الصحراء الكبرى، التي تعرف اليوم بأنها صحراء جافة، لم تكن دائما هكذا، حيث أكدت دراسة علمية أنه كان هناك وقت كانت فيه هذه المنطقة أكثر خضرة ورطوبة، وكانت مليئة بالبحيرات. ولغزو أسرار هذا الماضي الخصب، ركز باحثون على البحيرات القديمة في الجزائر حيث قاموا بتحليل البيانات المناخية على السواحل الغربية للمغرب.
وفي الدراسة التي نشرت في مارس على مجلة "هيدرولوجي أند إيرث سيستم ساينسز"، سعى باحثون سويسريون وإسرائيليون إلى إثبات وجود رابط بين الأحداث الهيدرولوجية الحالية والنماذج المناخية القديمة في الصحراء. وتم التركيز بشكل أساسي على بحيرة سبخة المالح، الواقعة في شمال غرب الجزائر، وهي بقايا لصحراء كانت في الماضي رطبة. الهدف من الدراسة هو تحديد متى ولماذا كانت هذه البحيرات تمتلئ، باستخدام هذا الموقع كمثال رئيسي.
من أجل تحقيق ذلك، قام الباحثون بتحليل فترات الأمطار الغزيرة وفترات امتلاء البحيرات. تحدث فترات الأمطار الغزيرة أثناء الأمطار الغزيرة، في حين تشير فترات امتلاء البحيرات إلى الأوقات التي تمتلئ فيها البحيرات. من خلال البيانات الفضائية، تتبع العلماء تغييرات مستويات المياه ودمجوا هذه الملاحظات مع البيانات المناخية لفهم الظروف التي تشجع على الأمطار الغزيرة وامتلاء البحيرات. كما استخدموا نماذج لإعادة تحليل الطقس لتحديد مصادر الرطوبة وفهم تطور الأنظمة المناخية.
وأظهرت النتائج رابطا بين امتلاء البحيرات القديمة والظروف المناخية في المغرب. حدد الباحثون أن الأمطار الغزيرة القادمة من المحيط الأطلسي هي المسؤولة عن ملء البحيرات في شمال غرب الصحراء. كما تم تسليط الضوء على دور الأعاصير المنخفضة المستوى – وهي أنظمة عاصفية واسعة تتشكل قبالة السواحل المغربية – جنبا إلى جنب مع خصائص الغلاف الجوي المرتفعة والرطوبة الاستوائية التي تعبر المغرب لتصل إلى الجزائر، مما يخلق ظروفا مواتية للأمطار الغزيرة.
وكشف الدراسة أن نقل الرطوبة يتم نتيجة تفاعل بين الأعاصير الاستوائية بالقرب من السواحل الأطلسية شمال إفريقيا، وأنماط الغلاف الجوي العليا، مما يؤدي إلى حدوث ظروف مواتية للأمطار الغزيرة. أحد العناصر الرئيسية في هذه الأحداث هو "تأثير الدومينو لإعادة التدوير"، حيث يتم نقل الرطوبة تدريجيا وتضخيمها فوق الصحراء قبل أن تصل إلى حوض البحيرة.
وخلصت الدراسة إلى أن امتلاء البحيرات في الصحراء يرتبط أكثر بشدة وتواتر بعض الأحداث المناخية، مثل الأمطار الغزيرة، بدلاً من زيادة الأمطار بشكل عام.