القائمة

الرأي

حكـومـة والـــو و تعـلـيم الـجـبــابــرة

نشر
DR
مدة القراءة: 10'

الديبلوماسية: والو، التشغيل: والو، الصحة: والو، الأمن: والو، السياحة: والو، الرياضة: والو (ولا ميدالية وحدة، بطولة العالم لألعاب القوى عام 2013)، العدالة: والو، الثقافة: والو، الجالية: والو، الإقتصاد، التصدير: والو، أمــّا التـعليم الإبتدائي، الثانوي ولا ّ كاع الغالي غير لا تهضرش عليهم، أو هادا مرتبط فى العمق بغض النظر على المناهج التربوية اللي ما عندها حتى علاقة لا بسوق الشغل، لا بالواقع ولا ّ المعايش اليومي، بمعيقة لغة التدريس أو التثقيف، إيـلا ما ستعملناش لغة مقبولة، لغة شعبية محبوبة من طرف الجميع ما عـمـّرنا نزيدوا ألــّـقـدّام، لأن جميع الدول اللي ركــّزوا على لغة الكل ّ، لغة الحب، المحبة، على اللغة الحية اللي مـدّاولة بـقـوة نجحوا فى مسارهم العلمي، المعرفي أو الحضاري، كاينين لغات ميكروسكوبية، ولاكن كـيــتــّـعتابروا الدول الي كيستعملوها عمالقة، قرائح لا فى ميدان العلم، الثقافة أو الإبتكار اللي كتعود على البشرية جمعاء بالخير أو البركة، مثلا إسطونيا، كيعيشوا فيها 1،4 مليون نسمة، ولاكن عـلماءها المعلوماتيين هوما اللي ختارعوا "سكايب" اللي كيستعمل العالم بأسره اليوما، شركة "نوكـيا"  الخاصة خلقوها فينلاديين بلغتهم الحية اللي كتشغــّـل فى العالم كثر من 000 100 شخص، فى النرويج كيعيشوا خمسة ديال المليون، ولاكن 3 ديال الكتاب نروجيين حصلوا على جائزة نوبل فى الآداب، حنا عندنا يلا ّه نجيب محفوظ، كثر من 300 مليون نسمة كتعيش فى الدول العربية أو شمال إفريقيا، بـلا فـايـدة! "فولفو"، شركة سويدية، كـتـشـغــّل كثر من 000 100 ديال الناس، "سْـكانـَـســْـكا"، شركة سويدية خاصة ديال البني، ضامنة القوت لَ 000 60 فرد، كـثـر من مجمع الفوسفاط ديالنا، "ميرْكـس"، شركة خاصة دانماركية (الدانمارك: 5 مليون نسمة) اللي متواجدة كذلك فى المغرب كـتـشــغــّل كثر من 000 110 عبر العالم، جميع هاد الدول الصغرى ركــّـزوا على اللغة الحية اليومية بلا ما ينساوْا تـدريس اللغة النكليزية من القسم اللول، ضروري نطرحوا السؤال: واش غير هاد الناس اللي عندهم الـعـقــل أو حنا خـرجنا عـلـيه، "يصح الــوجـهــان"؟

الحل الوحيد هو التعليم، التثقيف باللغة الحية، يعني بالمغربية، بالتــّـمغرابية، بـلا ما نـدخــّلوا لا الدين، لا السياسة فى المنظومة التربوية، بلا لغة الأم ما يمكنش لينا نـتــعــلــّموا لغة ثانية، ثالثة بسهولة، لأن اللغة الحية أو الهوية الرصينة هوما اللي كيفتحوا لينا الشهية، الباب على العالم الخارجي، ضروري ندركوا أن الجنين كيخزّن فى الثلث الأخير جميع ألحان لغة أمــّـو أو هو باقي فى الكـرش، كيف ثبتات بحوث لسانيين فرانساويين أو ألمانيين، إيـلا سمع من بعد الرضيع لغـة، صوْت أمـّو أكيد ما كيفهمش المضمون، ولاكن بلا شك كيفهم الرسالة العاطفية، إيلا تعلـق الأمر بلغة أجنبية ما غادي يفهم والو: لا المضمون، لا الرسالة العاطفية. كاين شبه إجماع فى ما بين اللسانيين أن التمكــّن من لغة الأم ضروري باش يمكن لينا نستوعبوا، نـتـعـلــّموا بسهولة لغات جديدة.  

بلغة الأم الحقيقية، ماشي الإفتراضية، كيبداوا الـدّراري كيفـكروا، كيحلموا، كيخطــّطوا، إعـبـروا على رغبتهم، آرائهم، رفضهم، ستنكارهم، اللغة "جزء لا يتجزء" من هوية الطفل، أو هي الوحيدة اللي كتشكل العمود الفقري للتطور الهوياتي. تهميش، إقصاء لغة الأم هادا ما كيدل ّ غير على نكران للذات، ألــّـهوية أو للشخصية، إيلا تعلم الدرّي الصغير كيفاش إعبـّر فى سن مبكر بلغتو الحية ما غادي يلقى حتى شي مشكل إيلا تعلم لغة جديدة من بعد، لذلك ثغرات فى لغة الأم غادي تشكل معيقة فى إطار تعلم لغة ثانية أو ثالثة، لغة الأم، لغة القرب أو القرابة ضرورية، هي اللي كتدفعنا نعبروا عن حواسنا، هادي هي المهارة المهمة اللي كنحتاجوا باش نبتكـروا التوازن النفسي، نعمة البال، الألفة العاطفية أو المودة الحقيقية. الـعواطف القوية ما يمكن ليها أتــّـعـبــّر غير بلغة القرب، الثروة اللغوية بلغة الأم أو بنيات قواعد نحوية رصينة كتمثـل شرط أساسي قصد تعلم اللغات الأجنبية، اللي لغتو الأم لغة شفوية ولا ّ لهجة غادي ديما يلقى صعوبة فى تعلم لغات جديدة، أو هاد الشي اللي طاري لينا، لا باع فى العربية، لا فرانساوية تشـفـع، لأن اللغة المغربية، تمغرابيتنا هشيشة، مهزوزة، ولاكن فى حالة إيـلا كـونــّا متمكـّنين، متشبـّعين، غيورين على حضارتـنا الأصلية، أمثالنا، نكاتنا، شعرنا، مسرحنا، حكاياتنا، كتاباتنا بالتمغرابية اللي غادي إكونوا واردين فى البرامج التربوية، غادي يحصل تبادل حقيقي بيناتنا أو بين ثقافة، حضارة الآخر، هاكدا كتسهال علينا عملية الإدماج، الإستعاب أو الإنفتاح.

التدريس، التثقيف باللغة الحية المتداولة بكثرة هي اللي غادي تضمن لينا التكافؤ فى الفرص الحقيقي، العدالة الإجتماعية، الرفاهية أو تقليص الهوة، الصراع المستميت بين الطبقات المجتمعية اللي كنعيشوا اليوما، أو التعليم باللغة المغربية، بالتمغرابية حق من حقوق الإنسان، لذلك مـطــّالبة الدولة اليوما قبل من غـدّا تضمن لينا تعليم راقي فاين المغاربة، المغربيات كـيـلقاوا راحتهم، واردين فيه، بلا تعليم خاص ولا بعثات أجنبية، لأن التعليم خصـّوا إكون فى متناول الجميع، بالمجان أو فى صلب هتمامات الدولة، هادي 60 عام أو رجال السياسة كيتلاعبوا بهاد القطاع الحساس اللي خصّـو إكون فى صلب سياسات الدولة، لأن لحد الآن كنتجوا لا فى الإبتدائيات، الثانويات، الجامعات غير القهر، البؤس، الكساد، الإنتحار "شنقا" ولا ّ بليصانص (كثر من 90 حالة بوعزيزية)، التمرد، الإرهاب، عـدم السعادة، الإدمان على المخدرات، العطالة المستعصية (كل عام كثر من 000 300 شاب كيدخلوا سوق الشغل، فى الحقيقة "سويقة"، ما عندهمش حتى فاين إوقـفـوا)، عدم الأمن، التوترات الإجتماعية، الإحتجاجات اليومية، هجرة الأدمغة إلخ.

تطوّر اللغة كيرجع بالأساس ألــْـتطور الحس اللي كيمكن ليه من بعد إحوّل هاد الإثارات اللي مرتابطة بالعائلة، الوسط، الفضاء العام ألــْـتعبيرات، عبارات معينة، اللغة متعلقة بطريقة التفكير، الإجراءات اللي كـنــتــّاخذوا، بالتطور العاطفي ـ المجتمعي، هي اللي كتساعدنا فى تكوين المفردات، فى بنية الجمل فى إطار التفكير أو الفعل.

غالبا ما كـتـعبــّر اللغة على موقف قوة أوْ عل ّ الأقل على الإستقواء باللغة من أجل فرض أهداف معينة، بالأخص فى الخطاب السياسي، لأن السياسة كتستغل اللغة بطريقة مفرطة كأداة بغية فرض نظام معين، الوضع الراهن، نقل ثقافة، حضارة، نموذج مجتمعي، تصور، توجه، لذلك يمكن لينا نعتابروا اللغة من أقوى الأدوات اللي كتكسب البشرية، من خلال اللغة يمكن لينا نعبروا على أحاسيسنا ولاكن كذلك على رغبتنا فى التحكم، التسلط، الإستغلال، الرقابة أو المراقبة، على سبيل المثال علامة المرور: "قف"، العهود، الشهادات، الإتفاقيات، جميع القوانين كـتـمّ عن طريق اللغة، هاكدا كنخلقوا الحقيقة، الواقع اللي كان من قبل ما عندو لا ذات "ولا طعم"، عن طريق اللغة كنرسـّخوا علاقات القوة، كـنقوموا بتبريرها ولا ّ بتـأكيدها، بيها كـنـعـملوا السياسة الناجحة أوْ الفاشلة، الدولة الفاشلة ديما مرتبط فشلها بلغتها الهشة، لأن النظام كيقوم على لغة مغلوطة، معطوبة.

آراء الناس ما كتكونش غير واردة هاكداك باللغة اللي كـنـتـفــوّهوا بيها، بالعكس عندها ديما تأثير مباشر على المتلقي، ولو كانت عن غير قصد، اللي ما عرفش يستعمل المسطلحات الازمة فى النسق الإجتماعي المعين، ما يستغربش إيلا خرج على الموضوع، ما حققش الأهداف التواصلية المتوخاة، أو فى حالات قصوى يمكن ليه إكون محط نقد، نزاع أو عاصفة كلامية فى اللول باش ترجع دامية من بعد، التأويل اللغوي ضروري باش ما إكونش اللبس سيد الموقـف، باللغة كنقوموا بنسخ، إنتاج أفكار معينة على الدنيا أو الناس، كنقلوا مواقف، آراء اللي كـنـتــبـنــّاوْا باش يمكن لينا نحكموا على الوسط الإجتماعي اللي كـنعيشوا فيه ولا ّ على جماعات بشرية خرى، أو الأفكار الجاهزة، المسبقة كـتــّم عن طريق ترويض التعبيرات أوتسخيرها من أجل بسط السيادة، الهيمنة، أو الميز اللغوي هاكدا كيتم، غير كـنحقروا، نقللوا، نهينوا عن قصد ولا ّ غير قصد فرد ولا ّ أفراد من جماعات  بشرية خرى، هاكدا كـتــّـشوّه كرامة الإنسان ، كـيتـبهدل الحق فى المساواة اللي كـيــتـــّـعـتـبر حق من حقوق الإنسان.

التعليم ماشي ضارّو راسو، فيه الـدّوخة، تـْميـيـّع غير جات هاد الحكومة مسكينة اللي كـيجوز فى حقها الرحمة أو الشفقة، لا! هادي عـقود أو ناس السياسة كـيستـغـلـوه، فرّقوا الغنيمة بيناتهم، اللي عندو الجهد كيصيفط أولادو ألــّـمستعمرات الجديدة، البعثات الأجنبية، اللي عندو نصّ الجهد كيـدق باب المؤسسات الخاصة، ماكينات النفخ فى النقط، من 15 ألـــّـفـوق، اللي ما عندو جهد، يعني الشعب، غالبية الناس، كـيـلــهــي أولادو فى المدرسة العمومية حتى إفـرّج الله.

الدولة اللي كـتـحترم راسها، مواطنها، مواطنتها ما تخلقش ميز، شرخ بين أفراد الشعب حتى تـقبل تعليم نتقائي بامتياز كـيـعرف ثلاثة ديال المستويات، السرعات: 1. هاي كلاص، 2. كلاص، 3. الـضــاصّ، أمــّا نقوموا بروتوشات فقط، هاد الشي ما عندو باش إفـيـدنا، ضروري إكون الشخص المناسب فى المنصب المناسب، ناس عندهم مشروع مجتمعي متكامل، تصور، أفكار معينة، كتابات، رصيد فى هاد الميدان، أمـّا إشــراف الغرباء على هاد الميدان الهام ما غادي إزيد "الطين غير بلة"، حيث ما غادي تعرف المنظومة التربوية حتى شي قفزة ولا ّ إضافة نوعية على يدهم.

المغرب ما عندو موارد منجمية مهمة، لذلك خصـّو إركـّز على الإستثمار فى الأدمغة، فى الموارد البشرية، ولاكن ماشي بهاد التعليم الفاشل، العقيم، علاش ما نتبنــّاوش نماذج تربوية ناجحة بلغتنا المغربية، التمغربية بحال اللي طاري فى فينلاندا؟ حسب التقييم العالمي للمناهج المدرسية فينلاندا كـتــّـصـدّر سلم التعليم فى العالم، العناد، المعاند هو بـوحـدو اللي ما كيتقبـّلش الحجة.

هادي 30 عام قامت فينلاندا بإصلاح تعليمها اللي كان إصلاح جذري، ديال بالصح، ماشي "تـخــريــجــة"، يعني ضرب هادي بهادي باش تصفــّي الحساب، جميع الأطفال كيقراوْا حتى 16 عام مع بعضياتهم، ما مرّاتش هاد العملية بسهولة، عرفات مقاومات عنيفة من طرف الكسلاء أوأصحاب المصالح الخاصة، النظام التربوى الفينلاندي ما كيقومش على الضبط والربط، البطش، تركيع الناشئة، الإرهاق، أو ساعات ستدراكية مكثفة، مكلفة، ألا ّ! ولاكن كيركز على حسن المعاملة، اليسر أو تربية المواطن الديمقراطي النموذجي، الخطوط العريضة ستوردوها من الولايات المتحدة، لأنه ليها باع فى توظيف  المقاربة الديمقراطية، إشراك المجتمع المدني أو ربط الفعل بالقول، يعني المسؤولية المتحضرة، التعليم خصو إركـّز على "التجربة"، ماشي على الحفظ الميكانيكي، كيف ثبت المفكر أو العالم البيداغوجي "دجون ديوي" هادي ميات عام.

ضروري إكون التعليم مرتبط بالتربية الديمقراطية، تسخير المعرفة، المهارات مهمة، ولاكن إلا ضفنا ليها النقد البناء، المسؤولية كيف أمــّا حصل فى فينلاندا حسن، أو جميع الأشياء التافهة اللي ما عندها حتى شي رتباط بالواقع ما كاين لاش نـثــقـــّلوا بيها كاهل الطفل، لأن المؤسسات التعليمية خـصــّها توجـّدنا باش نواجهوا الحياة فى المستقبل، ماشي نبقاوْا حايرين غير نساليوْا دراستنا حتى ما عرفنا باش نبداوْا، التعليم الناجح هو اللي كيهيئ، كيحصـّن الطفل، ماشي كيلـهيه، كيتلاعب بمستقبلو، كثير من المواد فى مدارسنا ما عندها حتى شي منفعة تذكر، غير مـعمـّرين بيها الشقف، المنظومة التربوية الجديدة خصها تركـز على الشفافية، المعلومات الصادقة أو المعرفة الدقيقة، هاكدا غادي نتوفروا على مواطنين، مواطنات ناضجين يمكن ليهم إشاركوا فى بناء مجتمع ديمقراطي كتسود فيه العدالة أو العيش الكريم، حنا فى حاجة اليوما ألــْــمدرسة وحدة اللي كـتـوحـّدنا، ماشي اللي قاهرانا بالفواتير المتعاقبة حتى ردّوا بعض المستخدمين، الموظفين المستضعفين المغـرب محلبة وحدة، من طنجة حتى أللـّـكــويرة، ضروري إكون التدريس كيواكب مؤهلات الطفل، كيضمن ليه تعليم متكامل، منفتح على ثقافات، لغات، حضارات خرى، محلية أو أجنبية، كما كـيـتـوجـب علينا تقوية روح الديمقراطية اللي غادي تكون أساس التعليم الجديد، دولة الحق أو القانون ما كـتــّبـناش بالشعارات الجوفاء، ولاكن بمناهج مدرسية فعالة.   

فـيـنلاندا ما تربـّـعاتـش على عرش جودة التعليم من باب الصدفة، ألا ّ! كان كيتوجب على الأطفال الفينلانديين إدوّزوا متحانات فى القراية، العلوم، الرياضيات أو ستخدام المعلومات، أو هاد االفوز الرائع راجع بالأساس ألــْـتسخير اللغة المحلية المتداولة بكثرة،  يعني الفيلاندية، ألــْـتحفيز المدرسين اللي ساهموا فى صياغة المنظومة التربوية، أمــّا لكتوبة، لغدا أو الأدوات المدرسية بالمجان، الإمتحانات، يعني التطاحنات، مغيبة فى اللول، بلا ما ينساوْا إقوموا بتحفيز المتفوقين، كما ركزوا على الإبداع، الإبتكار أو البحث العلمي ديال بالصح، أكيد غادي نسمعوا شي ناس كيقولوا المغرب ماشي فينلاندا، ولاكن هادي غير تبريرات المعكاز اللي لا مسؤولية، لا هم المغرب هازّ، ما فيه ما يشتغل، إكد، يبذل مجهود، لأن مـعـرفــة المـعــقـول، الناس كـنــوز، إيــلا حــصــلــتي إورّيـوك مــنــاين أدّوز.       

منبر

د. مراد عـلمي
أستاذ جامعي و مترجم