تشير وثيقة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، تعود لشهر فبراير من سنة 1987، رفعت عنها السرية في شهر غشت من سنة 2012، إلى أن الحرب بين الجزائر والمغرب كان من الممكن أن تندلع في أي لحظة، رغم أن قادة البلدين يعملان على تجنبها نظرا لنتائجها الكارثية، واستحالة انتصار بلد على الآخر.
وتشير الوثيقة المعنونة بـ"المغرب - الجزائر: العيش القرب حافة الهاوية"، إلى أن المشكل الرئيسي بين البلدين هو نزاع الصحراء الغربية، وقالت إن "حرب الصحراء الغربية تمنع تطبيع العلاقات بين البلدين، وتؤدي إلى تفاقم انعدام الثقة المتبادلة بينهما، وتبقي قواتهما قريبة من بعضها البعض بشكل خطير".
وأكدت الوكالة أن البلدين غير مستعدين لتقديم "تنازلات كبيرة" مضيفة "يكاد يكون من المؤكد أن الجزائر ستواصل حملتها الدبلوماسية الطويلة الأمد لعزل المغرب إلى أن تقبل الرباط إجراء مفاوضات جادة مع قادة جبهة البوليساريو. وبالتالي، فإننا لا نرى احتمالاً كبيراً للتوصل إلى حل دبلوماسي. ونعتقد أن إطالة أمد حرب الصحراء الغربية سيدفع الجزائر والمغرب في بعض الأحيان إلى الاقتراب من الأعمال العدائية".
وواصلت الوثيقة أنه "نظراً لعدم وجود ما يمكن أن يقدموه لجهودهم الدبلوماسية، فقد يحاول الجزائريون المحبطون بشكل متزايد استخدام ما يكفي من القوة" لدفع المغرب للتخلي عن مواقفه، وأضافت "سوف تنخرط الجزائر على الأقل في سياسة حافة الهاوية نيابة عن جبهة البوليساريو".
وتشير الوثيقة إلى أن الجزائر نهجت سياسة "حافة الهاوية" في عام 1984، إذ قامت " ونصبت كميناً لدورية حدودية مغربية، كانت تطرد بقوة مقاتلي البوليساريو من معاقلهم في الصحراء الغربية"، و"بمجرد اتخاذ خيار الانخراط في سياسة حافة الهاوية، فإن خطر وقوع اشتباك مسلح سيكون مرتفعاً، مع احتمال كبير بأن يشرع المغرب والجزائر في سلسلة من الغارات والمناوشات. حدث هذا في عام 1963، عندما خاضوا سلسلة من الاشتباكات على طول حدودهم الوسطى، ومرة أخرى في عام 1976، عندما خاضوا معركتين في الصحراء الغربية".
وتوضح الوثيقة أن البلدين كانا على شفا الحرب عدة مرات، كان آخرها في ربيع عام 1984. وفي ذلك العام، "طردت القوات المغربية جبهة البوليساريو من جميع معسكراتها تقريبا في الصحراء الغربية"، وقامت الجزائر بإرسال طائرات عسكرية للأجواء المغربية، وقبل ذلك "وفي عام 1976، تم طرد القوات الجزائرية من منطقة أمغالا بالصحراء الغربية بعد معركتين مع القوات المغربية"، بحسب ذات المصدر.
وتواصل الوثيقة أن "الإستراتيجية المغربية المتمثلة في إقامة سياج ترابي في معظم أنحاء الصحراء الغربية منحت الرباط سيطرة عسكرية حازمة على معظم الأراضي المتنازع عليها، وأعاقت قوات البوليساريو، وخففت الضغط على الحسن (الثاني) للتفاوض، من وجهة نظرنا".
ونقلت الوكالة عن "مسؤول كبير في الحكومة الجزائرية" قوله للسفير الأمريكي "إن الجزائر كانت حريصة على التوصل إلى تسوية تحفظ ماء الوجه، لكن "حسن (الحسن الثاني) لعب فقط الألاعيب". وقال إن الجزائر لا تستطيع تحمل خسارة جبهة البوليساريو للحرب بشكل كامل".
وحذرت الوثيقة من أن الجزائر قد ترد على فعالية الجدار الرملي المغربي عن طريق إرسال عدد قليل من الكتائب المدرعة أو الطائرات الجزائرية "لمساعدة البوليساريو في إحداث ثقوب كبيرة في الجدار الرملي. وربما تكون الجزائر مترددة عن اتخاذ أي من هذه الخطوات في الوقت الحاضر بسبب المخاطر الكبيرة التي قد تؤدي إلى حرب جزائرية مغربية مباشرة".
بالمقابل قالت الوثيقة إنه يمكن للمغرب "شن غارات جوية على معسكرات البوليساريو قرب تندوف. ستكون المفاجأة ضرورية لتجنب الصواريخ الاعتراضية وصواريخ أرض جو الجزائرية في المنطقة، وبالتالي لا نتوقع ضربات كبيرة أو متكررة. ويمكن تنفيذ كل من هذه التدابير بنجاح ضمن القدرات الحالية. ومع ذلك، لن يتم تحقيق بعضها إلا من خلال الاستخدام المتزامن للمفاجأة، ولا يمكن تكرارها بانتظام".