في سجل سفر مفصل، وثق باحثان مستقلان من المغرب والولايات المتحدة رحلتهما الصعبة للبحث عن الأراطن، وهي عقود قانونية تقليدية من جبال الأطلس في المغرب. خلال سعيهما لكشف هذه القطع الأثرية، المكتوبة على الورق أو خشب الأركان أو محفوظة في القصب، حققا اكتشافًا مهمًا.
في رحلتهما، التي نُشرت تفاصيلها في غشت في مقال مراجَع على موقع تايلور آند فرانسيس، قدّر الباحثان أن عدد الوثائق التي اكتشفوها، والتي لا تزال في موقعها (أي في المكان الذي وُجدت فيه)، من المحتمل أن يتجاوز 5,000 قطعة. بالإضافة إلى مجموعتهما الخاصة المكونة من 4,000 أراطن.
بدأت المغامرة بعد أن اشترى البحراوي، تاجر التحف، "سلة كبيرة من العناصر القبلية القديمة". ضمن تلك السلة، عثر على ما وصفه بأنه "أثر غريب، وهو عبارة عن "لوح خشب الأركان".
وبحسب الدراسة، فإن اللوح "كان بحجم كف اليد تقريبًا، وكان كلا الجانبين مغطىً برسائل مكتوبة بخط اليد باللغة العربية، التي تبدو أنها اللغة العربية القديمة للمغرب. من خلال استشارات مع عدة تجار تحف، تبيّن أن اللوح هو سند قانوني قديم لأمازيغ الأطلس الصغير ".
مدفوعًا بفضوله، بدأ تاجر التحف الرباطي في البحث عن الأراطن، محاولًا شراء قطع مشابهة من مصادره. خلال هذه الرحلة، التقى بكلياكاندلر، الذي كان مفتونًا أيضًا وانضم إلى الفريق.
معًا، وبعد البحث غير الناجح عن المزيد من الأراطن في المتاجر والمجموعات الأثرية، قررا السفر إلى الأطلس الصغير. هناك، قررا زيارة منشآت فريدة، هي إكودار أو أكادير—أنظمة بنكية قديمة أنشأتها العائلات الأمازيغية لتخزين ممتلكاتهم الثمينة، بما في ذلك الوثائق القانونية.
الأراطن المخفية في الأكادير
خلال رحلتهما، زارا الباحثان حوالي 30 أكادير، واستكشفا 24 منها، وتفقدا أكثر من 500 غرفة حيث كان السكان يخبئون ممتلكاتهم الثمينة. في بعض هذه الغرف، اكتشف الباحثان أكوامًا من الأراطن—سواء كانت خشبية أو ورقية—مخزنة في جرار أو مبعثرة على الأرض. نظرًا لحالة بعض الأكادير، كانت هذه الأراطن مغطاة بالغبار، وبعضها استحال الوصول إليها بسبب تدهور حالة الغرف
"استكشفنا أحد الأكادير المتهدم والصعب الوصول إليه... اكتشفنا غرفتين تحتويان على كميات كبيرة من الأراطن الخشبية، أنابيب من القصب، وقطع ورقية. لكن غرفتين إضافيتين تجاوزت توقعاتنا، حيث كانتا مليئتين بالأكياس والأوعية، مع قطع خشبية، وقصب، وورقية، وكمية صغيرة من القطع الورقية عند المدخل. كانت كل غرفة، تحتوي وفقًا لتقديراتنا، على ما لا يقل عن 800 قطعة".
لم يتمكن الباحثان من فحص جميع الـ550 أكادير في المغرب، ويقدران أن جبال الأطلس قد تحتوي على ما بين 25,000 و100,000 قبو، ربما تضم ما يصل إلى 500,000 أراطن
وأضاف الباحثان "نقدر أن مجموع الوثائق المكتوبة على الخشب في جبال الأطلس الصغير، من المحتمل أن يكون لا يقل عن 100,000 قطعة وقد يتجاوز 500,000. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل وجود بين 40,000 و150,000 وثيقة ورقية".
يريد الباحثان أن يتم استرداد هذه الأراطن علميًا، مع التوثيق المناسب والتصاريح، نظرًا لقيمتها للعائلات الأمازيغية. ومع ذلك، يخططان لتقديم مجموعتهما الخاصة إلى مؤسسة مناسبة.
في وصفهما لهذه المخطوطات القديمة، يوضح الباحثان أنها مصنوعة من الخشب والورق. توفر قطع الأراطن، التي تحتوي العديد منها على طوابع تاريخية، رؤى في الحياة القانونية والاجتماعية والاقتصادية في جبال الأطلس خلال الـ400 عام الماضية. ويعتبر الحفاظ على هذه الوثائق ودراستها أمر حاسم لفهم التراث الأمازيغي.