القائمة

interview_1

علي أنصاري: زمن الوصاية الجزائرية على مالي انتهى

في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت التوترات بين مالي والجزائر. في هذه المقابلة التي أجراها مع يابلادي، يحلل علي أنصاري، رئيس مركز تمبكتو للدراسات، تداعيات التصعيد الإقليمي.

 
نشر
طائرة بدون طيار أكينجي المالية تسقط على يد جبهة تحرير أزواد
مدة القراءة: 4'

كيف تقرأون التصعيد الأخير بين مالي والجزائر، خصوصًا بعد إعلان الجيش الجزائري إسقاط طائرة مسيّرة مالية؟

تصاعد التوتر بين مالي والجزائر بعد انسحاب باماكو من اتفاق السلام الموقّع في الجزائر عام 2015، وهو الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين حركات الأزواد والحكومة المالية. تعتبر الجزائر نفسها مخوّلة بالتدخل في الشؤون المالية، موجهة سياسة البلاد وفق مصالحها الخاصة، خصوصًا فيما يتعلق بالنزاعات الإقليمية. منذ عام 1962، رعت الجزائر أربعة اتفاقيات بين مالي والطوارق، لكنها لم تحقق نتائج ملموسة، مما يعكس سعي الجزائر إلى فرض أجندتها على مالي.

حادثة الطائرة المسيّرة التركية، التي تستخدمها القوات المالية، كشفت زيف الادعاءات الجزائرية. بخلاف ما زعمه الجيش الجزائري، فإن الطائرة لم تُسقط بنيران جزائرية، بل سقطت قرب الحدود المالية-الجزائرية بعدما استهدفها جبهة تحرير الأزواد.

ما الذي تغيّر في العلاقات بين الجزائر والسلطات المالية منذ انقلاب 18 غشت 2020؟

جاءت الحكومة الانتقالية في مالي نتيجة مطالب شعبية تهدف إلى التخلص من السياسات السابقة التي كانت تخدم مصالح المستعمر الفرنسي السابق، وتخضع للابتزاز الجزائري. لا تعارض الجزائر وصول العسكريين إلى السلطة، لكنها ترفض قرار الحكومة الانتقالية الحد من نفوذها في مالي.

الإمام محمود ديكو، المتواجد حاليًا في الجزائر، كان أحد أبرز قادة المعارضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا. كما أن الأمين العام لجمعيات المجتمع المدني بقيادة ديكو (حركة 5 يونيو) تم تعيينه رئيسًا لحكومة المرحلة الانتقالية. علاوة على ذلك، فإن الحركة الوطنية لتحرير أزواد، التي أعادت تسمية نفسها بـ جبهة تحرير أزواد بعد انسحاب مالي من اتفاق الجزائر، لا تزال مشاركة في الحكومة الانتقالية بوزيرين.

الرئيس الجزائري يستقبل الإمام ديكو / DRالرئيس الجزائري يستقبل الإمام ديكو / DRالرئيس الجزائري يستقبل الإمام ديكو / DR

هل تستخدم الجزائر القوى المعارضة للحكومة المالية، سواء الدينية أو العلمانية أو القبلية، كأدوات ضغط على باماكو؟

من الناحية العملية، لا تملك الجزائر وسائل فعلية لفرض إرادتها على الحكومة الانتقالية المالية، التي تحظى بدعم قوي من روسيا. لا تسعى الجزائر إلى الإطاحة بالعسكريين في باماكو، لكنها ترغب في استعادة نفوذ محدود على السياسة الخارجية المالية كما كان الحال في السابق. وبمجرد تحقيق هذا الهدف، ستتخلى الجزائر عن جميع الفصائل المعارضة، بما في ذلك الجماعات المسلحة، تاركة إياها تواجه مصيرها مع الحكومة المالية.

من الجدير بالذكر أن الجزائر حاولت مرارًا، من خلال حوارها مع موسكو، استعادة علاقتها مع باماكو. ومع ذلك، يبدو أن روسيا غير متحمسة لعودة الجزائر إلى الساحة المالية. في الوقت الراهن، تسعى الحكومة الانتقالية المالية، رغم الانتقادات الموجهة لها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بمقاتلي مجموعة فاغنر، إلى تحقيق المصالحة الداخلية دون وساطة خارجية.

عاصمي غويتا، رئيس الانتقال في مالي / DRعاصمي غويتا، رئيس الانتقال في مالي / DRعاصمي غويتا، رئيس الانتقال في مالي / DR

باستثناء تونس، الجزائر في حالة توتر مع جميع جيرانها في المغرب العربي ومنطقة الساحل...

حتى تونس، في عهد الرئيس قيس سعيد، تخضع لنفوذ الجزائر مقابل بعض الامتيازات. الجزائر تمثل مشكلة لجميع دول المنطقة، إذ تسببت في نزاعات حدودية ليس فقط مع المغرب، ولكن أيضًا مع تونس، حيث تسيطر على منطقة نفطية، ومع ليبيا ومالي والنيجر.

كما تُتهم الجزائر برعاية الإرهاب في الساحل، حيث أن العديد من قادة داعش وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين خرجوا من مخيمات تندوف. بالإضافة إلى ذلك، فهي تؤجج الانقسامات في ليبيا، ومن خلال سياساتها السلطوية، تعرقل التعاون بين دول المغرب والساحل، وتعيق تطلعات الشعوب إلى الوحدة والتكامل والتعاون.

هل تعتقد أن هذه السياسة يمكن أن تسمح للجزائر باستعادة نفوذها في مالي؟

إذا استمرت الحكومة الانتقالية في تعزيز سيادة مالي، وتنويع شراكاتها الدولية، وبناء علاقات متوازنة مع دول الجوار، فإن نفوذ الجزائر على السياسة المالية سيكون من الماضي. ومع ذلك، يجب على باماكو تلبية مطالب المناطق الداخلية فيما يتعلق بالعدالة والتنمية، ووضع حد للانتهاكات التي ترتكبها مجموعة فاغنر ضد بعض المجموعات العرقية، التي تُتهم بدعم الإرهاب أو معارضة الحكومة.

هل يستفيد المغرب من التوترات بين مالي والجزائر؟

المغرب متجذر بقوة في غرب إفريقيا، وخاصة في مالي، بفضل روابطه الدينية والتاريخية والتجارية والاقتصادية. المبادرات الملكية عززت الوجود المغربي في المنطقة، ما يؤكد عودة قوية للمملكة إلى عمقها الإفريقي.

القوة الناعمة المغربية ثابتة، لكن يجب أن تترافق بإدارة تحترم الأفارقة، سياسيًا وسياديًا، من خلال سياسات تعاون مبنية على مبدأ رابح-رابح. الرؤية الاستراتيجية الملكية، التي تجسدت من خلال زيارات ميدانية، يجب أن تُترجم إلى مشاريع عملية، بدل التركيز فقط على الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة. من خلال هذا النهج، يمكن للمغرب ضمان تحقيق أهدافه الاستراتيجية في المنطقة.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال