراب الجزائري قررت الجزائر ان تحاصر المخيمات باقامة حواجز رملية بين المخيم والآخر واقامة معسكرات للجيش الجزائري بين المخيمات واقامة جدار رملي يضم كل المخيمات مرفوق بحراسات للجيش الجزائري خوفا من خروج اللاجئين لأنهم صاروا يعون خطورة الواقع الذي يوجدون فيه.
ما رأيك في مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لإنهاء النزاع حول الصحراء؟
ارى انه مقترح يجب مناقشته فهو طرح قابل للنقاش والتفاوض من الطرفين المعنيين دون تدخل اي طرف ثالث، كما ارى ان الطرفين اذا ما اجتمعا وتناقشا فيما بينهما سيصلان الى تسوية، والحكم الذاتي احدى المقترحات المدعومة من قبل المجتمع الدولي، ولكن قبل اي طرح انا اقترح إخراج اللاجئين من هذه المنطقة وابعادهم عن الجزائر والموالين لها الذين هم اساس المشكلة.والخلاص سيكون حين تستبعد القيادة والجزائر ليبقى الحوار صحراويا مغربيا.