لمقاومة حرارة فصل الصيف، قام المغاربة بتصميم منازلهم بتقنيات مقاومة للحرارة في هذا الفصل، والاحتفاظ بالدفء في الشتاء، وذلك باستخدام المواد الطبيعية لخلق حاجز طبيعي ضد درجات الحرارة الحارقة وأشهر البرد.
تم تطوير هذه التقنيات منذ قرون للتكيف مع جغرافية المغرب ومناخه المتنوع. ولكن في المناطق القاحلة، تزداد الحاجة إلى هذه القصور والقصبات الخالية من المكيفات، وذلك باستخدام مواد طبيعية ومتوفرة ومتوارثة عبر الأجيال، مثل الطين والخشب مع مراعاة المناخ.
ومن أشهر هده القصور في المغرب هو قصر آيت بن حدو، وهو تجمع بنايات تقليدية يقع بإقليم ورززات، شيد من الطين ومحاط بسور دفاعي مقوى بالأبراج، يقع بإقليم ورزازات، الذي يشهد صيفاً حاراً وجافاً وشتاءً بارداً وعاصفاً.
يُعدّ قصر آيت بن حدو، المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1987، "مثالاً رائعًا على فن العمارة في جنوب المغرب"، وفقًا لليونيسكو، نظرًا "لتكيّف منشآته الترابية بشكل مثالي مع الظروف المناخية وانسجامها مع البيئة الطبيعية والاجتماعية".
تم تشييد هذه البنايات "باستخدام مواد محلية منظمة للحرارة"، كما تشير دراسة أجريت عام 2019 حول تأثير العمارة التقليدية على الأداء الحراري في جنوب المغرب. وتشمل هذه المواد "التراب والحجر والخشب". يُعتقد أيضًا أن الجدران السميكة والأسقف المسطحة الضخمة تخلق حالة من الراحة داخل هذه المساكن.
وجاء في دراسة أخرى حول أساليب البناء التقليدية، أنه "في البناء التقليدي في وادي درعة تلعب المواد الترابية دوراً رئيسياً في البناء التقليدي، حيث تستخدم في الجدران والأرضيات والأسقف والملاط والجص. ويثبت أن التراب هو المادة الأكثر ملاءمة للاستجابة الفعالة لمناخ ما قبل الصحراء الحار والجاف".
تصميم المنازل مع مراعاة المناخ
يُعدّ قصر الفيضة الواقع بالقرب من الريصاني مثالاً آخر على كيفية مساعدة التصميم، بالإضافة إلى المواد، في مكافحة الحرارة والبرد. وتصف الدراسة المجمّع السكني بأنه "محاط بجدار محاط بسياج سمكه متر واحد".
وبحسب الباحثين فإن "كل مبنى يغطي مساحة 80 مترًا مربعًا. وتتقابل النوافذ مع الفناء، وهو عبارة فضاء مفتوح في الهواء الطلق، حيث يتم فيه ترتيب مختلف محتويات المنزل. ويعمل كمنظم لدرجة الحرارة ومصدر للإضاءة وأشعة الشمس".
ووفقًا للمصدر نفسه، فإن هذا التصميم سهّل عملية "التهوية الطبيعية، أي التهوية الأفقية من خلال النوافذ والتهوية الرأسية الناتجة عن انفتاح المبنى على الفناء. وهذا يمثل "نظام تهوية فعال في المناطق القاحلة، ومعروف بقدرته على ضمان النسمات الباردة في المبنى والحد من ارتفاع درجة الحرارة في الصيف".
وقد ساعد هذا التصميم، إلى جانب المواد المختارة بعناية، على تقليل درجات حرارة الهواء داخل المبنى، مما عزز المقاومة الحرارية والقدرة الحرارية. وقام الباحثون بدراسة الأسابيع الأكثر حرارة والأكثر برودة في السنة ووجدوا أنه خلال فصل الصيف، ساعدت الجدران الخارجية في الحفاظ على برودة الداخل بحوالي 3 درجات مئوية، بينما ساعدت في الشتاء في الحفاظ على دفء الداخل بحوالي درجتين مئويتين. ويرجع الفضل في ذلك إلى الجدران الخارجية الطينية التي تعمل كدرع واقٍ من درجات الحرارة الحارة والباردة على حد سواء.
تُعد كفاءة العمارة المغربية التقليدية تراثًا يقدم مخططًا مستدامًا وفعالًا من حيث التكلفة للمباني المعاصرة، مما يوضح كيف يمكن للتصميم والمواد الطبيعية أن تخلق مساحات معيشة مريحة دون الاعتماد بشكل كبير على تكييف الهواء.