خصصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يوم 16 غشت 1985، وثيقة كاملة للحديث عن الجدار الرملي المغربي الذي كان قيد التشييد في الصحراء.
ووصفت الوثيقة التي رفعت عنها السرية في 13 يناير 2012، الجدار الرملي، ب"السور العظيم" وقالت "من الجو، يمتد "السور العظيم" المغربي ضد مقاتلي البوليساريو مثل كدمة بنية رفيعة عبر الفراغ الرمادي الشاسع للصحراء، ويتلاشى في السراب الذي يتلألأ في الأفق".
وواصلت "يمتد لمسافة أكثر من 1500 ميل، من الحدود الجزائرية في الشمال الشرقي، متعرجًا جنوبًا، ثم غربًا على طول الحدود الموريتانية باتجاه المحيط الأطلسي عبر صحراء مقفرة وحارة جدًا لدرجة أن الكاميرات لن تعمل، ولن تطير الغربان...".
وأضافت "هناك، وسط الفراغ الرملي في الصحراء الكبرى، توجد أسوار ترابية يبلغ ارتفاعها 9 أقدام مزودة برادار مضاد للأفراد من عصر الفضاء، وأجهزة استشعار زلزالية، ومدفعية، وألغام، ووحدات مشاة ميكانيكية".
وتابعت "للمرة الأولى منذ عقد من الزمن، يقول خبراء عسكريون غربيون، إن الجدار يقلب دفة الحرب ضد جبهة البوليساريو لصالح المغرب". ونقلت عن الجنرال المغربي عبد العزيز بناني قائد المنطقة العسكرية الجنوبية الذي وصفته بأنه "المهندس الرئيسي لاستراتيجية الجدار" إنه "لا توجد سابقة في التاريخ لهذا الجدار".
وأكدت الوكالة أن الجدار "الذي يتكون من مئات النقاط القوية المتباعدة. حوالي 2 ميل على طول السد الرملي المرتفع. كل نقطة قوية تحمي جارتها بنيران متداخلة بينما تم نشر وحدات ميكانيكية صغيرة في مكان قريب لاعتراض أي مقاتل من البوليساريو يتمكنون من الوصول إلى الجدار".
وقال بناني "هنا يكمن جمال كل شيء، وبوسائل قليلة، نحافظ على قوة كافية على طول الجدار. فهو يلزم جبهة البوليساريو بالاشتباك مع قواتنا بشروطنا".
وأشارت الوثيقة أن المرة الأخيرة التي "قيل فيها إن جنود البوليساريو حاولوا اختراق الجدار بقوة كانت في أكتوبر الماضي (1984)، عندما أثبتت القوات المغربية وجهة نظر الجنرال (بناني) بكفاءة مميتة". وأوضحت أنه عندما اقتربت ميليشيات البوليساريو من الجدار "وقعت في تبادل لإطلاق النار أدى إلى مقتل العشرات منها وتدمير أو الاستيلاء على أكثر من عشرين مركبة" من طرف القوات المغربية.
وقلب الجدار الرملي الموازين، إذ أن مقاتلي البوليساريو لم يعودوا يجرؤون على الاقتراب منه، ومنذ ذلك الحين، تقول القيادة المغربية، إن المقاتلين ظلوا على مسافة منهم، والاكتفاء بمضايقتهم أحيانًا بالقذائف، ثم يتراجعون سريعًا قبل أن يتتبع الرادار المغربي موقعهم.
وأكدت الوثيقة أنه قبل سنة واحدة كانت جبهة البوليساريو تتحدث عن سيطرتها على ثلثي الصحراء، لكن "عندما يكمل المغرب جداره الرملي يقول خبراء عسكريون غربيون إن المتمردين سيسيطرون على أقل من ثلث المستعمرة الإسبانية السابقة".
وجذب الجدار حسب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "انتباه الخبراء العسكريين الأمريكيين والسوفيات" باعتباره أحد "التطبيقات الناجحة للتكنولوجيا ضد تمرد العصابات"، وتابعت "لم تكشف السلطات المغربية عن تكلفة بناء الجدار، لكن الخبراء العسكريين الغربيين يقدرون التكلفة بـ 10 ملايين دولار".
وقال الجنرال بناني "لقد تغيرت طبيعة التمرد. في السابق كان الأمر يتعلق بمتمردين راجلين وفي سيارات جيب. والآن أصبح الأمر يتعلق باستخدام المتمردين للدبابات وصواريخ سام-6. لقد تم تكييف الجدار ليتلاءم مع الوضع الجديد".
وأضاف بناني إن "دفاعنا يتمثل في إعادة البوليساريو إلى قواعدها. إننا نريد وقف الحرب، وليس إشعالها".
ومن فوائد الجدار الرملي حسب الوكالة الأمريكية "الحد من التوترات وعدم اليقين الاقتصادي في جنوب المغرب. وفي مدينة العيون الساحلية، التي كانت حتى العام الماضي هدفًا متكررًا لهجمات البوليساريو، تم افتتاح نادي بحري يد جديد (..) يضم الغوص تحت الماء ورحلات ليلية بسيارات الجيب في الصحراء".