بعد نهاية عهدة الديمقراطي جيمي كارتر (20 يناير 1977- 20 يناير 1981)، وتولي خلفه الجمهوري رونالد ريغان ( 20 يناير 1981- 20 يناير 1989) رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت واشنطن تميل إلى المغرب في نزاع الصحراء .
وتحدثت وثيقة للمخابرات المركزية الأمريكية يعود تاريخها إلى دجنبر من سنة 1982، عن التقارب الحاصل بين الرباط وواشنطن، وأشارت إلى مقال صدر في عدد دجنبر من مجلة The Atlantic الأمريكية تحت عنوان "المغرب: الصديق المحتاج" للصحافي براناي غوبتي، الذي قال إن "الملك الحسن يريد المزيد من المساعدات الأمريكية".
وأضاف صاحب المقال أنه عشية زيارة الملك الحسن الثاني للولايات المتحدة ولقائه بالرئيس رونالد ريغان للمرة الأولى، "دعاني الملك الحسن الثاني ملك المغرب، البالغ من العمر ثلاثة وخمسين عاماً، لإجراء مقابلة معه في قصره الأخضر المترامي الأطراف في فاس".
وأضاف "بدا الحسن، وهو رجل صغير الحجم وأنيق يتحدث بمزيج من الفرنسية الرائعة والعربية المليئة بالإيقاع، متحمسًا للزيارة المرتقبة إلى واشنطن، وتحدث بإسهاب عن رغبة بلاده في شمال إفريقيا في تطوير اقتصاد قوي، وعلاقات ودية مع الولايات المتحدة".
وواصل أن الملك تحدث بإسهاب عن التهديد الذي يواجهه المغرب "من جماعة مسلحة تطلق على نفسها اسم البوليساريو وتريد إنشاء جمهورية عربية صحراوية ديمقراطية مستقلة في الصحراء الغربية".
وبحسب المقال فإن الملك الحسن الثاني يعتقد أن الدعم العسكري والسياسي من إدارة ريغان أمر بالغ الأهمية في مواجهة البوليساريو "التي يتم تمويلها في الغالب من الجزائر وليبيا والاتحاد السوفييتي". وأشار الملك إلى أن "العديد من القادة الأفارقة وبعض كبار المسؤولين الأمريكيين المقربين من الرئيس الأسبق جيمي كارتر -لم يذكرهم بالاسم- مارسوا ضغوطا عليه للتفاوض مباشرة مع المتمردين".
وأوضح كاتب المقال أن الملك الحسن الثاني ينظر بأمل كبير بخصوص مستقبل المغرب، ودعم الولايات المتحدة خصوصا بعد تعيين جوزيف فيرنر ريد، سفيرا لواشنطن لدى المغرب. ونقل عن الدبلوماسي الأمريكي قوله "لقد جئت إلى المغرب بأسلوب التخطيط الأول، حيث كان يُنظر إليه على أنه انعكاس لما تم تصميمه من حماسة إدارة ريغان التي يمكن رؤيتها والشعور بها هنا".
وواصل "أشعر أنه يجب علينا دعم أصدقائنا الحقيقيين، مثل المغرب ومع كل ما لدينا، فإنني أقول باستمرار للمغاربة: "اعتمدوا علينا". وأعتقد أننا يجب أن نحافظ على سيطرتنا. وأعتقد حقاً أن الاتحاد السوفييتي هو الإمبراطورية الوحيدة المتبقية من القرن التاسع عشر وبالنسبة لي فمن الواضح أن نقطة الضغط التالية بالنسبة للسوفييت ستكون المملكة المغربية، ذات الموقع الاستراتيجي".
كما أن السفير الأمريكي أبدى إعجابه بالملك الحسن الثاني ووصفه بأنه "حاكم مستنير وذو خبرة غير عادية"، وبحسب ذات المصدر فإن جوزيف فيرنر ريد يتمتع "بسهولة الوصول إلى الحسن، وهو رجل يجد المبعوثون الغربيون الآخرون صعوبة في رؤيته". وتحدثت الوثيقة عن واقعة تأخر الملك الحسن الثاني عن الملكة إليزابيث الثانية أثناء زيارتها للمغرب، حيث "تركها تنتظر لمدة خمس عشرة دقيقة في سيارتها. وبعد ذلك، وجد الحسن نفسه الملك الحاكم الوحيد الذي لم تتم دعوته لحضور حفل زفاف الأمير تشارلز".
دعم للحسن الثاني ومغربية الصحراء
وأكد السفير أنه "مهما كانت مشاكل حسن الحالية، فلن يتم الإطاحة بالملك على يد المتعصبين الإسلاميين، كما حدث مع الشاه. ويقول ريد إن الحسن، على عكس الشاه، على اتصال بشعبه. وأكد أنه "في حالة وجود خطر وشيك على الحسن، فإن الولايات المتحدة سوف تتصرف بشكل أكثر صراحة لدعم الملك مما فعلت عندما كان الشاه مهددًا". وقال "لقد جئت إلى المغرب بخطة، لقد كنت مصمماً على أن يكون الوجود الأمريكي مرئياً ومحسوساً هنا". وفي واحدة من أكثر تصرفاته التي حظيت بتغطية إعلامية، أمر ريد باستبدال العلم الأمريكي الصغير إلى حد ما في سفارة الولايات المتحدة بعلم أكبر.
وبحسب ذات المصدر فقد "قامت وكالة الاستخبارات المركزية تحت إشراف ريد، بتوسيع عدد موظفيها وأنشطتها بشكل كبير، وأصبح ريد مؤخرًا أول سفير أمريكي يسافر إلى الصحراء، وهي إشارة للحسن وللجزائر وليبيا المجاورتين بأن الولايات المتحدة تدعم مطالبات المغرب في تلك الإقليم".
كما أن ريد وصف علنًا عدة مرات بأن القائد الليبي معمر القذافي الداعم للبوليساريو بأنه "قرصان". وتنقل الوثيقة عن أحد كبار أعضاء السلك الدبلوماسي المغربي قوله "ريد هو سفير أحلامنا...، لم يكن بمقدورنا أبدًا إيجاد سفير أمريكي أكثر كمالا ليأتي إلى المغرب. إن حقيقة أن لديه مثل هذا الوصول الجيد إلى كل من الحسن وريغان هو أمر جيد للغاية بالفعل. ويبدو أن زملاء ريد في السلك الدبلوماسي أقل إعجابًا به". فيما قال سفير أوروبي تربط بلاده علاقات وثيقة بالولايات المتحدة "ما الذي يترشح من أجله السيد ريد؟ طاقة هذا الرجل مذهلة، لكن الشعور العام هو أنه يبالغ في ذلك إلى حد ما. ويشعر بعض المغاربة ذوي النفوذ، مثل محمد بن عيسى عضو البرلمان، أنه على الرغم من وعود ريد العلنية العديدة بتقديم مساعدات أمريكية للمغرب، فإن إدارة ريغان، التي تعاني بالفعل من ضائقة مالية للمساعدات الخارجية، قد لا تكون قادرة على مطابقة خطابه مع المساعدة الفعلية".
وقال بن عيسى "هناك قدر كبير من الضجيج السياسي الذي يتم طرحه، وأخشى أن تتولد توقعات كبيرة بيننا نحن المغاربة".