في الوقت الذي كان المغرب يشهد تمردا عنيفا، خطط السلطان عبد العزيز لتنظيم حدث رائع في المعرض العالمي في سانت لويس بولاية ميزوري، حيث كان ينوي عرض الفن والعادات المغربية.
تعهد السلطان عبد العزيز بتخصيص مبلغ 200,000 دولار للمعرض المغربي، والذي شمل حريمًا مغربيًا ومجموعة متنوعة من المباني والحدائق المغربية، وفقًا لعدد 19 يوليوز 1903 من صحيفة "The Republic كما وعد المعرض بخمسين حصانًا عربيًا رائعًا من إسطبل السلطان.
وتجلى التحدي الأكبر، في نقل المعرض من المغرب إلى الولايات المتحدة. رغم أن الإبحار عبر الأطلسي كان سهلا، إلا أن الصعوبة الحقيقية تمثلت في التنقل "عبر خطوط المتمردين من طنجة إلى فاس، حيث كان السلطان تحت الحصار"، ثم تأمين رحلة المعرض إلى طنجة ومنها إلى الولايات المتحدة.
رحلة محفوفة بالمخاطر إلى فاس
تم تكليف اثنين من الأمريكيين بهذه المهمة، وهما جيمس دبليو. إس. لانجرمان، مفوض معرض لويزيانا للشراء وممثل السلطان الرسمي، وسكرتيره ومساعده، ألبرت إتش. دانفورث.
وكان لانجرمان، وهو محل ثقة من قبل السلطان، مسؤولا عن هذه المهمة الاستثنائية. وكان على أتم الاستعداد لهذا العبور المحفوف بالمخاطر، فأبحر من نيويورك إلى جبل طارق ومن ثم إلى طنجة.
للبعثة" التي قدمها المغرب.
بالإضافة إلى المرافقين المغاربة، جلب لانجرمان ترسانة من الأسلحة لضمان مرور أكثر أمانًا، بما في ذلك "بنادق، ومدافع سريعة النيران، ومدافع صغيرة".
ولم ينسَ المبعوث الأمريكي إحضار الهدايا للسلطان. حيث قدم لانجرمان مجموعة متنوعة من العناصر الزخرفية، بما في ذلك "تمثال نصفي مصنوع من البرونز، وألبوم مجلد باللون الأحمر المغربي يحتوي على صور لحكام العالم، وجميع أنواع الاختراعات الحديثة، مثل الصور الفوتوغرافية، وأيضًا حصان سريع وخيل".
وقال المفوض لانجرمان لصحيفة "The Republic" آنداك "لقد قيل لي إنه من المستحيل أن نخترق خطوط المتمردين ونصل إلى فاس، لكنني أنوي القيام بذلك، وهكذا أثبت أنه ممكن".
وواصل "أدرك تمامًا أن هذه المهمة تنطوي على مخاطر، لكنني حصلت على قوة كبيرة من المقاتلين وسوف يكونون مسلحين بشكل أفضل بكثير من قوات المتمردين، التي يحمل العديد منهم أسلحة بدائية من نوع الفتيل، وهو السلاح الوحيد الذي يعرف المغاربة صنعه حتى اليوم".
كان من المتوقع أن تستغرق الرحلة 10 أيام، وفقًا للمبعوث الأمريكي، الذي أشاد باهتمام السلطان بالمعرض. وبحسب الصحيفة "لم يتمكن أي معرض آخر من الحصول على معرض من أرض المغاربة".
في تفاصيل أكثر، أوضح لانجرمان أن المعرض المغربي سيضم حريمًا مغربيًا، يمكن الوصول إليه فقط للزائرات. "ستتمكن نساء بلدنا من مقارنة حياتهن مع حياة النساء المعزولات في الحريم"، وبالإضافة إلى ذلك، سيشمل العرض تجارًا مغاربة "سيقومون بإقامة أكشاكهم الصغيرة الغريبة، حيث ستعرض أشياء غريبة صنعت في المغرب". كما شملت البعثة المغربية طهاة لإعداد أطباق للزوار على الطريقة المغربية.
السرج والرسالة
وكبادرة مجاملة، أرسل السلطان عبد العزيز هدية للرئيس ثيودور روزفلت. وقدم العاهل المغربي "سرجًا مغاربيًا رائعًا بزخارف من اللون الأخضر والأحمر والذهبي" للرئيس روزفلت. وكانت الهدية مصحوبة أيضًا برسالة من السلطان مكتوبة باللغة العربية ومنقوشة بشكل جميل.، لكنه لم يتمكن من قراءتها وفقًا لنفس الصحيفة، حيث لم يجد مترجمًا في واشنطن.
قال الرئيس إنه "ينوي استخدام السرج وعندما يركب عليه سيحدث ضجة، لأنه أجمل سرج في البلاد". وأضاف مشيدًا بالعلاقات مع المغرب، مؤكدًا أن الولايات المتحدة "هي البلد الوحيد في العالم الذي تمكن من إقامة علاقات كهذه مع سلطان المغرب بحيث يسمح ويدعم فعليًا معرضًا في معرض. هذه حقيقة مهمة".